رشاد شرف
عدتُ إلى المنزل باكياً، اجتمع كل أفراد العائلة حولي، وحاولوا أن يهدّئوا من روعي، ويطيّبوا خاطري لكن دون جدوى.
كان آنذاك بداية أيار، ونحن في نهاية المرحلة الإبتدائية. جالساً كنت في المقعد الأخير من الصف, لما سألني المعلم! ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل؟ كنت شارداً، ولم أسمع ماذا قال بقية التلاميذ.
عدتُ إلى المنزل باكياً، اجتمع كل أفراد العائلة حولي، وحاولوا أن يهدّئوا من روعي، ويطيّبوا خاطري لكن دون جدوى.
كان آنذاك بداية أيار، ونحن في نهاية المرحلة الإبتدائية. جالساً كنت في المقعد الأخير من الصف, لما سألني المعلم! ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل؟ كنت شارداً، ولم أسمع ماذا قال بقية التلاميذ.
في ذلك الصباح, كانت أمي غسلت قميصي الوحيد، ولكي لا أتخلف عن المدرسة ألبستني قميص والدي.
أبي كان حنوناً جداً، لكنّه يغضبُ لأتفه سبب. طيلة الوقتِ أفكّر في قميصي الفضفاض، وكان يظهر عليِّ كثوبٍ بأزرار، أزراره مختلفة الأحجام والألوان، ومثير للضحك والشفقة في آن.
لم أخرج في ذلك اليوم للفرصة كي لا يستهزئ التلاميذ بي. غير أن سؤالَ المعلّم المباغت أيقظني من شرودي. قلت بملء فمي: أريد أن أصبح طيّاراً، وجلستُ في مكاني دون أن أنتظر تعليقاً من المعلم.
أمسكني المعلم من عرقوبي، وأوقفني أمام التلاميذ، وقال: انظروا إلى هذا الشكل جيداً. أهذا منظر من يحلم أن يصبح طياراً!؟
ضحكَ التلاميذ طويلاً، رفعت نظري عن الأرض، قلت بشيء من التحدي والعنفوان: هذه آخر مرةٍ أرتدي فيها قميص أبي، وسأصبح طياراً.
انزعج المعلم، وفرد كُمَّ القميص الطوييييل الذي طويته أثناء توجّهي من المنزل للمدرسة، ولففته تحت بنطالي الذي خرب سحابه من السنة الماضية ، فنزل إلى تحت الركبة، وربت على كتفي.. إنك ارتديت والدك قبل أن ترتدي قميصه، وأضاف لم أسمع في هذا الوطن بطيارٍ كوردي. وقتئذٍ زاغت عيون التلاميذ، وذبلت ضحكاتهم. هرعت مسرعاً إلى المنزل، وأنا في أشدِّ حالات الحنق والغضب من سخرية معلمي بي، و لم أعد إلى تلك المدرسة لأن الحلم تحطم، و… بكيت كثيراً.. كثيراً..
لم أخرج في ذلك اليوم للفرصة كي لا يستهزئ التلاميذ بي. غير أن سؤالَ المعلّم المباغت أيقظني من شرودي. قلت بملء فمي: أريد أن أصبح طيّاراً، وجلستُ في مكاني دون أن أنتظر تعليقاً من المعلم.
أمسكني المعلم من عرقوبي، وأوقفني أمام التلاميذ، وقال: انظروا إلى هذا الشكل جيداً. أهذا منظر من يحلم أن يصبح طياراً!؟
ضحكَ التلاميذ طويلاً، رفعت نظري عن الأرض، قلت بشيء من التحدي والعنفوان: هذه آخر مرةٍ أرتدي فيها قميص أبي، وسأصبح طياراً.
انزعج المعلم، وفرد كُمَّ القميص الطوييييل الذي طويته أثناء توجّهي من المنزل للمدرسة، ولففته تحت بنطالي الذي خرب سحابه من السنة الماضية ، فنزل إلى تحت الركبة، وربت على كتفي.. إنك ارتديت والدك قبل أن ترتدي قميصه، وأضاف لم أسمع في هذا الوطن بطيارٍ كوردي. وقتئذٍ زاغت عيون التلاميذ، وذبلت ضحكاتهم. هرعت مسرعاً إلى المنزل، وأنا في أشدِّ حالات الحنق والغضب من سخرية معلمي بي، و لم أعد إلى تلك المدرسة لأن الحلم تحطم، و… بكيت كثيراً.. كثيراً..
سويسرا
18 112009