كاتب يحترم النساء …؟

 داريوس داري

هل المرأة بحاجة إلى الدفاع عنها … مِن مَن ..؟!
اشك في القوى العقلية لأي رجل يزعم انه يعرف المرأة ويفهمها ,وقد اختبر طباعها وحفظ عن ظهر قلب نواياها ونوازعها . بل أنني ارثي لذاك الذي يتصور انه في مأمن من كيدها ..
بفضل معرفته لها وتسلحه بترسانة من وسائل الدفاع الذاتية .
يخيل إلي أحيانا أنني اعرف شيئا عن المرأة . أتصور في لحظة ما أنني قد ” كمشت روحها” . لكن تلك الروح الرملية اللزقة سرعان ما تتبدد من قبضتي , وكأنها زئبق أو ماء يصعب اقتناصه بين الأصابع .
احبها .. نعم .
احترمها .. نعم وبدرجة ألف نعم ..؟
لا أطيق العيش بدون عالم المرأة . وجودها مهم جدا بالأكيد ..
لكني اعترف لكم , حبرا على ورق وبكل بصماتي .؟.!
بأنني مقصر في أدراك النساء على الرغم من أنني أسعى وراء معرفتهم .
إن اتفه الحروب , أكثرها مضيعة للطاقة , هي الحرب المزعومة بين النساء والرجال , ذلك انها نزاع بين قطعتي مغناطيس , تتجاذبان ولا مجال للفكاك بينهما .
لماذا لا افهمها ؟ لأنها عميقة حتى في ابسط نواياها . لها صفة التلون والتقلب والجموح . تقول شيء وتتراجع عنه . وتأتي بحديث وهي تقصد شيء آخر . تغلق على رغباتها وأحلامها بقفل .
تعجز كل مفاتيحي عن الغور فيه.
لا، هذا ليس هجوما , وهو ليس كلاما يقال في وصف كائن مهتز وغير سوي . إن المرأة هي الكائن الطبيعي بامتياز , لأنها تختصر في طبعها كل ما في الطبيعة من تقلبات ومواسم وزوابع وأمطار وشموس وأقمار وخضار وفواكه وعيون عذبه تنزل على القلب بردا وسلاما , أين الرجل من كل هذا ؟ !
نحن جنس الرجال , كائنات بسيطة التركيب , ومعجبين بعقولنا , في حين أن ما يحكمنا ,
في اغلب الأحيان ,شهواتنا .
ونحن نعيش متوافقين مع مستويات أفقية من مشاعرنا وطموحاتنا .
أما المرأة فإنها كائن عمودي في مشاعرها , تقفز بسرعة نحو القمة وتتقهقر سريعا نحو القعر .
وهي أحيانا كائن لولبي ..؟
هات الذي يفلح في اللحاق بها يمينا ويسارا , شرقا وغربا , حتى إذا تلاحقت أنفاسه من شدة الجهد وظن انه ممسك بها لا محالة , وجدها قد أفلتت وتوارت عنه بروحها .
على الرغم من أنها طوع يديه بجسدها .
اكتب هذا الكلام بعد أن قضيت إجازتي في العاصمة .
ومم شاهدت وسمعت من النساء في الندوات الأدبية والغير أدبية وبعد أن قرأت عن النساء وغصت في محيطهن العميق .
وقد شعرت وأنا أقرا عنهن , كم أن الباحث منهمكٌ في بحثه ، لكنه يبقى قزما أمام النساء .
ولا اعني بهذا انه كان فاقد السيطرة, ولا قاصر المواهب والذكاء . اقصد ببساطة أن الكاتب أو الشاعر يبقى قطرة في محيط النساء , وسعيدا بالوهم انه عرفهن .
لا اشك أن الخالق أبدع إلى حد الإعجاز في تكوين المرأة كيف لا وقد خصها بمعجزة الإنجاب واستمرار النوع البشري , وهي عملية لا يمكنها أن تستقر في جسد كائن بسيط , سهل الطباع،  نقرأها مثل الكتاب المفتوح , إنها تفتح الكتاب حين تشاء وتطبقه حين تشاء , تاركة لشريكها
الرجل فضاءات شاسعة من التخمين , والمحاولة , والتنظير , والسعي نحو الفهم . وفوق هذا كله تاركة له سعادة أن يتصور انه الأقوى والأذكى والأكثر سطوة …؟
ألا تستحق هذه الكائنة أن تكون قدوة للرجل وينحني أمامها احتراماً لكل تلك التضحيات ، بعد عدم قدرته على مسيرة الحياة الأسرية ..

  لندع القيادة للمرأة ونستمتع نحن الرجال بالرحلة .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…