جان دوست
بداية لا بد من الاعتراف بان الشاعر الكردي الراحل جكرخوين (1903-1984) نال منذ شبابه شهرة واسعة تجاوزت حدود منطقة الجزيرة التي ترعرع فيها و قرأ في قراها و مدنها و حجرات مساجدها أولى قصائده في الغزل و الوطنية.
بداية لا بد من الاعتراف بان الشاعر الكردي الراحل جكرخوين (1903-1984) نال منذ شبابه شهرة واسعة تجاوزت حدود منطقة الجزيرة التي ترعرع فيها و قرأ في قراها و مدنها و حجرات مساجدها أولى قصائده في الغزل و الوطنية.
و هو، شاء المرء أم أبى أشهر شاعر كردي كتب باللهجة الكرمانجية الشمالية في العصر الحديث. و لكن هذه الشهرة الواسعة يجب ألا يحجب عن الناقد القيمة الشعرية لقصائد جكرخوين أو تحليل قصائده و تقييمها من وجهة نظر النقد المحض حيث على الناقد أن يرمي حجاب القومية و الوطنية عن عقله و بصيرته ليتمكن من تقييم نتاج جكرخوين تقييماً مستندا إلى قواعد النقد الأدبي بعيدا عن العاطفة الوطنية و القومية التي تضر و لا تنفع.
و الآن و مع اقتراب الذكرى الخامسة و العشرين لرحيله تستعد الأقلام كالعادة لتدبج مقالات التسبيح و الحمد و المديح و الإطراء للشاعر المعجزة الذي لم و لن ينجب بطن كردية مثله أبداً، و قد عجت صفحات المواقع الالكترونية من الآن بنشر مقالات ليس فيها سوى الثناء على الرجل و ذكر محاسنه حسب قاعدة اذكروا محاسن موتاكم. دون أن يقترب أحد من العوالم الشعرية أو قل اللاشعرية التي تعج بها دواوينه.
لقد أصبح جكرخوين خطا أحمر و تحول إلى أحد التابوهات في الحياة الثقافية الكردية فلا يمكن لابن انثى ان يقترب من عوالم جكرخوين الشعرية بالنقد و التجريح إذ سيعلن عنه خائناً للعشيرة و خارجاً على آدابها.
أذكر أنني شاركت في أحد البرامج التلفزيونية الكردية و انتقدت في البرنامج قصائد لجكرخوين و اتهمته فيها بالعجز الشعري و الاجترار و التكرار الممل، أذيعت الحلقة الأولى من البرنامج بينما تم منع بث الحلقة الثانية لأنني تجاوزت الحدود و انتقدت الصنم الذي صنعه الأكراد لأنفسهم على طريقة صنم بني حنيفة المصنوع من التمر و الذي قال عنه شاعرهم:
أكلت حنيفة ربها زمن التقحم و المجاعة
طبعا و لأن الحياة الثقافية الكردية كسيحة و المثقفون الكرد كسيحون في الغالب فلم يصدر أي احتجاج ضد هذا الإجراء التعسفي الفاشي بمنع بث برنامج أدبي فلا أنا و لا مقدم البرنامج و لا المشاهدون و لا المخرجون و لا حتى المعجبون بطريقتي في النقد احتجوا على منع بث البرنامج. إن الخوف يدفع بالاحزاب الشمولية إلى منع النقد بكافة وجوهه حتى النقد الأدبي لأن هذه الأحزاب السرطانية تعلم علم اليقين أنه و بمجرد أن يفتح المجال للنقد الأدبي حتى تتسع الدائرة و تشمل الزعيم الملهم و القائد العبقري الضرورة و هذا ما لا يمكن السماح به تحت أي ظرف خاصة و نحن قد عشنا عمرنا كله حتى الآن في ظل أكاذيب الثورة التي لا تفسح المجال أمام رأي مخالف فكل شيء من أجل الحرية حتى حرية الرأي يجب تقديمها قربانا على مذبح الحرية السراب التي وعدنا بها.
و حتى لا نطأ دوائر السياسة الكردية الكسيحة و نهيج عش الدبابير المؤذية التي ربما سترشد من لا يعرف العربية إلى هذا المقال و تنشر رابطه في ذيل تعليقات مخابراتية على المقالات الانترنيتية الكردية سنعود إلى موضوعنا الأساسي جكرخوين و كيف تحول إلى صنم حول كعبة الفكر الكردي الجامد المتحجر!.
لعل بعضا من شهرة جكرخوين تعود إلى انخراطه مبكرا في النضال السياسي و انقلابه المروع على منظومته العقائدية الاسلامية و طرحه الجبة و العمامة و دخوله الماركسية من أضيق أبوابها (باب الستالينية) و بالتالي تحديه مجتمعه و قومه بطريقة ثورية بحتة .
و للأسف فإن من يتعرض لشعر جكرخوين بالنقد يواجه من قبل الغوغاء الكردية بأقوال من مثل: جكرخوين ناضل في سبيل الكرد. جكرخوين فتح انظار الناس على القضية الكردية. جكرخوين عاش فقيراً. جكرخوين إلخ…. الناس تخلط الأدبي بالقومي و لا تفصل بين حكرخوين المبدع و جكرخوين المناضل. نحن لا علاقة لنا بنضال جكرخوين في هذا المقال. لكننا سنخوض قليلا في شعره و شعريته و شاعريته.
نشر جكرخوين سبعة دواوين شعرية في حياته و تم نشر ديوان له بعد وفاته، كما نشر قصة رشويى داري و القصة الشعرية سالار و ميديا و عددا من الكتب الأخرى. و استطيع الادعاء بأنني قرأت قصائد جكرخوين كلها منذ بداية شبابي و أعجبت ببعضها و لكنني و منذ ذلك الحين كنت استغرب تلك القصائد الهزيلة المبتذلة و المنشورة في دواوينه المتأخرة. كنت أستغرب من شاعر بلغ هذه الشهرة و يكتب مثل تلك الترهات التي لا علاقة لها بالشعر لا من قريب و لا من بعيد. مجرد نظم بائس هزيل و أفكار سطحية مباشرة لا علاقة لها بأي مشروع شعري جاد.
لا شك ان لجكرخوين قصائد جميلة فهو من المكثرين و لا بد من العثور عند المكثرين على استثناءات جميلة و فلتات عبقرية. لكن الغالب على قصائد جكرخوين خاصة دواوينه التي نشرها بعد ديوانه الثالث كيمه أز هو الابتذال. فبعد هذا الديوان شاخ جكرخوين في العمر و الشعر. تجاوز عمره السبعين عاما و بقي مصرا على كتابة الشعر، و للشعر زمنه. فلم تظفر المكتبة الكردية إلا بقصائد مبتذلة إن كتبها المبتدئون لن نقبلها منهم.
طوال مسيرته الشعرية لم يستطع جكرخوين تجاوز الكلاسيكيين الكبار مثل خاني و الجزري و البريفكاني و مينا و باته يي. بل نسج على منوالهم و استخدم ادواتهم البلاغية فالنظرات ما زالت سهاما و الأصداغ ما زالت على شكل حرف الدال و الحواجب ما زالت مثل الأقواس و الخدود كالورود و الشفاه عسل و النهود تفاح إلى آخر هذه الأوصاف التي اجترها جكرخوين و لم يستطع تطويرها او الاستفادة منها في خلق بيئته الشعرية الخاصة.
إن شهرة جكرخوين الواسعة بالموازاة مع ضحالة شعره قد خلق لدى الذين جاءوا من بعده تصورا خاطئا عن الشعر، فقد استسهلوا الشعر و حسبوه سهل المرتقى مع أنه صعب و طويل سلمه حسب قول الشاعر العربي. و رأى هؤلاء أن من البساطة بمكان ان يملؤوا الفراغ الذي خلفه جكرخوين فنشروا دواوينهم بعد وفاة جكرخوين مباشرة ظانين أن خلافة الشعر قد آلت إليهم و أن تاج القصيد استقر على هاماتهم. و من هؤلاء نستطيع إيراد اسم تيريز الذي لم يتجاوز جكرخوين بل كان اكثر ضحالة و بؤسا منه و نال هو الآخر شهرة كبيرة ثم كلش الذي هو الآخر مثال للشعر الرديء جدا بل لا تحسب سبعون بالمئة مما كتبه شعراً بأبسط المقاييس و أيضاً صالح حيدو صاحب القصائد الناشفة ثم دلاور زنكي الذي حسنا فعل بتركه الشعر و اتجاهه الى مجال أدبي آخر أغنى به المكتبة الكردية.
المخيف في الحياة الكردية العامة هو غياب النقد و قبل غياب النقد هو استهجان النقد، هناك صديق اتصل بي غاضبا إذ وجد نفسه معنيا بكلام نقدي قلته في مقال سابق و هددني بكتابة أسوأ الأمور عني، لم تكن عندي رغبة في الكلام و لا أمل في توضيح الأمر له إذ لن يفهمه و لعمري فإن الكرد من أتعس خلق الله من هذه الناحية. فهم مثلاً يهللون لجكرخوين عندما انتقد الناس في زمانه و حارب الشيخ و الآغا و البيك و استهزأ علناً و بطريقة فجة بعقائد الناس و عندما يأتي أحد لينتقد جكرخوين في إطاره الأدبي تنهال عليه حجارة الراجمين!! عرفنا أن نقد الآلهة الصغار من زعماء و أشباههم من المحرمات فلماذا يسعى الجميع لإقامة أصنام تقربنا إلى الله زلفى؟ لماذا لا يحق لأحد أن يتناول شعر فلان و تجربة علان بالنقد و التحليل؟ أهكذا سيتطور الأدب الكردي؟ أهكذا نمهد نحن للأجيال القادمة و ذلك بتريبها على الطاعة و خفض الرؤوس أمام هذه الأوثان التي نظل لها عاكفين! لقد آن أوان أن تتحطم الأوثان أياً كانت و يتحرر العقل من حجاب العقيدة العمياء.
لقد أصبح جكرخوين خطا أحمر و تحول إلى أحد التابوهات في الحياة الثقافية الكردية فلا يمكن لابن انثى ان يقترب من عوالم جكرخوين الشعرية بالنقد و التجريح إذ سيعلن عنه خائناً للعشيرة و خارجاً على آدابها.
أذكر أنني شاركت في أحد البرامج التلفزيونية الكردية و انتقدت في البرنامج قصائد لجكرخوين و اتهمته فيها بالعجز الشعري و الاجترار و التكرار الممل، أذيعت الحلقة الأولى من البرنامج بينما تم منع بث الحلقة الثانية لأنني تجاوزت الحدود و انتقدت الصنم الذي صنعه الأكراد لأنفسهم على طريقة صنم بني حنيفة المصنوع من التمر و الذي قال عنه شاعرهم:
أكلت حنيفة ربها زمن التقحم و المجاعة
طبعا و لأن الحياة الثقافية الكردية كسيحة و المثقفون الكرد كسيحون في الغالب فلم يصدر أي احتجاج ضد هذا الإجراء التعسفي الفاشي بمنع بث برنامج أدبي فلا أنا و لا مقدم البرنامج و لا المشاهدون و لا المخرجون و لا حتى المعجبون بطريقتي في النقد احتجوا على منع بث البرنامج. إن الخوف يدفع بالاحزاب الشمولية إلى منع النقد بكافة وجوهه حتى النقد الأدبي لأن هذه الأحزاب السرطانية تعلم علم اليقين أنه و بمجرد أن يفتح المجال للنقد الأدبي حتى تتسع الدائرة و تشمل الزعيم الملهم و القائد العبقري الضرورة و هذا ما لا يمكن السماح به تحت أي ظرف خاصة و نحن قد عشنا عمرنا كله حتى الآن في ظل أكاذيب الثورة التي لا تفسح المجال أمام رأي مخالف فكل شيء من أجل الحرية حتى حرية الرأي يجب تقديمها قربانا على مذبح الحرية السراب التي وعدنا بها.
و حتى لا نطأ دوائر السياسة الكردية الكسيحة و نهيج عش الدبابير المؤذية التي ربما سترشد من لا يعرف العربية إلى هذا المقال و تنشر رابطه في ذيل تعليقات مخابراتية على المقالات الانترنيتية الكردية سنعود إلى موضوعنا الأساسي جكرخوين و كيف تحول إلى صنم حول كعبة الفكر الكردي الجامد المتحجر!.
لعل بعضا من شهرة جكرخوين تعود إلى انخراطه مبكرا في النضال السياسي و انقلابه المروع على منظومته العقائدية الاسلامية و طرحه الجبة و العمامة و دخوله الماركسية من أضيق أبوابها (باب الستالينية) و بالتالي تحديه مجتمعه و قومه بطريقة ثورية بحتة .
و للأسف فإن من يتعرض لشعر جكرخوين بالنقد يواجه من قبل الغوغاء الكردية بأقوال من مثل: جكرخوين ناضل في سبيل الكرد. جكرخوين فتح انظار الناس على القضية الكردية. جكرخوين عاش فقيراً. جكرخوين إلخ…. الناس تخلط الأدبي بالقومي و لا تفصل بين حكرخوين المبدع و جكرخوين المناضل. نحن لا علاقة لنا بنضال جكرخوين في هذا المقال. لكننا سنخوض قليلا في شعره و شعريته و شاعريته.
نشر جكرخوين سبعة دواوين شعرية في حياته و تم نشر ديوان له بعد وفاته، كما نشر قصة رشويى داري و القصة الشعرية سالار و ميديا و عددا من الكتب الأخرى. و استطيع الادعاء بأنني قرأت قصائد جكرخوين كلها منذ بداية شبابي و أعجبت ببعضها و لكنني و منذ ذلك الحين كنت استغرب تلك القصائد الهزيلة المبتذلة و المنشورة في دواوينه المتأخرة. كنت أستغرب من شاعر بلغ هذه الشهرة و يكتب مثل تلك الترهات التي لا علاقة لها بالشعر لا من قريب و لا من بعيد. مجرد نظم بائس هزيل و أفكار سطحية مباشرة لا علاقة لها بأي مشروع شعري جاد.
لا شك ان لجكرخوين قصائد جميلة فهو من المكثرين و لا بد من العثور عند المكثرين على استثناءات جميلة و فلتات عبقرية. لكن الغالب على قصائد جكرخوين خاصة دواوينه التي نشرها بعد ديوانه الثالث كيمه أز هو الابتذال. فبعد هذا الديوان شاخ جكرخوين في العمر و الشعر. تجاوز عمره السبعين عاما و بقي مصرا على كتابة الشعر، و للشعر زمنه. فلم تظفر المكتبة الكردية إلا بقصائد مبتذلة إن كتبها المبتدئون لن نقبلها منهم.
طوال مسيرته الشعرية لم يستطع جكرخوين تجاوز الكلاسيكيين الكبار مثل خاني و الجزري و البريفكاني و مينا و باته يي. بل نسج على منوالهم و استخدم ادواتهم البلاغية فالنظرات ما زالت سهاما و الأصداغ ما زالت على شكل حرف الدال و الحواجب ما زالت مثل الأقواس و الخدود كالورود و الشفاه عسل و النهود تفاح إلى آخر هذه الأوصاف التي اجترها جكرخوين و لم يستطع تطويرها او الاستفادة منها في خلق بيئته الشعرية الخاصة.
إن شهرة جكرخوين الواسعة بالموازاة مع ضحالة شعره قد خلق لدى الذين جاءوا من بعده تصورا خاطئا عن الشعر، فقد استسهلوا الشعر و حسبوه سهل المرتقى مع أنه صعب و طويل سلمه حسب قول الشاعر العربي. و رأى هؤلاء أن من البساطة بمكان ان يملؤوا الفراغ الذي خلفه جكرخوين فنشروا دواوينهم بعد وفاة جكرخوين مباشرة ظانين أن خلافة الشعر قد آلت إليهم و أن تاج القصيد استقر على هاماتهم. و من هؤلاء نستطيع إيراد اسم تيريز الذي لم يتجاوز جكرخوين بل كان اكثر ضحالة و بؤسا منه و نال هو الآخر شهرة كبيرة ثم كلش الذي هو الآخر مثال للشعر الرديء جدا بل لا تحسب سبعون بالمئة مما كتبه شعراً بأبسط المقاييس و أيضاً صالح حيدو صاحب القصائد الناشفة ثم دلاور زنكي الذي حسنا فعل بتركه الشعر و اتجاهه الى مجال أدبي آخر أغنى به المكتبة الكردية.
المخيف في الحياة الكردية العامة هو غياب النقد و قبل غياب النقد هو استهجان النقد، هناك صديق اتصل بي غاضبا إذ وجد نفسه معنيا بكلام نقدي قلته في مقال سابق و هددني بكتابة أسوأ الأمور عني، لم تكن عندي رغبة في الكلام و لا أمل في توضيح الأمر له إذ لن يفهمه و لعمري فإن الكرد من أتعس خلق الله من هذه الناحية. فهم مثلاً يهللون لجكرخوين عندما انتقد الناس في زمانه و حارب الشيخ و الآغا و البيك و استهزأ علناً و بطريقة فجة بعقائد الناس و عندما يأتي أحد لينتقد جكرخوين في إطاره الأدبي تنهال عليه حجارة الراجمين!! عرفنا أن نقد الآلهة الصغار من زعماء و أشباههم من المحرمات فلماذا يسعى الجميع لإقامة أصنام تقربنا إلى الله زلفى؟ لماذا لا يحق لأحد أن يتناول شعر فلان و تجربة علان بالنقد و التحليل؟ أهكذا سيتطور الأدب الكردي؟ أهكذا نمهد نحن للأجيال القادمة و ذلك بتريبها على الطاعة و خفض الرؤوس أمام هذه الأوثان التي نظل لها عاكفين! لقد آن أوان أن تتحطم الأوثان أياً كانت و يتحرر العقل من حجاب العقيدة العمياء.