كبلبل رافل.. تهنئة بورد من دم و دموع

وليد حاج عبد القادر- دبي

وحدي أصارع ألماً أبى إلا أن يرقد في الصدر -منذ أيام- فيبزغ من وهجه دمعة حارة بحرارة هذ الصيف، انهمرت هذا الصباح، في عقدة متواصلة، على سرير المجابهة الفردية.. فغدتُ أصنع من اللاشيء هماً و غماً، فشيئاً، كمن جعلوا من الحبة قبباً.. و مرة أخرى يأبى الدمع إلا أن ينقشع..!
أجل وحدي أصارع ألماً و مرضاً لم أفش عنه، و لن أقولها صرخة مستغيثة ليعقبها صدى النجدة، و لو لمرة واحدة، على مدار الساعات الأربع و العشرين المخصصة لزيارة المرضى.
الأصحاب.. أية أصحاب.. ؟! الأصدقاء.. القلة القليلة التي تعي مداها؟!.. و الأدهى.. لا بل الأصح، ها قد عدنا إلى جاهليتنا، فاضحينا نصطاد بعضنا بعضاً كالحجل..!

 

أعلم مدى شعورك و ألمك لغيبتي، في يومك الجميل هذا، أعلم و أنا في خضم محنتي الصحية و حسرتي، لأنْ ألثم خدك، و أزين تاجك، بوردة بيضاء ناصعة، و أغطي وجهك ب((ser rika buke.. أجل فأنا بالكاد و على مرّ سني الغربة، أعلم واجباتي الأبوية تجاه بنتي العروس في يوم زفافها..!

 

أتحزز ألماً، أنقطع في داخلي -يا بنتي- ثم أوافقك الرأي على أنها، مسافة قصيرة، قد لا تمتد إلى أمتار, و لكنها في مداها و معناها آلاف الأميال.. أجل يا بنتي، فأنا أقدّر مدى فرحتك، و أتمناها أن تبقى عظيمة، كما لو أخذتك بيدك من دارك الأول و الأبدي إلى العربة التي ستقودك إلى منزلك الجديد.

 

أجل بنتي، أعلم أنك صباح الغد، و مع شروق الشمس، و كأية عروس بوطانية مع دموع فرحك ستترقبين (tashtiya sere sibihe).. ربّاه.. أبتاه…….. بنتي لم يعجز القلم في يدي كما هو عاجز الآن..!!

 

أجل، نعلم.. تعلمين.. و أعلم.. و لكن هل هم يعلمون..؟! هل هم يدركون شعور المغترب القسري.. انفعالاته.. أفراحه.. أحزانه.. و الجواب ببساطة يا بنتي الغالية: نعم، أنهم يعلمون بذلك، و لكن الفرق كبير بين العلم بشيء و الإحساس به..!!

 

بنتي الغالية، أعلم أنك مستوعبة للأمور.. و أعلم أن من حولك جدٌ، و أعمام، و أصدقاء أعتز بهم.. و ما أرجوه، هو أن تتحول دمعتك إلى بسمة أبدية، و لكي من غربتي القسرية، و من على فراش مرضي وحيداً بمشفى بلهول في دبي، و في يوم عرسك، وروداً من دمي كورود بلبل (راسل) ، أصوغها لك في عناقيد، أبللها بدموعي التي تأبى إلا أن  تنسكب، و أقولها لكما من قلب أبٍ، و قد هدته غربته القسرية أنه: لا بدّ أن يأتي يوم ما، و في سنة ما، و إن طالت بنا الأعمار، عسانا أن نعوضها لأطفالكم..
 
لك بنتي (بنار) و لك (جوان) أقولها ملء قلبي: مبروك و وفقكم الله.
والدك: وليد حاج عبد القادر- دبي

6/7/2009  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…