خواطر رمضانية ( 4 ) رمضان والقرآن

علاء الدين عبد الرزاق جنكو


كلما حضر ذكر رمضان ، أو خطر في بال أحد من المسلمين رافقة في الحضور ذكر القرآن 000 وكلما اقترب شهر رمضان استعد الناس للدخول في رحاب القرآن .
فما هو سر هذا الرباط المتين بينهما ؟
أول ما يلفت نظر المسلم عندما يتأمل في تلك العلاقة يذكر قول الله تعالى : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) ، فرمضان شهر عظيم والقرآن عظيم 000  بل وأجزم أنه أعظم !!
رفع الله من شأن رمضان  ، فكان شرف لرمضان أن نزل فيه القرآن دون سائر الشهور ، فكان ذلك اختصاص وفضل له وحده .  ولاشك أن تشريف رمضان بالقرآن شريف عظيم  ، لاسيما والقرآن كلام الله تبارك وتعالى ، وبه يمتلئ الشهر المبارك عبادة وطاعة وشكرا لله عز وجل ،كيف لا وهو الكتاب الذي قال  فيه منزله :- (أن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ) .
وتظهر العلافة بينهما أكثر عندما تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل في رمضان كل عام مرة ، وفي عامه الأخير عرض عليه القرآن مرتين .
وقبل الخوض في بيان مكانة القرآن وفضله في هذا  الشهر أود التنبية على ملاحظة في قوله تعالى :- ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) ، فالمراد منه أن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ ، ومن ثم إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، إذا القرآن له نزولان ، لأن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة ، وتناول الكثير من الأحداث والمناسبات التي كانت في غير شهر رمضان .
لنعد إلى القرآن ، فلا أحد يجهل فضله ومنزلته ، وهو كلام الله تعالى المعجز بلفظه المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل المنقول إلينا بالتواتر والمتعبد بتلاوته ، الموجود بين دفتي المصحف المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس .
وهو الكتاب الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم ، وخبر من بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى بغيره أضله الله ، هو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، والذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ولا شبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ، من علم علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم .
ودراسة القرآن وفهمه والعمل به مطلوب من المسلمين قال رسول الله عليه وسلم ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق له أجران ) ، وخاصة عندما تكون التلاوة والقراءة في شهر رمضان فيزداد الثواب ويعظم الأجر ويؤكد لنا على ذلك أدلة منها :
1 – أن شهر الصوم شهر الطاعة والعبادة ، ولا يوجد عبادة غير الفرائض أفضل من قراءة القران تلاوة ودراسة ومدارسة
2 – عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل في كل عام مرة وفي عامه الأخير مرتين تعليم لنا كونه القدوة والمعلم والمربي أن القرآن لابد أن يتلوه المسلم في رمضان .
3 – إذا ما كان رمضان أقبل السلف الصالح على القرآن الكريم تاركين كل شيء إليه .
ويكفينا مؤنة إظهار أدلة أخرى ما كان عليه إجماع الأمة وما يزال ، بأن مجاهدة القرآن في شهر رمضان أكثر من غيره من الشهور ، والذي يبحث في حال السلف سيرى ذلك واضح في حياتهم .
فكان منهم من يختم القرآن في ثلاث ليال ، ومنهم في سبع ، ومنهم في عشر كأبي رجاء بن تميم والنخعي وقتادة والشافعي وأبو حنيفة ، وكان ازهري رضي الله عنه إذا دخل رمضان قال : إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام ، وكان مالك رضي الله عنه يترك في رمضان قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن في المصحف ، وكان الثوري يقبل في رمضان على قراءة القرآن .
مع كل ذلك ، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل آن الأوان لإزالة  الغبار عن أنفسنا حتى نطير في فضاء القرآن الواسع الرحيب ؟!  وهل قراءتها يؤثر في المسلمين كما كان يؤثر القرآن على جيل الصحابة والتابعين ؟!
إذا كنا جميعا نأمل ذلك 000 فلنبدأ إحياءهما معا 000
رمضان والقرآن .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عقدت اليوم السبت ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٤، الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب كوردستان سوريا، اجتماعها الاعتيادي في مكتب الاتحاد بمدينة قامشلو.

بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الكورد وكوردستان، تطرق الاجتماع إلى النقاط التالية:

١ـ تقييم نشاطات وفعاليات الاتحاد خلال الفترة الماضية

٢ـ متابعة الوضع التنظيمي لفروع الاتحاد في الداخل وممثليتيها في إقليم كوردستان وأوروبا.

٣ـ مناقشة النشاطات المشتركة…

عبد الوهاب بيراني

 

كان دأب الإنسان ومنذ القدم حماية جسده من حر الصيف وقر الشتاء، وكان عليه أن يرتدي ما يستر جسده، وكانت مراحل تطور ثياب الإنسان تعبر عن فكره ووعيه، وتعبر عن علاقته ببيئته ومحاولته في التلاؤم معها، فقد ستر جسده بأوراق الشجر وجلود الحيوانات وصولاً لصناعة خيط القطن والصوف والكتان، وهذا يُعد مرحلة…

صدر حديثاً للروائي والمترجم العراقي برهان شاوي، طبعة جديدة من روايته «منزل الإخوة الأشباح»، والصادرة بشكل خاص عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، والمتوفرة الآن في أوروبا وتركيا ودول عربية.

وقالت نوس هاوس، في تصريح خاص لموقع «سبا» الثقافي، أن رواية العراقي هي العشرون له في مسيرته الروائية، والسابعة ضمن سلسلة «روايات المطهر»، وتقع في…

فراس حج محمد| فلسطين

صادف يوم الجمعة (29/11/2024) ما سمي تضليلا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تلك المناسبة الكذبة الكبيرة التي ما زلنا نصدقها، مدارسنا احتفلت بها يوم الخميس حتى لا تفوتها هذه النكتة/ المناسبة؛ كونه اليوم الذي يسبق المناسبة، وما بعده يومان عطلة، كأنها ترقص على الوجع غباء في غباء، فكيف يمكن لشعب أن…