حيدر عمر
ليس القصد أن أستخدم هذا المصطلح في ميدان النقد، لمعرفتي المسبقة بأن النقد يمجه. في النقد تتعدد القراءات، ولكن ليس بينها ما يمكن أن يُصَنف تحت هذه التسمية. إنما أقصد القراءة التي تناول بها الأستاذ هوشنك أوسي مقالة لي باللغة الكوردية، كنت قد نشرتها قبل أيام تحت ما معناه ( ثقافة تحقير الذات، أحمد حسيني نموذجاً ). فقد قرأها و فهمها كما يريد هو، لا كما تريد. و هي بالتالي مقالة واضحة لا تحتمل تفسيرات متعددة، مثلما تحتمل قصيدة ما قراءات متعددة.
تناولت في مقالتي تلك موقفاً غير لائق بشاعر صدر عن الشاعر أحمد حسيني، و هو موقف رأيته يؤسس لثقافة التحقير في المجتمع، خاصة وأنه صدر عن شاعر له مكانته في الشعر الكوردي الحديث.
أما الموقف، كما ورد في بعض مواقع النت الكوردية، منها موقع آفستاكرد و موقع آزاديا وَلات، فهو أن الحسيني قد ألقى أوراقه أرضاً، في برنامج حي لفضائية روز ت.ف بتاريخ 27. 11. 2009، و خرج من الكادر منفعلاً و هو يقول، بعبارة لا لبسَ و لا غموض فيها ما معناه بالعربية ( لتكن الكلمات و القصائد قرباناً لنعالك يا أوجلانوس ).
انتهيت في مقالتي إلى أن هذا الموقف لا يعبر عن حب الشاعر للسيد أوجلان، مثلما لا يعبر عن انتصار لقضيته، بل هو لأسباب أخرى لم أتطرق إليها.
هذا الذي حدث في ذلك البرنامج، و تناقلته مواقع النت، مضى عليه ما يقارب الثلاثة أشهر، دون أن يبادر أحد، لا الشاعر المعني و لا المدافعين عنه إلى نفيه و تكذيبه، مما جعله في الآونة الأخيرة موضوع مقالتين، إحداهما لي و الأخرى للكاتب قادو شيرين، و قد انبرى الأستاذ هوشنك أوسي للكتابة حول المقالتين مدافعاً عن الحسيني و محاولاً تفنيد ما ذهبت إليه المقالتان.
إنه لجميل جداً أن يدور سجال أو حوار ثقافي فكري و أدبي بين الكتاب، لأنه يدل على صحة مسارالتواصل، ولكن الأجمل أن يلتزم هذا الحوار معاييره الهادفة إلى تفعيل الحراك الثقافي بما يؤدي إلى دفع عملية التواصل نحو آفاق فكرية أرحب، و لا تلغي الآخر المختلف.
أعتقد أن مَن قرأ مقالتي و ما كتبه الأستاذ هوشنك، لا يخفى عليه أن يلاحظ المسافة الطويلة بين مضمونيهما، مما يعني أن الأستاذ هوشنك، إما أنه لم يقرأ مقالتي جيداً، و لم يفهمها، و هذا ما أشك فيه، لأنه قادر على قراءة الكوردية و فهمها، و إما أنه أسرع في الكتابة مدفوعاً بموقف مسبق، و هذا هو الأرجح في رأيي.
يقول هوشنك أوسي في مستهل مقالته الموسومة بـ:(عن النقد و إنصافه و أنصافه) و المنشورة في إيلاف بتارخ 12. 02. 2010:” مجدداً، و في سياق المشايعة الهزلية، لما ابتني على خطأ، كتب الأستاذ حيدر عمر مقالاً يتناول فيه خلفيات و تبعات ما أشيع بأن الشاعر أحمد حسيني قد ذبح كلماته و نصوصه الشعرية تحت حذاء أوجلان “. ثم يشير إلى أنه (هوشنك) قد قرأ نص الحسيني ( قنديلوس أوجلانوس ) باللغة الكوردية، و لم يجد فيها ما كتبتُ عنه، و يسأل:” هل قرأ حيدر عمر قصيدة أحمد حسيني؟ لو عاد حيدر، و هذا ما ينبغي على الناقد، إلى قصيدة أحمد حسيني، سيرى( سيرى و ليس لرأى ) أنه كتب:
Pêlava te وليس Pêl-ava- te
والأولى تعني موجك و الثانية تعني حداؤك، و شتان ما بين الأثنين في التوظيف الشعري…”. نعم، أنا لم أقرأ قصيدة الحسيني التي يشير إليها هوشنك، كما لم اقترب منها في مقالتي المذكورة. و هذا ما دعاني إلى كتابة هذه الأسطر. و لو كانت مقالته مكتوبة باللغة الكوردية، لربما لم أكن أكتب معقباً عليه، ليس ترفعاً، بل لأن ما أراده كل منا نحن الأثنين ليس عصياً على حصافة القراء. أما أنه كتب باللغة العربية، فهذا يعني أن كثيرين من قرائه يجهلون ما ذهبت إليه في مقالتي، و سوف يعتبرونها نقداً غير موفق لقصيدة شاعر. وهذا ما لم أعمل فيه.
أنا لم أنقد أو أدرس قصيدة، بل نقدت تصرفاً ينم عن موقف خطير يؤسس لثقافة التحقير و الدونية لا ينبغي أن يصدر عن شاعر له قراؤه و منزلته. و أتيت بأمثلة من تاريخ الأدب العربي و الكوردي و العالمي تبرز المآل الذي آل إليه أصحاب المواقف الانتهازية و المنزلة التي تبوأها أصحاب المواقف المشرفة، و انتهيت إلى أن القادة مهما علا شأنهم، فهم إلى زوال في يوم من الأيام، ولكن الشعر باق ما بقيت الحياة تدب على وجه البسيطة، فهو يُترجم الشعوب و الأمم في أبياته و قصائده، وليس خافياً أن الأمم فوق القادة، بل هي التي تخلقهم.
أما العبارتان الكورديتان اللتان أوردهما السيد هوشنك في مقالته مقتبساً إياهما من قصيدة للحسيني، فلا أستطيع الحديث هنا عن مدى نجاح الشاعر في توظيفهما، لأنهما خارج جسد القصيدة تبقيان مجرد عبارتين عاديتين، و مع ذلك أرى أن لغة القصيدة الحديثة، و لاسيما النثرية، ترفض الحشو الذي تأتي به هنا كلمة (الماء) حين ورودها بعد كلمة ( الموج).
ثم إن ما كتبته لم يكن مبنياً على ( ما أشيع )و لا على ( خطأ )، بل على ما تناقلته مواقع النت، و منها ما هو قريب جداً من الحسيني، ولم أقل: ” قد ذبح كلماته و نصوصه الشعرية تحت حذاء أوجلان “، بل قلت ( رمى أو ذبح الكلمات و القصائد )، و شتان ما بين العبارتين. لا يمكن لأحد كائناً مَن كان أن يمنع آخر من رمي ( كلماته أو قصائده تحت الأحذية )، وإن فعل، فإنه يقلل من شأن نفسه فحسب، و لكن حين يُعَمم الأمر، فهو يحقر أدب شعب بأكمله. ثم إن الحسيني لم يهد أوجلان قصيدته في ذلك البرنامج، فلو كان فعل، لكنا قلنا إنه يعبر عن تعاطفه معه و ينتصر لقضيته. و هو أمرلربما يُكتب له و ليس عليه، ولكنه رمى أوراقه أرضاً و نحر الكلمات و الشعر عامة تحت الحذاء الذي يُنتعَـل فترة، ثم يُرمى، فهل الكلمات و القصائد بهذه التفاهة و هي ضمير الأمة؟!
أنا لم أفتر على أحمد حسيني الذي تربطني به معرفة و صداقة منذ ما يزيد عن عقد و نيف، كما ذهب إليه السيد هوشنك في مقالته، بل بنيت رأيي على ما لم يُحَمل لا السيد هوشنك، و لا غيره، نفسه عناء البحث عن وسيلة، إن وُجدت، ليفندوا بها ذاك الذي ( أشيع ).
إن الحدث الذي تناقلت مواقع النت خبراً عنه منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، كان على مرأى و مسمع ملايين المشاهدين، و على الهواء مباشرة، و قد سكت عنه السيد هوشنك كل هذه المدة، و لم يقل عنه إنه ( إفتراء )، فلماذا يأتي الآن و يصف مَن يقاربه بالمفترين؟. أليس لأنه يريد أن يركب رأسه بين أكتاف الآخرين، ليفكروا كما يفكر هو نفسه؟. كان حرياً به أن يرجع إلى أراشيف المواقع التي أوردت الخبر، أو أرشيف فضائية روز ت.ف ليتأكد من صحته أو عدمها، قبل أن يجري إلى قلمه ليسخر ممن كتب شيئاً مخالفا لما يراه، إذا كان يريد أن يفند آراءهم و ادعاءاتهم.و هذا أبسط القواعد التي تؤسس لرأي صائب، يحاجج آراء الغير. أم أنه يرى أن السخرية التي تشي بها مقالته بدءاً من عنوانها قادرة على حجب الحقائق؟.
أما ما ورد في أسفل مقالته من تعليقات قراء إيلاف، فقد لفت نظري جهل أحدهم بأصول البحث العلمي، وهو الذي كتب تحت اسم (سلامات) و جاء تعليقه تحت الرقم 13، حيث غمز من عملي في كتابي (فقي تيران، حياته، شعره، قيمته الفنية ) الذي أنجزته باللغة العربية و طبعته عام 1993. كانت تلك الدراسة من أوائل الأعمال في سوريا تصدت لدراسة أحد أهم رواد الشعر الكلاسيكي الكوردي في القرنين السادس و السابع عشر، و قد بذلت فيها جهداً أدبياً و فكرياً كبيراً، و مع ذلك لم أجرؤ أن أدفعها إلى أيدي القراء، قبل أن أعرض المخطوط على أساتذة كبار طامعاً في توجيهاتهم، باعتبارها كانت من بواكير عملى في الدراسات الأدبية و النقدية. لذلك عرضت المخطوط على اثنين من أساطين الأدب و النقد في جامعة حلب، و هما الناقد المعروف الأستاذ الدكتور نعيم اليافي الذي خطا النقد الأدبي العربي على يديه خطوات متقدمة تشهد بها مؤلفاته الكثيرة، و الأستاذ الدكتور بكري شيخ أمين الضليع في الدراسات الأدبية و مناهج البحث العلمي، و قد تخرج لديهما الكثيرون من حملة الدكتوراة في الأدب و النقد العربيين. و باعتبار أن كليهما لا يعرفان اللغة الكوردية، فقد اعتذرا عن التعليق على الشواهد الشعرية التي أوردتها في ثنايا الدراسة، و لكنهما أثنيا على منهج البحث الذي اتبعته في الدراسة،ثناءاً ما كنت أتوقعه، و زوداني بتوجيهاتهما، التي استفدت منها في تلك الدراسة و في أعمالي اللاحقة بكلتا اللغتين العربية و الكوردية. أوردت هده المعلومة هنا ليس لأصحاب الخبرة، بل لصاحب التعليق الذي أكاد أجزم أنه لا يفقه منها شيئاً، لأن عبارته تؤكد تطفله على ميدان النقد الأدبي.
بقي أن أكشف للسيد هوشنك، وهو يتصيد الكتابات التي تتناول موقف الحسيني، أن مقالة
قصيرة ظهرت بعد تلك المسرحية الحسينية الهزلية، و تحديداً في 30. 11. 2009، كتبتها السيدة أفين برجم باللغة الكوردية، و نشرتها في موقع نـَتـَوَ، عبرت فيها عن اشمئزازها لصدور موقف رخيص عن شاعر. لربما تدفعه الحمية إلى رشق تلك الكاتبة أيضاً بسهامه الساخرة التي لن تحجب الشمس بغربالها.
مهلاً يا صديقي، الانحياز إلى الصداقة أو الزمالة أو الاشتراك في أديولوجية ما، و تجاوز أسلوب البحث العلمي، في الكتابة لا يجر على صاحبه في النهاية غير الخسران.
heyderomer@web.de
انتهيت في مقالتي إلى أن هذا الموقف لا يعبر عن حب الشاعر للسيد أوجلان، مثلما لا يعبر عن انتصار لقضيته، بل هو لأسباب أخرى لم أتطرق إليها.
هذا الذي حدث في ذلك البرنامج، و تناقلته مواقع النت، مضى عليه ما يقارب الثلاثة أشهر، دون أن يبادر أحد، لا الشاعر المعني و لا المدافعين عنه إلى نفيه و تكذيبه، مما جعله في الآونة الأخيرة موضوع مقالتين، إحداهما لي و الأخرى للكاتب قادو شيرين، و قد انبرى الأستاذ هوشنك أوسي للكتابة حول المقالتين مدافعاً عن الحسيني و محاولاً تفنيد ما ذهبت إليه المقالتان.
إنه لجميل جداً أن يدور سجال أو حوار ثقافي فكري و أدبي بين الكتاب، لأنه يدل على صحة مسارالتواصل، ولكن الأجمل أن يلتزم هذا الحوار معاييره الهادفة إلى تفعيل الحراك الثقافي بما يؤدي إلى دفع عملية التواصل نحو آفاق فكرية أرحب، و لا تلغي الآخر المختلف.
أعتقد أن مَن قرأ مقالتي و ما كتبه الأستاذ هوشنك، لا يخفى عليه أن يلاحظ المسافة الطويلة بين مضمونيهما، مما يعني أن الأستاذ هوشنك، إما أنه لم يقرأ مقالتي جيداً، و لم يفهمها، و هذا ما أشك فيه، لأنه قادر على قراءة الكوردية و فهمها، و إما أنه أسرع في الكتابة مدفوعاً بموقف مسبق، و هذا هو الأرجح في رأيي.
يقول هوشنك أوسي في مستهل مقالته الموسومة بـ:(عن النقد و إنصافه و أنصافه) و المنشورة في إيلاف بتارخ 12. 02. 2010:” مجدداً، و في سياق المشايعة الهزلية، لما ابتني على خطأ، كتب الأستاذ حيدر عمر مقالاً يتناول فيه خلفيات و تبعات ما أشيع بأن الشاعر أحمد حسيني قد ذبح كلماته و نصوصه الشعرية تحت حذاء أوجلان “. ثم يشير إلى أنه (هوشنك) قد قرأ نص الحسيني ( قنديلوس أوجلانوس ) باللغة الكوردية، و لم يجد فيها ما كتبتُ عنه، و يسأل:” هل قرأ حيدر عمر قصيدة أحمد حسيني؟ لو عاد حيدر، و هذا ما ينبغي على الناقد، إلى قصيدة أحمد حسيني، سيرى( سيرى و ليس لرأى ) أنه كتب:
Pêlava te وليس Pêl-ava- te
والأولى تعني موجك و الثانية تعني حداؤك، و شتان ما بين الأثنين في التوظيف الشعري…”. نعم، أنا لم أقرأ قصيدة الحسيني التي يشير إليها هوشنك، كما لم اقترب منها في مقالتي المذكورة. و هذا ما دعاني إلى كتابة هذه الأسطر. و لو كانت مقالته مكتوبة باللغة الكوردية، لربما لم أكن أكتب معقباً عليه، ليس ترفعاً، بل لأن ما أراده كل منا نحن الأثنين ليس عصياً على حصافة القراء. أما أنه كتب باللغة العربية، فهذا يعني أن كثيرين من قرائه يجهلون ما ذهبت إليه في مقالتي، و سوف يعتبرونها نقداً غير موفق لقصيدة شاعر. وهذا ما لم أعمل فيه.
أنا لم أنقد أو أدرس قصيدة، بل نقدت تصرفاً ينم عن موقف خطير يؤسس لثقافة التحقير و الدونية لا ينبغي أن يصدر عن شاعر له قراؤه و منزلته. و أتيت بأمثلة من تاريخ الأدب العربي و الكوردي و العالمي تبرز المآل الذي آل إليه أصحاب المواقف الانتهازية و المنزلة التي تبوأها أصحاب المواقف المشرفة، و انتهيت إلى أن القادة مهما علا شأنهم، فهم إلى زوال في يوم من الأيام، ولكن الشعر باق ما بقيت الحياة تدب على وجه البسيطة، فهو يُترجم الشعوب و الأمم في أبياته و قصائده، وليس خافياً أن الأمم فوق القادة، بل هي التي تخلقهم.
أما العبارتان الكورديتان اللتان أوردهما السيد هوشنك في مقالته مقتبساً إياهما من قصيدة للحسيني، فلا أستطيع الحديث هنا عن مدى نجاح الشاعر في توظيفهما، لأنهما خارج جسد القصيدة تبقيان مجرد عبارتين عاديتين، و مع ذلك أرى أن لغة القصيدة الحديثة، و لاسيما النثرية، ترفض الحشو الذي تأتي به هنا كلمة (الماء) حين ورودها بعد كلمة ( الموج).
ثم إن ما كتبته لم يكن مبنياً على ( ما أشيع )و لا على ( خطأ )، بل على ما تناقلته مواقع النت، و منها ما هو قريب جداً من الحسيني، ولم أقل: ” قد ذبح كلماته و نصوصه الشعرية تحت حذاء أوجلان “، بل قلت ( رمى أو ذبح الكلمات و القصائد )، و شتان ما بين العبارتين. لا يمكن لأحد كائناً مَن كان أن يمنع آخر من رمي ( كلماته أو قصائده تحت الأحذية )، وإن فعل، فإنه يقلل من شأن نفسه فحسب، و لكن حين يُعَمم الأمر، فهو يحقر أدب شعب بأكمله. ثم إن الحسيني لم يهد أوجلان قصيدته في ذلك البرنامج، فلو كان فعل، لكنا قلنا إنه يعبر عن تعاطفه معه و ينتصر لقضيته. و هو أمرلربما يُكتب له و ليس عليه، ولكنه رمى أوراقه أرضاً و نحر الكلمات و الشعر عامة تحت الحذاء الذي يُنتعَـل فترة، ثم يُرمى، فهل الكلمات و القصائد بهذه التفاهة و هي ضمير الأمة؟!
أنا لم أفتر على أحمد حسيني الذي تربطني به معرفة و صداقة منذ ما يزيد عن عقد و نيف، كما ذهب إليه السيد هوشنك في مقالته، بل بنيت رأيي على ما لم يُحَمل لا السيد هوشنك، و لا غيره، نفسه عناء البحث عن وسيلة، إن وُجدت، ليفندوا بها ذاك الذي ( أشيع ).
إن الحدث الذي تناقلت مواقع النت خبراً عنه منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، كان على مرأى و مسمع ملايين المشاهدين، و على الهواء مباشرة، و قد سكت عنه السيد هوشنك كل هذه المدة، و لم يقل عنه إنه ( إفتراء )، فلماذا يأتي الآن و يصف مَن يقاربه بالمفترين؟. أليس لأنه يريد أن يركب رأسه بين أكتاف الآخرين، ليفكروا كما يفكر هو نفسه؟. كان حرياً به أن يرجع إلى أراشيف المواقع التي أوردت الخبر، أو أرشيف فضائية روز ت.ف ليتأكد من صحته أو عدمها، قبل أن يجري إلى قلمه ليسخر ممن كتب شيئاً مخالفا لما يراه، إذا كان يريد أن يفند آراءهم و ادعاءاتهم.و هذا أبسط القواعد التي تؤسس لرأي صائب، يحاجج آراء الغير. أم أنه يرى أن السخرية التي تشي بها مقالته بدءاً من عنوانها قادرة على حجب الحقائق؟.
أما ما ورد في أسفل مقالته من تعليقات قراء إيلاف، فقد لفت نظري جهل أحدهم بأصول البحث العلمي، وهو الذي كتب تحت اسم (سلامات) و جاء تعليقه تحت الرقم 13، حيث غمز من عملي في كتابي (فقي تيران، حياته، شعره، قيمته الفنية ) الذي أنجزته باللغة العربية و طبعته عام 1993. كانت تلك الدراسة من أوائل الأعمال في سوريا تصدت لدراسة أحد أهم رواد الشعر الكلاسيكي الكوردي في القرنين السادس و السابع عشر، و قد بذلت فيها جهداً أدبياً و فكرياً كبيراً، و مع ذلك لم أجرؤ أن أدفعها إلى أيدي القراء، قبل أن أعرض المخطوط على أساتذة كبار طامعاً في توجيهاتهم، باعتبارها كانت من بواكير عملى في الدراسات الأدبية و النقدية. لذلك عرضت المخطوط على اثنين من أساطين الأدب و النقد في جامعة حلب، و هما الناقد المعروف الأستاذ الدكتور نعيم اليافي الذي خطا النقد الأدبي العربي على يديه خطوات متقدمة تشهد بها مؤلفاته الكثيرة، و الأستاذ الدكتور بكري شيخ أمين الضليع في الدراسات الأدبية و مناهج البحث العلمي، و قد تخرج لديهما الكثيرون من حملة الدكتوراة في الأدب و النقد العربيين. و باعتبار أن كليهما لا يعرفان اللغة الكوردية، فقد اعتذرا عن التعليق على الشواهد الشعرية التي أوردتها في ثنايا الدراسة، و لكنهما أثنيا على منهج البحث الذي اتبعته في الدراسة،ثناءاً ما كنت أتوقعه، و زوداني بتوجيهاتهما، التي استفدت منها في تلك الدراسة و في أعمالي اللاحقة بكلتا اللغتين العربية و الكوردية. أوردت هده المعلومة هنا ليس لأصحاب الخبرة، بل لصاحب التعليق الذي أكاد أجزم أنه لا يفقه منها شيئاً، لأن عبارته تؤكد تطفله على ميدان النقد الأدبي.
بقي أن أكشف للسيد هوشنك، وهو يتصيد الكتابات التي تتناول موقف الحسيني، أن مقالة
قصيرة ظهرت بعد تلك المسرحية الحسينية الهزلية، و تحديداً في 30. 11. 2009، كتبتها السيدة أفين برجم باللغة الكوردية، و نشرتها في موقع نـَتـَوَ، عبرت فيها عن اشمئزازها لصدور موقف رخيص عن شاعر. لربما تدفعه الحمية إلى رشق تلك الكاتبة أيضاً بسهامه الساخرة التي لن تحجب الشمس بغربالها.
مهلاً يا صديقي، الانحياز إلى الصداقة أو الزمالة أو الاشتراك في أديولوجية ما، و تجاوز أسلوب البحث العلمي، في الكتابة لا يجر على صاحبه في النهاية غير الخسران.
heyderomer@web.de
عن ايلاف