فلاشات نوروزية

غسان جان كير

لا يشك عاقل , وحتى غير العاقل , بان الطبيعة , تُناصر مَن يُناصرها , وتحتفي , بمنَ يحتفي بجمالها وألوانها , وتُآزر مَن يحتفل بالانتصار , على مَن عاث فيها الفساد.
ولا يشك العاقل , وحتى غير العاقل , بأن الاحتفاء , بمهرجانات (مُستحدثة) , تتوزع على كامل الخريطة السورية , مع التجاهل المُتعمد , لمهرجان (النوروز) , يُشبه حجب الشمس , بالغربال.

ولا يشك العاقل , وحتى غير العاقل , بأن مهرجان (النوروز), كما غيره من المهرجانات الغير مُعترف بها , ستتحول – ولو بعد حين – إلى أعياد وطنية في سوريا , ترعاها الحكومة , و تقوم البلديات , في الأماسي , بحفلات الألعاب النارية , وببناء المسارح في النهار.
أن الرموز الكثيرة , لهذا المهرجان , أكثر مِن أن تُحصى , فإن كان يرمز , إلى التخلص من الطغيان والاستبداد , فمن ذا الذي لا يحب مشاعل الثورة والنور.
وإن كان يرمز إلى الطبيعة والطقس , فمن ذا الذي لا يدرك اختلاف اليوم الذي قبله , عن الذي بعده .
وإن كان يرمز إلى التخلص من برد الشتاء , فمن ذا الذي لا يحب الدفء , وقد بات إشعال المدفأة ترفاً.
وإن كان يرمز إلى عيد الأم , ويقترن به , فمن ذا الذي يُنكر, بان الطبيعة هي أمنا الأولى , ومن ذا الذي لا يدرك أوجه التشابه , بين الطبيعة , وأمهاتنا , ومن ذا الذي يحب أن يكون عاقا.
وإن كان يرمز إلى جود الطبيعة , واخضرارها , وبما تعده لنا من الطيبات , فمن ذا الذي لا يحب , التوحد , مع ألوانها (القوس قزحية) , أو مُجاراة كرمّها , بإقامة اكبر حفلة شواء , إن استدانة للنقود , أو إعانة من ولد يعمل كرسونا , في مطاعم دمشق وما حولها , أو تقشفاً , وشد الحزام على البطون , تُطبقه أمهاتنا علينا , كما طبقته الحكومة من قبلهن , فنعيش جوعا على جوع , ونعد الأيام , تلهفاً , بِمَقْدَم , نوروز , علّنا نشبع (كباباً) , فإن لم نستطع إلى ذلك سبيلا , فلا بأس , بدجاجة مسلوقة , على برغل (كردي) , و مَن لم يصب كباباً أصاب رائحته .
وإن كان مهرجان النوروز يرمز , إلى يوم المسرح والموسيقى والرقص , فمن ذا الذي يكره إبداعا يُخلق وسط إمكانات شبه معدومة .
وإن كان المهرجان يرمز , إلى الحب والجمال , فمن ذا الذي , لا يسر , برؤية ابتسامة وسلام , خاطفين , تُلقيها الفتاة , على حبيبها خجلاً , أو خوفاً من أخيها , الذي تلقى , هو أيضا ابتسامة و سهاماً أصابت قلبه , من حبيبته بشكلٍ عاجل أيضا , خوفا أو خجلاً من أخيها , الذي لاحظ ارتباك حبيبته , وهي تُسرع الخُطى , ألا يراها أخوها , وهكذا ….. , فمن لم يداعبه الحب , في باقي أيام السنة , لا بد أن يُداعبه , في هذا المعرض من الزهور البشرية .  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم اليوسف

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…