أيام جميلة في آمد (ديار بكر) (2) مكتبة محمد أوزون

سيامند إبراهيم
siyamendbrahim@gmail.com

       ها أنت أيها الميزوبوتامي, ياعاشق قلب دجلة الخالد, عاشق ديار بكر الحزين تستريح على ضفة دجلة تسامر النجوم والأفلاك ونتساءل معك عن كل هذا السحر الدفين في أعماق جزيرة بوطان, وهل تدري لماذا طارت الحبارى بعيداً تعلو مع أمانينا مع أحلام دجلة الجريح, لكن أنت أيها الميزوبوتامي ضمدت جراحاتنا وجراحات دجلة وأشفقت على مويجاته وانسياباتها وهي تجري بعنفوان عالية الجبين لا تئن ولا تتعب من ومضات التاريخ وشهقات آلام مبرحة.
نم مستريحاَ على سرير دجلة, فها هم بلدية ديار بكر (آمد) أقاموا صرحاً حضارياً رائعاً ووسموه باسمك, وها هي نسائم الثقافة التي ناضلت, وناضل عشرات الشهداء لكي يتم الاعتراف بهذا الثقافي الميدي, وهاهي صورتك وقاعتك تختال وتستقبل كل طلاب العلم في ديار بكر, وتركيا, وها هي زوجتك الوفية تهدي جميع مكتبتك الشخصية التي كانت في السويد إلى مكتبة محمد أوزون في ديار بكر, وقد هي لاتقدر بثمن, وخاصة الأعداد الأصلية لمجلة (هاوار التي كان يصدرها العلامة جلادت بدرخان, وهي تشع بنور حروفها اللاتينية, وبجمال إبداعات جلادت, كاميران, أوصمان صبري, حسن هشيار, قدري جان, جكرخوين, نور الدين ظاظا, وغيرهم من المبدعين الذي أناروا الظلام الكردي المقموع بنور المعرفة, أجل وها هي  رواياتك الخالدة تتلألىء على الرفوف, ها هو أرشيفك الكردي من هاوار, مئات من كتبك التركية والسويدية والكردية تتكئ وتستريح بعد ظلمات الليل, أجل إنه الدم الذكي الذي روى هذه البقاع وحقق ما حقق من وجود هذا الميزوبوتامي.

المبنى العام لمكتبة الروائي الكردي (محمد أوزون)


الكاتب سيامند ابراهيم , في احد أقسام المكتبة


قاعة المطالعة

ومن قسم الروائي محمد أوزون تنتقل إلى أقسام أخرى لتجد شخصيات كردية قد أهدت مئات الكتب والمجلات والجرائد الكردية والتركية إلى هذه المكتبة وقد قامت إدارة هذه المكتبة بعرض أسمائهم وصورهم خارج المكتبة.

إنها حلم كل مثقف وكاتب كردي يدخل مكتبة ديار بكر ويرى مئات الكتب الكردية تتكئ على الرفوف إلى جانب الكتب التركية, إن حلم تحقق أن تقرأ رواية أو مجلة كردية وتطلبها من أمين المكتبة مباشرة, كم تأثرت وغص قلبي, وأتذكر قمع وتهميش الكتاب الكردي وقمع المثقف الكردي في وطني سوريا, وأقول كم هو جميل أن تدخل المكاتب السورية وترى الكتب الكردية مرصوفة على الرفوف تعانق أخوتها الكتب العربية, لأن الحضارة العربية الإسلامية هي نتاج كل الشعب ولا يختص بشعب واحد, فالحضارة هي أن تعترف وتقر بوجود الآخر الذي يشاركك السراء والضراء في الوطن, وتذكرت الشعراء احمد شوقي, عباس محمود العقاد, احمد أمين, محمد كرد علي, معروف الرصافي, قاسم وغيرهم ممن أبدعوا في رحاب اللغة العربية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

ولد الكاتب والصحفي والمناضل الكوردي موسى عنتر، المعروف بلقب “آبي موسى” (Apê Musa)، عام 1918 في قرية “ستليلي” الواقعة قرب الحدود السورية، والتابعة لمدينة نصيبين في شمال كوردستان. ترعرع يتيماً بعد أن فقد والده في صغره، فحمل في قلبه وجع الفقد مبكراً، تماماً كما حمل لاحقاً وجع أمّته.

بدأ دراسته في مدارس ماردين، ثم انتقل…

أسدل يوم أمس عن مسيرتي في مجلة “شرمولا” الأدبية الثقافية كمدير ورئيس للتحرير منذ تأسيسها في أيلول 2018، لتبدأ مسيرة جديدة وسط تغييرات وأحداث كبرى في كُردستان وسوريا وعموم منطقة الشرق الأوسط.

إن التغييرات الجارية تستدعي فتح آفاق جديدة في خوض غمار العمل الفكري والأدبي والإعلامي، وهي مهمة استثنائية وشاقة بكل الأحوال.

 

دلشاد مراد

قامشلو- سوريا

19 أيلول 2025م

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…