عمار ابو عابد
يعمل الفنان وائل رمضان في مشروعه الإخراجي على ثيمة الحب. لأنه يرى فيه جوهر كل شيء، فكما العلاقة الزوجية والصداقة لا تنجحان من دون حب، كذلك العمل الفني. فعندما يحب الفنان ما يعمل عليه، فإن هذا الإحساس ينتقل مباشرة إلى الجمهور، وينتج في محبة الجمهور لهذا العمل.
وائل رمضان كمخرج يراهن على إحساس الممثل في إيصال الحالة إلى المشاهد، وهو لا يعطي أهمية كبيرة للتنظير في العمل الفني، لأن النيات الطيبة وحدها لا تنتج عملاً جيداً، فالمسلسل التلفزيوني فن يعتمد بدرجة كبيرة على أداء الممثل، فإن أحسن الممثل الأداء وإن أحسن المخرج توظيف طاقة الممثل، فلا بد أن يحب الجمهور العمل، وإن حصل ذلك، فإن رسالة العمل ستصل إلى الناس بالتأكيد.
وائل رمضان يستكمل الآن تصوير مشاهد عمله الجديد (آخر أيام الحب) من تأليف هاني السعدي، وبطولة سلاف فواخرجي وياسر جلال، وتنتجه شركتا (أوسكار) و(أفلام محمد فوزي) المصريتان، وينفذ الإنتاج في سورية وائل سويدان. أما المشاركون فهم نخبة من الفنانين السوريين والمصريين، في مقدمتهم: فارس الحلو، منى واصف، محمود الجندي، رفيق سبيعي، حنان مطاوع، نجاح حفيظ، زيزي البدراوي، فادي صبيح، ميلاد يوسف، وآخرون.
ِّ عملك الإخراجي الجديد تدور أحداثه في فترة الوحدة السورية المصرية، هل هناك دلالة ما لاختيار هذه الفترة؟.
ِِّّ مرحلة الوحدة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات كانت معبأة بالحس القومي والإنساني والعاطفي على جميع المستويات لدى المواطن العربي. وعندما أتناول عملاً اجتماعياً في زمن الوحدة، إنما أستعيد ذلك الحماس والشعور القومي المتأجج، ولاسيما أن تلك المرحلة تخص كل عربي، لأنها تمثل ذروة الشعور القومي، بما كان لها من انعكاسات كبيرة على المواطنين العرب في جميع أقطارهم.
ِّ ما هي المساحة التي سيفردها العمل للحدث السياسي؟.
ِِّّ لن نتحدث في الجانب السياسي، ولا في ردود الفعل السياسية التي ولدتها الوحدة ونتائجها، فالحدث السياسي سيكون في خلفية الأحداث الاجتماعية للقصة، فنحن سنتحدث عن الناس والعلاقات الاجتماعية التي تطورت في ظل الوحدة، بين الشعبين الشقيقين، وكيف استطاع جمال عبد الناصر أن يوجد حالة من الاندماج والتمازج على جميع المستويات، مما أعاد للأذهان بأن الشعب العربي في سورية ومصر شعب واحد. وهذا تحديداً ما نحاول تقديمه في هذا العمل، من خلال قصة حب بدأت في زمن الوحدة، وعاشت مأساة الانفصال، ومن ثم سقوطه. حيث تسير أحداث القصة بالتوازي مع الحدث السياسي، دون أن نشير إلى ذلك صراحة.
لا تغريني السياسة
ِّ عملك الإخراجي الجديد تدور أحداثه في فترة الوحدة السورية المصرية، هل هناك دلالة ما لاختيار هذه الفترة؟.
ِِّّ مرحلة الوحدة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات كانت معبأة بالحس القومي والإنساني والعاطفي على جميع المستويات لدى المواطن العربي. وعندما أتناول عملاً اجتماعياً في زمن الوحدة، إنما أستعيد ذلك الحماس والشعور القومي المتأجج، ولاسيما أن تلك المرحلة تخص كل عربي، لأنها تمثل ذروة الشعور القومي، بما كان لها من انعكاسات كبيرة على المواطنين العرب في جميع أقطارهم.
ِّ ما هي المساحة التي سيفردها العمل للحدث السياسي؟.
ِِّّ لن نتحدث في الجانب السياسي، ولا في ردود الفعل السياسية التي ولدتها الوحدة ونتائجها، فالحدث السياسي سيكون في خلفية الأحداث الاجتماعية للقصة، فنحن سنتحدث عن الناس والعلاقات الاجتماعية التي تطورت في ظل الوحدة، بين الشعبين الشقيقين، وكيف استطاع جمال عبد الناصر أن يوجد حالة من الاندماج والتمازج على جميع المستويات، مما أعاد للأذهان بأن الشعب العربي في سورية ومصر شعب واحد. وهذا تحديداً ما نحاول تقديمه في هذا العمل، من خلال قصة حب بدأت في زمن الوحدة، وعاشت مأساة الانفصال، ومن ثم سقوطه. حيث تسير أحداث القصة بالتوازي مع الحدث السياسي، دون أن نشير إلى ذلك صراحة.
لا تغريني السياسة
ِّ ولكن ألا تشكل الأحداث التاريخية في ذلك الوقت إغراء لتناولها درامياً؟.
ِِّّ أنا شخصياً لا تغريني، ويهمني أكثر ما وراء الحدث السياسي، وتبعاته على المستوى الاجتماعي والإنساني.
ِّ ما هي المقولة التي يرمي إليها العمل؟.
ِِّّ مقولات العمل تكمن في التفاصيل، ولا تعلن عن نفسها صراحة، فالمباشرة تفسد الفن. لكننا نركز على ثيمة الحب، الذي هو أساس كل شيء في العلاقات الإنسانية، وحتى في السياسة والاقتصاد برأيي، ونتبنى فكرة أن الحب واستمراريته مهمان لإقامة علاقات صحية على مستوى الأشخاص والدول.
ِّ هل تسرب لنا بعض تفاصيل الحكاية؟.
ِِّّ بطلة العمل فتاة سورية تضطر للهروب من مكان لآخر بسبب ظروف معينة، وتتعرف بالمصادفة في مدينة اللاذقية على شاب مصري، يعاني من بعض المشكلات، تضطره للهروب أيضاً، وتبدأ بينهما علاقة إعجاب، تتطور إلى زواج، تثمر عن طفل، لكن الزوج يضطر إلى هجر زوجته، والعودة فجأة إلى القاهرة، مما يصدمها، وتدخل في صراعات مع محيطها لكي تدافع عن وجودها وابنها، وتجري الأحداث إلى أن يلتقيا من جديد بعد عشرين عاماً. هذا باختصار الخط الرئيس في العمل، وهناك تشعبات وقصص أخرى كثيرة.
كيف أحقق التميز؟
ِّ لاحظت خلال التصوير أنك تفسح أمام الممثل مجالاً واسعاً للاجتهاد، فهل هو نوع من التعاطف مع الممثل تمليه عليك خبرتك كممثل؟ أم الهدف من ذلك تعميق الصدق في الأداء؟.
ِِّّ هذا الموضوع هو منهج عملي كمخرج. فمع قناعتي بأن تقديم تكنيك مثل التكنيك المعتمد في فيلم (ماتركس) على سبيل المثال صعب ولا يمكن تجاوزه بإمكاناتنا المتوفرة، يجعلني ألتفت إلى أمر آخر يمكن أن أحقق فيه التميز، وهو العمل على إحساس الممثل.
ِّ إحساس الممثل مهم بلا شك، ولكن لماذا تقطع الأمل في القدرة على الوصول إلى مستوى عالٍ من التكنيك؟.
ِِّّ هناك ذهنية معينة وصلوا إليها في الغرب، وصار من الصعب تجاوزها، فهم لديهم رؤية مختلفة للأشياء، لها علاقة بتطور فني هائل، وليس بفورة إنتاجية تلفزيونية لم يتجاوز عمرها عشرين سنة، ولا مئة سنة كما في مصر، وقناعتي أنه لا أنا ولا غيري من المخرجين العرب نستطيع أن نصل إلى هذا المستوى في الوقت الحالي، لأن ذلك يتطلب رؤوس أموال كبيرة جداً.
ِّ وماذا عن أسلوبك كمخرج؟
ِِّّ أحجام اللقطات ثابتة عالمياً، ولا يمكن تقديم الكثير في هذا المجال، وما يستطيع المخرج أن يعمل عليه برأيي هو إحساس الممثل، وهو ما يوصله إلى المشاهد، لأن المشاهد يهمه الممثل إن كان صادقاً أم لا، وهل يؤدي دوره بشكل مقنع، وهل يدفع المشاهدين للتعاطف معه أم لا. أما كيف أخذت اللقطة وجمالية المكان، فإنها تأتي في المقام الثاني، رغم أهميتها في العمل الفني.
ألعب مع المشاهد
ِّ هل أفادتك خبرتك كممثل في تجاربك كمخرج؟.
ِِّّ بلا شك، فأنا أفترض نفسي دائماً في موقع الممثل. ولكني لا أجبره على الالتزام بوجهة نظري، وإنما أقترح عليه، فإما أن يتبنى اقتراحي أو يرفضه. التمثيل ليس معادلة كيميائية بل هو أبسط بكثير وأعقد بكثير في الوقت نفسه. المسألة ببساطة أنني عندما أحاول أن أمثّل سيشعر المشاهد أنني أمثّل. بينما إن لعبت واستمتعت باللعبة، يستمتع معي المشاهد. فأنت عندما ترى طفلاً يلعب وهو مستمتع باللعبة، تعود بذاكرتك إلى أيام طفولتك وتستمتع معه باللعبة، وتتورط معه بها دون أن تدري. وهذه أخت هذه.
ِّ كلامك يقودني إلى استنتاج، بأنك ترى أن أداء الممثل أهم من الأفكار التي يطرحها العمل؟.
ِِّّ لا أقول إن المعنى والمغزى في العمل الدرامي ليس مهماً، بل هو أمر جوهري. ولكني أرى أن أداء الممثل هو ما يجذب المشاهد، فإن تضمن العمل أفكاراً، فإنها تصل لهذا المشاهد دون عناء، وبطريقة غير مباشرة، فالعمل الفني الجيد هو الذي لا تبدو أثار الصنعة فيه. وبالتالي فإن العمل الممتلئ بالأفكار لا يصل للمشاهد إن لم يكن في سوية فنية جيدة. وهناك أعمال كثيرة خاوية من أي مضمون ثقافي، لكنها وصلت إلى المشاهد وتابعها الناس بشغف، لأنهم أحبوا أداء الممثلين فيها. وهناك من المثقفين من يفسر ذلك بأن الذوق العام أفسد، لكني أختلف معهم في ذلك، لأنهم يبحثون عما يطرحه العمل من أفكار، ولا ينتبهون إلى الحس العالي لأداء الممثلين والذي يكمن فيه سر محبة الناس لهذا العمل أو ذاك، وآخر مثال على ذلك هو شغف الناس بالمسلسلات التركية المدبلجة.
ِّ بعض الناس يتابعون هذه الأعمال بسبب رومانسيتها.
ِِّّ صحيح، فالرومانسية تعني الأحاسيس والمشاعر والحب، بينما نحن منذ نهاية الثمانينيات لم نقدم إلا الحروب والصراعات والقتل والعنف في أعمالنا. فافتقد المشاهد للرومانسية على الشاشة.
بالإخراج أحقق أفكاري
ِّ هذا هي التجربة الرابعة لك كمخرج ، ما الذي يتيحه لك الإخراج كفنان ولا يتيحه لك التمثيل؟.
ِِّّ عندما أعمل كممثل مع المخرجين، فأنا أساهم في تحقيق مشاريعهم، أما عندما أقوم بالإخراج فإني أحقق مشروعي وأفكاري، وهذا يرضيني أكثر في هذه المرحلة من عملي الفني.
ِّ الإخراج يتطلب تفرغاً، وهو عمل طويل ومجهد، ألا تخشى أن يؤثر عملك في الإخراج على حضورك كممثل على الشاشة، بعد أربعة عشر عاماً من التمثيل؟.
ِِّّ بالتأكيد سيؤثر توجهي للإخراج على حضوري كممثل، ولكني مقتنع به، وأستمتع به كما أستمتع بالتمثيل، ولست مضطراً لتقديم عشرة أعمال في السنة كممثل، وإن نجحت في عملي كمخرج، فإنني سأقدم عملاً واحداً في العام كممثل، أختاره بعناية وأقدم نفسي من خلاله بشكل يرضيني ويمتعني.
ِّ ماذا في جعبتك من مشاريع جديدة؟
ِِّّ بعد إنجاز (آخر أيام الحب)، سأستعد لمشروع جديد أحضر له منذ سنتين، وهو مسلسل عن (كليوباترا)، حيث سأقدمها من وجهة نظر مختلفة، وستؤدي الدور سلاف فواخرجي، إلى جانب عدد من النجوم السوريين والعرب ونجمين عالميين. وهو من إنتاج مصري وتعاون فني سوري مصري.
زوجتي أمام الكاميرا ممثلة
ِّ هذه هي المرة الثالثة التي تقف فيها سلاف أمامك كمخرج، بصراحة هل من السهل أن يتعامل الزوج المخرج مع زوجته، كممثلة؟.
ِِّّ سؤالك هذا يشير إلى العلاقة التي تربطني بسلاف، وهي علاقة تتعدى موضوع الزوج والزوجة، إلى حالة من الصداقة العميقة، فنحن أصدقاء قبل أن نكون زوجين، وهذا يلقي بظلاله على علاقة العمل بيننا، ففي لحظات معينة خلال التصوير كنت أنسى أنها زوجتي، وأقسو عليها أحياناً، حتى جاءني بعض الزملاء ليذكروني بأنها حامل، وينبهوني إلى القسوة التي أتعامل بها معها كممثلة.
ِّ تناقلت بعض الصحف ومواقع الانترنت، أخبار حمل سلاف، وقالت بعضها إن ذلك سيؤثر على سير العمل، وأنك تحاول أن تكثف مشاهدها، فماذا تقول عن ذلك؟.
ِِّّ القسم الأكبر من مشاهد سلاف تم تصويرها خلال الشهرين الأول والثاني من الحمل، وللمصادفة المحضة فإن الشخصية التي تلعبها تمر أيضاً بمرحلة الحمل، مما دعاني لتأخير بعض المشاهد لسلاف إلى أن تظهر عليها أعراض الحمل، فأستفيد من ذلك لأجعل الأداء أكثر صدقاً. فأنا إذاً أخّرت مشاهد سلاف ولم أعجل بها، بعكس ما يقولون، ولكن يبدو أن هناك من يحب المشاغبة على الآخرين عندما يراهم يعملون. وأنا أشكرهم على ذلك لأنهم يقدمون لنا دعاية مجانية وخدمات ممتازة.
ammar.abuabed@gmail.com
-صحيفة تشرين -ألوان
ِّ ولكن ألا تشكل الأحداث التاريخية في ذلك الوقت إغراء لتناولها درامياً؟.
ِِّّ أنا شخصياً لا تغريني، ويهمني أكثر ما وراء الحدث السياسي، وتبعاته على المستوى الاجتماعي والإنساني.
ِّ ما هي المقولة التي يرمي إليها العمل؟.
ِِّّ مقولات العمل تكمن في التفاصيل، ولا تعلن عن نفسها صراحة، فالمباشرة تفسد الفن. لكننا نركز على ثيمة الحب، الذي هو أساس كل شيء في العلاقات الإنسانية، وحتى في السياسة والاقتصاد برأيي، ونتبنى فكرة أن الحب واستمراريته مهمان لإقامة علاقات صحية على مستوى الأشخاص والدول.
ِّ هل تسرب لنا بعض تفاصيل الحكاية؟.
ِِّّ بطلة العمل فتاة سورية تضطر للهروب من مكان لآخر بسبب ظروف معينة، وتتعرف بالمصادفة في مدينة اللاذقية على شاب مصري، يعاني من بعض المشكلات، تضطره للهروب أيضاً، وتبدأ بينهما علاقة إعجاب، تتطور إلى زواج، تثمر عن طفل، لكن الزوج يضطر إلى هجر زوجته، والعودة فجأة إلى القاهرة، مما يصدمها، وتدخل في صراعات مع محيطها لكي تدافع عن وجودها وابنها، وتجري الأحداث إلى أن يلتقيا من جديد بعد عشرين عاماً. هذا باختصار الخط الرئيس في العمل، وهناك تشعبات وقصص أخرى كثيرة.
كيف أحقق التميز؟
ِّ لاحظت خلال التصوير أنك تفسح أمام الممثل مجالاً واسعاً للاجتهاد، فهل هو نوع من التعاطف مع الممثل تمليه عليك خبرتك كممثل؟ أم الهدف من ذلك تعميق الصدق في الأداء؟.
ِِّّ هذا الموضوع هو منهج عملي كمخرج. فمع قناعتي بأن تقديم تكنيك مثل التكنيك المعتمد في فيلم (ماتركس) على سبيل المثال صعب ولا يمكن تجاوزه بإمكاناتنا المتوفرة، يجعلني ألتفت إلى أمر آخر يمكن أن أحقق فيه التميز، وهو العمل على إحساس الممثل.
ِّ إحساس الممثل مهم بلا شك، ولكن لماذا تقطع الأمل في القدرة على الوصول إلى مستوى عالٍ من التكنيك؟.
ِِّّ هناك ذهنية معينة وصلوا إليها في الغرب، وصار من الصعب تجاوزها، فهم لديهم رؤية مختلفة للأشياء، لها علاقة بتطور فني هائل، وليس بفورة إنتاجية تلفزيونية لم يتجاوز عمرها عشرين سنة، ولا مئة سنة كما في مصر، وقناعتي أنه لا أنا ولا غيري من المخرجين العرب نستطيع أن نصل إلى هذا المستوى في الوقت الحالي، لأن ذلك يتطلب رؤوس أموال كبيرة جداً.
ِّ وماذا عن أسلوبك كمخرج؟
ِِّّ أحجام اللقطات ثابتة عالمياً، ولا يمكن تقديم الكثير في هذا المجال، وما يستطيع المخرج أن يعمل عليه برأيي هو إحساس الممثل، وهو ما يوصله إلى المشاهد، لأن المشاهد يهمه الممثل إن كان صادقاً أم لا، وهل يؤدي دوره بشكل مقنع، وهل يدفع المشاهدين للتعاطف معه أم لا. أما كيف أخذت اللقطة وجمالية المكان، فإنها تأتي في المقام الثاني، رغم أهميتها في العمل الفني.
ألعب مع المشاهد
ِّ هل أفادتك خبرتك كممثل في تجاربك كمخرج؟.
ِِّّ بلا شك، فأنا أفترض نفسي دائماً في موقع الممثل. ولكني لا أجبره على الالتزام بوجهة نظري، وإنما أقترح عليه، فإما أن يتبنى اقتراحي أو يرفضه. التمثيل ليس معادلة كيميائية بل هو أبسط بكثير وأعقد بكثير في الوقت نفسه. المسألة ببساطة أنني عندما أحاول أن أمثّل سيشعر المشاهد أنني أمثّل. بينما إن لعبت واستمتعت باللعبة، يستمتع معي المشاهد. فأنت عندما ترى طفلاً يلعب وهو مستمتع باللعبة، تعود بذاكرتك إلى أيام طفولتك وتستمتع معه باللعبة، وتتورط معه بها دون أن تدري. وهذه أخت هذه.
ِّ كلامك يقودني إلى استنتاج، بأنك ترى أن أداء الممثل أهم من الأفكار التي يطرحها العمل؟.
ِِّّ لا أقول إن المعنى والمغزى في العمل الدرامي ليس مهماً، بل هو أمر جوهري. ولكني أرى أن أداء الممثل هو ما يجذب المشاهد، فإن تضمن العمل أفكاراً، فإنها تصل لهذا المشاهد دون عناء، وبطريقة غير مباشرة، فالعمل الفني الجيد هو الذي لا تبدو أثار الصنعة فيه. وبالتالي فإن العمل الممتلئ بالأفكار لا يصل للمشاهد إن لم يكن في سوية فنية جيدة. وهناك أعمال كثيرة خاوية من أي مضمون ثقافي، لكنها وصلت إلى المشاهد وتابعها الناس بشغف، لأنهم أحبوا أداء الممثلين فيها. وهناك من المثقفين من يفسر ذلك بأن الذوق العام أفسد، لكني أختلف معهم في ذلك، لأنهم يبحثون عما يطرحه العمل من أفكار، ولا ينتبهون إلى الحس العالي لأداء الممثلين والذي يكمن فيه سر محبة الناس لهذا العمل أو ذاك، وآخر مثال على ذلك هو شغف الناس بالمسلسلات التركية المدبلجة.
ِّ بعض الناس يتابعون هذه الأعمال بسبب رومانسيتها.
ِِّّ صحيح، فالرومانسية تعني الأحاسيس والمشاعر والحب، بينما نحن منذ نهاية الثمانينيات لم نقدم إلا الحروب والصراعات والقتل والعنف في أعمالنا. فافتقد المشاهد للرومانسية على الشاشة.
بالإخراج أحقق أفكاري
ِّ هذا هي التجربة الرابعة لك كمخرج ، ما الذي يتيحه لك الإخراج كفنان ولا يتيحه لك التمثيل؟.
ِِّّ عندما أعمل كممثل مع المخرجين، فأنا أساهم في تحقيق مشاريعهم، أما عندما أقوم بالإخراج فإني أحقق مشروعي وأفكاري، وهذا يرضيني أكثر في هذه المرحلة من عملي الفني.
ِّ الإخراج يتطلب تفرغاً، وهو عمل طويل ومجهد، ألا تخشى أن يؤثر عملك في الإخراج على حضورك كممثل على الشاشة، بعد أربعة عشر عاماً من التمثيل؟.
ِِّّ بالتأكيد سيؤثر توجهي للإخراج على حضوري كممثل، ولكني مقتنع به، وأستمتع به كما أستمتع بالتمثيل، ولست مضطراً لتقديم عشرة أعمال في السنة كممثل، وإن نجحت في عملي كمخرج، فإنني سأقدم عملاً واحداً في العام كممثل، أختاره بعناية وأقدم نفسي من خلاله بشكل يرضيني ويمتعني.
ِّ ماذا في جعبتك من مشاريع جديدة؟
ِِّّ بعد إنجاز (آخر أيام الحب)، سأستعد لمشروع جديد أحضر له منذ سنتين، وهو مسلسل عن (كليوباترا)، حيث سأقدمها من وجهة نظر مختلفة، وستؤدي الدور سلاف فواخرجي، إلى جانب عدد من النجوم السوريين والعرب ونجمين عالميين. وهو من إنتاج مصري وتعاون فني سوري مصري.
زوجتي أمام الكاميرا ممثلة
ِّ هذه هي المرة الثالثة التي تقف فيها سلاف أمامك كمخرج، بصراحة هل من السهل أن يتعامل الزوج المخرج مع زوجته، كممثلة؟.
ِِّّ سؤالك هذا يشير إلى العلاقة التي تربطني بسلاف، وهي علاقة تتعدى موضوع الزوج والزوجة، إلى حالة من الصداقة العميقة، فنحن أصدقاء قبل أن نكون زوجين، وهذا يلقي بظلاله على علاقة العمل بيننا، ففي لحظات معينة خلال التصوير كنت أنسى أنها زوجتي، وأقسو عليها أحياناً، حتى جاءني بعض الزملاء ليذكروني بأنها حامل، وينبهوني إلى القسوة التي أتعامل بها معها كممثلة.
ِّ تناقلت بعض الصحف ومواقع الانترنت، أخبار حمل سلاف، وقالت بعضها إن ذلك سيؤثر على سير العمل، وأنك تحاول أن تكثف مشاهدها، فماذا تقول عن ذلك؟.
ِِّّ القسم الأكبر من مشاهد سلاف تم تصويرها خلال الشهرين الأول والثاني من الحمل، وللمصادفة المحضة فإن الشخصية التي تلعبها تمر أيضاً بمرحلة الحمل، مما دعاني لتأخير بعض المشاهد لسلاف إلى أن تظهر عليها أعراض الحمل، فأستفيد من ذلك لأجعل الأداء أكثر صدقاً. فأنا إذاً أخّرت مشاهد سلاف ولم أعجل بها، بعكس ما يقولون، ولكن يبدو أن هناك من يحب المشاغبة على الآخرين عندما يراهم يعملون. وأنا أشكرهم على ذلك لأنهم يقدمون لنا دعاية مجانية وخدمات ممتازة.
ammar.abuabed@gmail.com
-صحيفة تشرين -ألوان