خالص مسور
المسرحية تتألف من ثلاثة فصول 1- 2 – 3. حيث جاء العنوان (المهرج) مناسباً لجزء من موضوع المسرحية وليس كلها، حيث يمثل المهرج البطل الثاني للمسرحية وبشكل يدل على دينامية الحداثة أو الدعوة إلى التغيير والتطوير في المتاهات المينوتورية للسياسات العربية الراهنة. حيث نرى المهرج يقف دوماً إلى جانب من يريدون التطوير والتغيير ويناصر بطل المسرحية الآخر والأساسي (صقر قريش) وهو الشخصية التاريخية التي استدعاها الماغوط من أعماق التاريخ العربي ليكون بطل مسرحيته الأول، وصقر قريش هو المدعو عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس، اتصف بالحنكته والشجاعته والإقدام وأنشأ في الأندلس دولة مزدهرة الأركان في عام 755 م.
تعالج مسرحية المهرج موضوعاً يتكرر الحديث عنه كثيراَ في حياة الشعوب العربية، ألا وهي قضية الإستبداد الذي يمارسه معظم الحكام العرب على شعوبهم وبنائهم لبطانة السوء التي لاتمل من الرشوة والمحسوبيات وقمع الناس واضطهادهم، والإكثار من إطلاق الشعارات البراقة في الوطنية وضد الصهيونية والدأب في التشكيك بوطنية الآخرين وتخوينهم كما في قول المدير:
المدير: …….ليس كل من ادعى الوطنية هو وطني، معظم الذين نقبض عليهم على الحدود يتظاهرون بالوطنية.
، ولكنها شعارات زائفة يطلقها أناس مستعدون وتحت هذه الشعارات البراقة لأن يبيعوا حتى الوطن وما فيه بل التاريخ كله إذا اقتضت المصالح الشخصية، وهنا نرى كيف أن أحد المتنفذين يساوم المسؤول الأسباني على بيعه صقر قريش الذي يمثل تاريخه وتاريخ اجداه التليد وهذه هي فكرة المسرحية على العموم.
ولكن المسرحية ورغم شاعرية الماغوط وأفكاره الحداثية النيرة، جاءت بشكل تفتقر إلى الإيحائية والرمزية وبإسلوب فيه الكثير من التقليدية والتبسيطية والتسطيح في المعالجة والطرح والتقديم، لموضوع يتكرر بمعانيه المطروحة في الطريق يعرفها القاصي والداني والريفي والبدوي على حد تعبير الجاحظ، كما في قول الممثل الثاني:
الممثل الثاني: ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر(تصفيق).
بالإضافة إلى نغمة التقريرية والمباشرة وخلو المسرحية من الإيحاءات والغمز واللمز، فلم يفلح في إعطاء القاريء مساحة من التأمل والتفكير، وهو ما أفقد المسرحية الكثير من عناصر التشويق والإثارة، بل قد ينعكس الأمر سلباً على موضوع المسرحية وإرباكات مملة في ذهنية المشاهد، أي لم تفلح المسرحية في الخروج من المألوف والمطروق، وقد لا تفلح رغم الثورية والتحريض في جذب المشاهد إلا بشيء من التململ والإرتباك النفسي نظراً لرتابة المعالجة والتكرار في مثل هذه الأمور التي مل منها المشاهد حكياً وثرثرة دون فعل وإنجاز. ناهيك عن السلبية التي أوحت بها النهاية التراجيدية السلبية لبطل المسرحية الأساسي وهو صقر قريش الذي بيع بثمن بخس لأعدائه بيد أحفاده.
صقر قريش: ……جئت أسألكم كيق أضعتم فلسطين والأندلس واسكندرون.
بينما بقي الحفيد البائع يجول ويصول لبيع ما هو آت وأثمن.
والمشكلة التي أوقع الماغوط نفسه فيها هنا هو، أنه عالج الإستبداد بشخصية استبدادية غير مؤهلة لقبول الديموقراطيات الحديثة كشخصية صقر قريش الأرستقراطية مثلاً، فكانت لا تقبل في عهدها حتى بالشورى الإسلامية إذا ما تعارض ذلك مع ملكه. ومعروفة هي النزعة الإستبدادية التي كانت للخلفاء الأمويين وظلمهم للبلاد والعباد. كما يبدو الماغوط هنا داعية حرب لاسلام، فيدعو الى دق طبول الحرب على لسان مهرجه ودون استعداد لها.فالمهرج يخاطب بطل المسرحية الأول صقر قريش الذي أودع السجن فيقول:
المهرج: (……. لو قدر لك أن تخرج حراً من هنا، وهذا لن يحدث أبداً وترى خلف الجدار من خوف وجوع ولامبالاة، وما يتراكب في خنادق الحرب من الغبار وبول المارة…..).
وهنا دعوة صريحة إلى الحرب ومحاولة ربما بريئة لإدخال العرب في مواجهة أمريكا وإسرائيل مع ما يملكانه من أعتى أسلحة الدمار الشامل. ولكن استدعاء شخصية استبدادية رغم دورها المتميز في التاريخ العربي ودعوتها إلى النظر فيما بفعله الأحفاد هي طريقة غير مجدية وغير سليمة للدعوة إلى الديموقراطية ودعوة غير مناسبة للتغيير والتحديث على الإطلاق، بل يقع الكاتب هنا في تناقض معرفي كبير في أدواته النقدية والتأسيسية وبدا كمن يستنجد من الرمضاء بالنار. وللمقارنة أقول أن استدعاء المسرحي الإستاذ احمد اسماعيل لشخصية مسرحيته التاريخية/جحا/ ذاك الشخص الذي يمثل قمة البراءة والطهارة في مسرحيته الموسوم بـ(أهلاً جحا عفواً ممو زين) كرمز للتمرد والتغيير لهي شخصية مؤهلة لإحداث تغيير منوطة بها ومناسبة لموضوعه الذي يشبه الموضوع الذي عالجه الماغوط تماماً. فالإيحاءات والرموز التي رافقت مسرحية احمد اسماعيل ارتقت بالمسرحية إلى مستويات فنية أرقى بكثير من مستوى مسرحية الماغوط بشخصية بطلها ذات الماضي الإستبداي وغير البريء وبتوظيفه الخاطيء في ناحية قومية ضيقة والدعوة إلى تحرير الأرض العربية وترك الأمورعلى عواهنها أي دون المرور بمرحلة تتسربل بتقيمات وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
صقر قريش: (………قد تتزعزع برج بابل من أساسه، وتنهار جبال الكون من جذورها. ولكن ثقتي بهذه الأمة لن تتزعزع.. وإيماني بهؤلاء الأحفاد لن تنهار.). وكذلك في قول صقر:
صقر: والعربي أشجع إنسان في التاريخ.
وكما قلنا تفوح من المسرحية هنا رائحة التعصب بقوة للقومية والتراث القومي ولو بشكل عفوي، وبه أدخل الماغوط نفسه في متاهات المشاكلة دون الإختلاف بتعبير الناقد السعودي عبد الله الغذامي والمشاكلة تعني الإنتصار للتراث والقديم دون الحداثة والتحديث.
بحنينه النوستالجي إلى عودة الأمجاد العربية دون أن يظهر من كلامه على ممهدات لمراحل التحديث والبناء في بنية الكيان السياسي العربي، أو عودتها بشكلها الصقر قريشي القديم.
المدير: …….ليس كل من ادعى الوطنية هو وطني، معظم الذين نقبض عليهم على الحدود يتظاهرون بالوطنية.
، ولكنها شعارات زائفة يطلقها أناس مستعدون وتحت هذه الشعارات البراقة لأن يبيعوا حتى الوطن وما فيه بل التاريخ كله إذا اقتضت المصالح الشخصية، وهنا نرى كيف أن أحد المتنفذين يساوم المسؤول الأسباني على بيعه صقر قريش الذي يمثل تاريخه وتاريخ اجداه التليد وهذه هي فكرة المسرحية على العموم.
ولكن المسرحية ورغم شاعرية الماغوط وأفكاره الحداثية النيرة، جاءت بشكل تفتقر إلى الإيحائية والرمزية وبإسلوب فيه الكثير من التقليدية والتبسيطية والتسطيح في المعالجة والطرح والتقديم، لموضوع يتكرر بمعانيه المطروحة في الطريق يعرفها القاصي والداني والريفي والبدوي على حد تعبير الجاحظ، كما في قول الممثل الثاني:
الممثل الثاني: ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر(تصفيق).
بالإضافة إلى نغمة التقريرية والمباشرة وخلو المسرحية من الإيحاءات والغمز واللمز، فلم يفلح في إعطاء القاريء مساحة من التأمل والتفكير، وهو ما أفقد المسرحية الكثير من عناصر التشويق والإثارة، بل قد ينعكس الأمر سلباً على موضوع المسرحية وإرباكات مملة في ذهنية المشاهد، أي لم تفلح المسرحية في الخروج من المألوف والمطروق، وقد لا تفلح رغم الثورية والتحريض في جذب المشاهد إلا بشيء من التململ والإرتباك النفسي نظراً لرتابة المعالجة والتكرار في مثل هذه الأمور التي مل منها المشاهد حكياً وثرثرة دون فعل وإنجاز. ناهيك عن السلبية التي أوحت بها النهاية التراجيدية السلبية لبطل المسرحية الأساسي وهو صقر قريش الذي بيع بثمن بخس لأعدائه بيد أحفاده.
صقر قريش: ……جئت أسألكم كيق أضعتم فلسطين والأندلس واسكندرون.
بينما بقي الحفيد البائع يجول ويصول لبيع ما هو آت وأثمن.
والمشكلة التي أوقع الماغوط نفسه فيها هنا هو، أنه عالج الإستبداد بشخصية استبدادية غير مؤهلة لقبول الديموقراطيات الحديثة كشخصية صقر قريش الأرستقراطية مثلاً، فكانت لا تقبل في عهدها حتى بالشورى الإسلامية إذا ما تعارض ذلك مع ملكه. ومعروفة هي النزعة الإستبدادية التي كانت للخلفاء الأمويين وظلمهم للبلاد والعباد. كما يبدو الماغوط هنا داعية حرب لاسلام، فيدعو الى دق طبول الحرب على لسان مهرجه ودون استعداد لها.فالمهرج يخاطب بطل المسرحية الأول صقر قريش الذي أودع السجن فيقول:
المهرج: (……. لو قدر لك أن تخرج حراً من هنا، وهذا لن يحدث أبداً وترى خلف الجدار من خوف وجوع ولامبالاة، وما يتراكب في خنادق الحرب من الغبار وبول المارة…..).
وهنا دعوة صريحة إلى الحرب ومحاولة ربما بريئة لإدخال العرب في مواجهة أمريكا وإسرائيل مع ما يملكانه من أعتى أسلحة الدمار الشامل. ولكن استدعاء شخصية استبدادية رغم دورها المتميز في التاريخ العربي ودعوتها إلى النظر فيما بفعله الأحفاد هي طريقة غير مجدية وغير سليمة للدعوة إلى الديموقراطية ودعوة غير مناسبة للتغيير والتحديث على الإطلاق، بل يقع الكاتب هنا في تناقض معرفي كبير في أدواته النقدية والتأسيسية وبدا كمن يستنجد من الرمضاء بالنار. وللمقارنة أقول أن استدعاء المسرحي الإستاذ احمد اسماعيل لشخصية مسرحيته التاريخية/جحا/ ذاك الشخص الذي يمثل قمة البراءة والطهارة في مسرحيته الموسوم بـ(أهلاً جحا عفواً ممو زين) كرمز للتمرد والتغيير لهي شخصية مؤهلة لإحداث تغيير منوطة بها ومناسبة لموضوعه الذي يشبه الموضوع الذي عالجه الماغوط تماماً. فالإيحاءات والرموز التي رافقت مسرحية احمد اسماعيل ارتقت بالمسرحية إلى مستويات فنية أرقى بكثير من مستوى مسرحية الماغوط بشخصية بطلها ذات الماضي الإستبداي وغير البريء وبتوظيفه الخاطيء في ناحية قومية ضيقة والدعوة إلى تحرير الأرض العربية وترك الأمورعلى عواهنها أي دون المرور بمرحلة تتسربل بتقيمات وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
صقر قريش: (………قد تتزعزع برج بابل من أساسه، وتنهار جبال الكون من جذورها. ولكن ثقتي بهذه الأمة لن تتزعزع.. وإيماني بهؤلاء الأحفاد لن تنهار.). وكذلك في قول صقر:
صقر: والعربي أشجع إنسان في التاريخ.
وكما قلنا تفوح من المسرحية هنا رائحة التعصب بقوة للقومية والتراث القومي ولو بشكل عفوي، وبه أدخل الماغوط نفسه في متاهات المشاكلة دون الإختلاف بتعبير الناقد السعودي عبد الله الغذامي والمشاكلة تعني الإنتصار للتراث والقديم دون الحداثة والتحديث.
بحنينه النوستالجي إلى عودة الأمجاد العربية دون أن يظهر من كلامه على ممهدات لمراحل التحديث والبناء في بنية الكيان السياسي العربي، أو عودتها بشكلها الصقر قريشي القديم.