في حلول…….. ألغام الازدواجية

فاديا سعد
 
الازدواجية: تعني اختلالا سلوكيا يدفع بالفرد أو الجماعة لممارسة مستويين من المواقف تجاه حدث أو أحداث معينة فردية كانت أو جماعية:

فالتعاطف مع ألم القريب الديني. القريب الثقافي. القريب السياسي، بمنطق عدم التساوي مع ألم البعيد الديني. البعيد الثقافي. البعيد السياسي هو: إزدواجية سلوكية يمارسه أفرادا تجاه أخرين، وجماعات تجاه أخرى في المجتمعات الكونية، لتتحوّل الحياة إلى عدد لا متناهي من الألغام، بحيث يتنقل الموقف الشخصي والجمعي إلى كون كل حادث صحيح في مكان هو خاطئ في مكان آخر، وليجعل من حريتي حق، وحريتك كفر، واعتقادي الديني على صواب واعتقادك الديني على خطأ.
و تحول الأمر إلى حلال مرة وحرام مرة أخرى طالما تعتمد على مقومات القوامة…
فمناهضة الاستبداد في بلد عربي إذا ما عنى أيضا مناهضته في بلد عربي آخر هو ازدواجية.
إذا تمت مناهضة الاحتلال في العراق وفلسطين ولم تتكامل مع مناهضة استبداد عسكري من بلد عربي لآخر هو ازدواجية.
إذا لم يصدر التعاطف الانساني بنفس المستوى من قتل طفل فلسطيني وإفريقي وأميركي هو ازدواجية، و الموقف الشاجب من طعن مروة الشربيني لارتدائها الحجاب إذا لم يترافق مع شجب لكل مقتل بريء بسبب انتمائه الديني وحرية اعتقاده وممارسة طقوسه هو إزدواجية.
 
فالكرامة الخاصة للإنسان تفرض علينا موقف واحد من ألم أهل مروة في مصر وألم أهل فتاة مسيحية موجودة في دمشق طعنت بالسكين، وهذه الكرامة الخاصة يالانسان تفترض موقفا موحدا من مقتل يزيديا أو هنديا أو لادينيا وجدوا في الطرف الغربي للكرة الأرضية بسبب طقوسهم الدينية.
وإذا بدا هذا الموقف مثاليا، فإنه لن يكون كذلك، فيما لو توفرت عدد من الشروط الخارجية المحيطة بالانسان:
كالاستقرار السياسي، النماء الاقتصادي، مستوى معين من التطور الاجتماعي واضح المعالم ومرن قانونيا وعرفيا تجاه المتغيرات، وكل ذلك يجب أن يكون مغلفا بالتسامح الديني.
 
وأي خلل بشرط من تلك الشروط يفسر الفشل الانساني العام في تحقيق موقف موحد من أحداث متشابهة: مقتل مروة الشربيني طعنا بالسكين، ومقتل فتاة تحمل صليبا في أحد أحياء دمشق.
 
وهو فشل إنساني يفسر الموقف المزدوج من تكسير جماعة طالبان لتماثيل بوذية في أفغانستان، وتهويد القدس في فلسطين.
 
وإلى أن تتحقق تلك الشروط، فعلينا وعلى أبناءنا وأبناء أبناءنا أن نتحمل ويتحملوا الازدواجية في الموقف في الغرب كما في الشرق، و في شمال الكرة الأرضية كما في جنوبها و في مقتل مروة الشربيني لحجابها، و مقتل السواح الأجانب لدينهم المختلف.
علينا وأبناؤنا وأحفادنا تحمل الازدواجية في المواقف حين يتأسلم نصراني ويتنصر مسلم.
وعلينا وأحفاد أحفادنا تحمل الازدواجية في المواقف حين يتزوج مسلم من مسيحية ويتزوج مسيحي من مسلمة.
 
إلى أن تتحقق تلك الشروط على الشخصيات المسيحية الاعتبارية والمسلمة في تطويق مثل هذه الحوادث بالشجب الكامل لكل تحرك عنصري فردي كان أو جماعي وعلى أرضية الموقف الواحد من كرامة الإنسان الخاصة والحفاظ عليها.
 

وعلينا نحن أن نتحمل -كعامة غير عنصريين- إزدواجية العقل وبؤسه واختلال سلوكه في فرض موقفين مختلفين تجاه حدث واحد في وقت واحد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…