خالص مسور
في قصيدته: الموسومة بـ (وموج الدمع ترهبه النجوم).
يقول نوشين:
أيها النجم المغرد على
قمة الموت،
وأنت فاغر فمك
لتستنشق، من حولنا،
الهواء…
كل الهواء
في قصيدته: الموسومة بـ (وموج الدمع ترهبه النجوم).
يقول نوشين:
أيها النجم المغرد على
قمة الموت،
وأنت فاغر فمك
لتستنشق، من حولنا،
الهواء…
كل الهواء
رفقاً بنا !!
عنوان النص الذي جاء مبتداً بالواو النحوية/حسب ما قبلها/ أي يخبرنا الشاعر بأن هناك ما قبل العنوان وقد تعمد الشاعر إخفاءه، وبذلك يكون قد استخدم تقنية اللانص ليختصر الكثير من الكلام الزائد والحشو في سطوره الشعرية، وأبقى على المهم وما هو أهم ومفيد ومعبر عما تجود به محراب صومعة الذات الشاعرة.
ويبدو الشاعر نوشين هنا وهو يخاطب السفاحين المتربعين على قمم الموت بإحساس شاعري لهيف، مستخدماً أداة النداء/أيها/ /أي للنداء و/ها/ للتنبيه بشكل شاعري مؤثر، وبتقنية الرمز والتورية حيث يرمز النجم إلى السفاحين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وضد الشعوب التواقة إلى الخلاص والحرية، وهو هنا يعني به بالأخص شعبه الكردي الذي باتت سماؤه مرتعاً لتغريد نجوم الموت من السفاحين والكيمياويين وقتلة الأطفال والنساء والشيوخ. نستدل على ذلك بعبارته التي جاءت بضمير الجمع – رفقاً بنا – وهويعني بـ/بنا/ أي نحن الشعب الأكردي. والتغريد من فوق قمم الموت يعني أفظع جرائم الإبادة الشاملة ضد هذا الشعب الآمن. وقد شخص النجم ليعطي أكثر الصور انطباعاً عن المجازر وامتهان حرفة إزهاق الأرواح من قبل هذه النجوم التي أرعبت البشرية طوال تاريخها المديد. نصوص نوشين ليست ليت في الدرجة صفر للكتابة بتعبير رولان بارت، بل ليست محاكاة للواقع أو نقل حرفي لما هو واقع ولكنه الشاعر المحلق في فضاءاته المتخيلة للصور الذهنية، ومفرداته تتصف بالرمزية والإنفعالات النفسية الصارخة رغم الهدوء البارز في العبارات الشعرية، وهو مما يعطي في النهاية الإنطباع عن إحساس إنساني نبيل ومعاناة تعتلج في دواخل الذات الشاعرة.
الشعر لدى نوشين حوار مع الآخر يتأمل المحيط، يناجيه، يشخصه، ويؤنسنه أحياناً، أو يتركه على وضعه الطبيعي أحايين أخرى وهو في ورشته الفنية ينحت صوراً شعرية بإمداءات أفقية مفارقة/ قمة الموت/ لتشكيل رؤيته الذاتية للأشياء سائراً من المجرد إلى المحسوس ليجسد أمام المتلقي صورة شاعرية حية نابضة بالحركة والحياة سواء في تشابك العلاقات الدلالية أوفي سياحته الأفقية مع تعابيره اللغوية الجميلة. والنجم لدى الشاعر مستبد سلبي يحاول القتل والاعدام بالجملة مما خلق حالة من الإدهاش والذهول! يدل على ذلك صرخة الذات الشاعرة /رفقاً بنا/ موشياً سطوره الشعرية بالنقاط اللانصية وبإشارات التعجب والإيقاع المرافق للحروف السبعة في كلمة/لتستنشق/ ودوي حرف القاف الصارخ القوة.
وقد يلجأ نوشين هنا إلى الحكمة والمثل لتوضيح الأصالة والتفرد- ولم يحرق صبابتها سوى جمر الملوح- باستخدام التراث العربي العريق ومسنداً بالشخصيات التراثية الشهيرة، ليؤكد ما يريد توضيحه والتأكيد عليه متمثلاً بشخصيات- عنترة- عبلة- ليلى- الملوح-
كما في السطور الآتية:
فسيف عنترة لم يكن يوماً
أسير الغانيات،
وعبلة لم تكن حديث السكارى
وكثيرون سواك تغنوا بليلى،
ولم يحرق صبابتها، سوى
جمر(الملوح).
هنا استطاع نوشين التعبير عن عاطفة جياشة تجاه الشخصيات التراثية الرامزة، وكأنها صدى لصوت ماض أليم، ولكنه الصوت الرصين الدال على القوة والتحدي معبراً عن عدم زحزحته عن مواقفه المبدئية باستخدامه حرف النفي/لم/ لتقديم صورة تلفزيونية (الترافلينغ) لما يريد التعبير عنه بكل سلاسة ووضوح، محفزاً – في الوقت نفسه- الذهنية الثقافية للمتلقي واستفزازه باستدعاء الكاريزمات التاريخية، مما أدى إلى خلق حالة شعرية رصينة العبارات جميلة الوقع على الأذن، ورغم النثرية الواضحة في التقنية السردية، ألا أن الشاعر استطاع إنقاذ سطوره الشعرية نوعاً ما من النثرية والإستسهال الشكلي، وذلك بتقنية التضمين والإيقاع الموسيقي المنسجم والإنتقال من الضمير المتكلم – فسيف عنترة لم يكن يوماً أسير الغانيات- إلى الضمير المخاطب وكثيرون سواك تغنوا بليلى – ومن الجملة الإسمية السكونية إلى الأفعال المضارعة كالأفعال – يكن – تكن – تغنوا- يحرق- وهو ما عوض سطوره الشعرية بإشاعة جو طافح بالحركية النابضة وبالحيوية والحياة، وبذلك أجاد الشاعر نوشين استخدام ديناميات الرمز التاريخي وإسقاطها على الحالة الراهنة بكل قوة وتميز واقتدار.
هل تريد العشق مرمياً
كالقتيل أمام نعليك…
وأنت نجم هارب،
تحتمي بالسراب،
وجرح أقدامك
على دروب جوعنا،
يبكي بصمت،
وغدا وجهك
نافذة مستباحة للريح،
ومن حولك الحزانى
تقلبوا على جبهة الأحلام
مخافة السقوط
في خندق جنونك !؟
يحاول الشاعر نوشين القبض على اللحظة الإنسانية الهاربة من الزمن الآتي مستخدماً الضمير المخاطب وتقنيات الإنزياحات اللغوية والأنسنة والتشخيص- وأنت نجم هارب- على دروب جوعنا- وجهك نافذة- جبهة الأحلام- فبدا شاعراً مرهف الإحساس يحلم بكل ما هو أثير وجميل في هذا العالم المثير، وفي شعرية طافحة برموز الحزن والألم والجنون، كما في عبارات – القتيل – جرح أقدامك- يبكي بصمت- الحزانى- السقوط – الجنون- وهذه كلها جاءت بكثير من الوضوح وسلاسة التعبير ورشاقة المضمون والإيحائية المعبرة، ثم البوح إلى صرير القلم بما يتمخض عن رسم صور شعرية معبرة وجمل وسطور شاعرية تزخر بثراء الدلالات وإيقاع شاعري جميل. وفي سطوره الآتي يقول نوشين:
يا ليلي الحافل بلحن حب
جاء من فوق النجوم،
وأنا رفعت رايتي،
ووقعت صك الحب
في ديوان محكمة
قاضيها… ..
… .. والمدعي فيها
فقط عيناك.
رغم أن السطرين الأولان يلفهما شيء من المباشرة، لكن ليس دون شيء من الإيحاء والشاعرية، وليس دون أن يترك نوشين للمتلقي ما يفككه ويفكر فيه عن طريق النقاط اللانصية في السطرين السادس والسابعن وهي تقنية ممتازة لدى شعراء الحداثة اليوم، ورغم هذا وما عدا السطرين الأخيرين الجميلين منها – والمدعي فيها – فقط عيناك- فلم تدغدغ العبارات الأولى وجدان المتلقي بما فيه الكفاية. فلحن ليل حب الشاعر الحافل جاء من فوق النجوم، أي جاءت الإستيراتيجيته النصية بالإعتماد على امداءات المسافات وغرائبية المكان وعلو مقامه، أكثر من اللعب على الإنزياحات اللغوية أو اللعب على الدوال اللغوية، فعبارة فوق النجوم أضحى مكاناً مألوفاً ولم يأت الشاعر هنا بشيء جديد في عبارته هذه. ولذا رأينا أن العبارة التي أوردها ضنينة بالشاعرية إلى حد ما. ولكن تمكن الشاعر أن يسعف سطوره الشعرية نوعاً ما بشيء من السلاسة والإنسيابية في الصور الشعرية التركيبية وفي الموسيقى الصادحة في عبارته- يا ليلي الحافل – وفي العدولية الكامنة في عبارة- لحن الحب- ولكني أعتقد بأن السطرين الأولان لو جاءتا بالشكل التالي لنفدتا من التقريرية والمباشرة ولاكتسبتا إشارات لغوية أجمل في صورها الشعرية أوحتى في دلالاتها اللغوية أيضاً، كأن يقول على سبيل المثال – يا ليلي الحالم بلحن حب – تاه في مسرى النجوم، بدلاً من فوق النجوم – أو ما شابه وعندها ستكون العبارة أكثر شاعرية والتذاذاً.
ويبدو الشاعر نوشين هنا وهو يخاطب السفاحين المتربعين على قمم الموت بإحساس شاعري لهيف، مستخدماً أداة النداء/أيها/ /أي للنداء و/ها/ للتنبيه بشكل شاعري مؤثر، وبتقنية الرمز والتورية حيث يرمز النجم إلى السفاحين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وضد الشعوب التواقة إلى الخلاص والحرية، وهو هنا يعني به بالأخص شعبه الكردي الذي باتت سماؤه مرتعاً لتغريد نجوم الموت من السفاحين والكيمياويين وقتلة الأطفال والنساء والشيوخ. نستدل على ذلك بعبارته التي جاءت بضمير الجمع – رفقاً بنا – وهويعني بـ/بنا/ أي نحن الشعب الأكردي. والتغريد من فوق قمم الموت يعني أفظع جرائم الإبادة الشاملة ضد هذا الشعب الآمن. وقد شخص النجم ليعطي أكثر الصور انطباعاً عن المجازر وامتهان حرفة إزهاق الأرواح من قبل هذه النجوم التي أرعبت البشرية طوال تاريخها المديد. نصوص نوشين ليست ليت في الدرجة صفر للكتابة بتعبير رولان بارت، بل ليست محاكاة للواقع أو نقل حرفي لما هو واقع ولكنه الشاعر المحلق في فضاءاته المتخيلة للصور الذهنية، ومفرداته تتصف بالرمزية والإنفعالات النفسية الصارخة رغم الهدوء البارز في العبارات الشعرية، وهو مما يعطي في النهاية الإنطباع عن إحساس إنساني نبيل ومعاناة تعتلج في دواخل الذات الشاعرة.
الشعر لدى نوشين حوار مع الآخر يتأمل المحيط، يناجيه، يشخصه، ويؤنسنه أحياناً، أو يتركه على وضعه الطبيعي أحايين أخرى وهو في ورشته الفنية ينحت صوراً شعرية بإمداءات أفقية مفارقة/ قمة الموت/ لتشكيل رؤيته الذاتية للأشياء سائراً من المجرد إلى المحسوس ليجسد أمام المتلقي صورة شاعرية حية نابضة بالحركة والحياة سواء في تشابك العلاقات الدلالية أوفي سياحته الأفقية مع تعابيره اللغوية الجميلة. والنجم لدى الشاعر مستبد سلبي يحاول القتل والاعدام بالجملة مما خلق حالة من الإدهاش والذهول! يدل على ذلك صرخة الذات الشاعرة /رفقاً بنا/ موشياً سطوره الشعرية بالنقاط اللانصية وبإشارات التعجب والإيقاع المرافق للحروف السبعة في كلمة/لتستنشق/ ودوي حرف القاف الصارخ القوة.
وقد يلجأ نوشين هنا إلى الحكمة والمثل لتوضيح الأصالة والتفرد- ولم يحرق صبابتها سوى جمر الملوح- باستخدام التراث العربي العريق ومسنداً بالشخصيات التراثية الشهيرة، ليؤكد ما يريد توضيحه والتأكيد عليه متمثلاً بشخصيات- عنترة- عبلة- ليلى- الملوح-
كما في السطور الآتية:
فسيف عنترة لم يكن يوماً
أسير الغانيات،
وعبلة لم تكن حديث السكارى
وكثيرون سواك تغنوا بليلى،
ولم يحرق صبابتها، سوى
جمر(الملوح).
هنا استطاع نوشين التعبير عن عاطفة جياشة تجاه الشخصيات التراثية الرامزة، وكأنها صدى لصوت ماض أليم، ولكنه الصوت الرصين الدال على القوة والتحدي معبراً عن عدم زحزحته عن مواقفه المبدئية باستخدامه حرف النفي/لم/ لتقديم صورة تلفزيونية (الترافلينغ) لما يريد التعبير عنه بكل سلاسة ووضوح، محفزاً – في الوقت نفسه- الذهنية الثقافية للمتلقي واستفزازه باستدعاء الكاريزمات التاريخية، مما أدى إلى خلق حالة شعرية رصينة العبارات جميلة الوقع على الأذن، ورغم النثرية الواضحة في التقنية السردية، ألا أن الشاعر استطاع إنقاذ سطوره الشعرية نوعاً ما من النثرية والإستسهال الشكلي، وذلك بتقنية التضمين والإيقاع الموسيقي المنسجم والإنتقال من الضمير المتكلم – فسيف عنترة لم يكن يوماً أسير الغانيات- إلى الضمير المخاطب وكثيرون سواك تغنوا بليلى – ومن الجملة الإسمية السكونية إلى الأفعال المضارعة كالأفعال – يكن – تكن – تغنوا- يحرق- وهو ما عوض سطوره الشعرية بإشاعة جو طافح بالحركية النابضة وبالحيوية والحياة، وبذلك أجاد الشاعر نوشين استخدام ديناميات الرمز التاريخي وإسقاطها على الحالة الراهنة بكل قوة وتميز واقتدار.
هل تريد العشق مرمياً
كالقتيل أمام نعليك…
وأنت نجم هارب،
تحتمي بالسراب،
وجرح أقدامك
على دروب جوعنا،
يبكي بصمت،
وغدا وجهك
نافذة مستباحة للريح،
ومن حولك الحزانى
تقلبوا على جبهة الأحلام
مخافة السقوط
في خندق جنونك !؟
يحاول الشاعر نوشين القبض على اللحظة الإنسانية الهاربة من الزمن الآتي مستخدماً الضمير المخاطب وتقنيات الإنزياحات اللغوية والأنسنة والتشخيص- وأنت نجم هارب- على دروب جوعنا- وجهك نافذة- جبهة الأحلام- فبدا شاعراً مرهف الإحساس يحلم بكل ما هو أثير وجميل في هذا العالم المثير، وفي شعرية طافحة برموز الحزن والألم والجنون، كما في عبارات – القتيل – جرح أقدامك- يبكي بصمت- الحزانى- السقوط – الجنون- وهذه كلها جاءت بكثير من الوضوح وسلاسة التعبير ورشاقة المضمون والإيحائية المعبرة، ثم البوح إلى صرير القلم بما يتمخض عن رسم صور شعرية معبرة وجمل وسطور شاعرية تزخر بثراء الدلالات وإيقاع شاعري جميل. وفي سطوره الآتي يقول نوشين:
يا ليلي الحافل بلحن حب
جاء من فوق النجوم،
وأنا رفعت رايتي،
ووقعت صك الحب
في ديوان محكمة
قاضيها… ..
… .. والمدعي فيها
فقط عيناك.
رغم أن السطرين الأولان يلفهما شيء من المباشرة، لكن ليس دون شيء من الإيحاء والشاعرية، وليس دون أن يترك نوشين للمتلقي ما يفككه ويفكر فيه عن طريق النقاط اللانصية في السطرين السادس والسابعن وهي تقنية ممتازة لدى شعراء الحداثة اليوم، ورغم هذا وما عدا السطرين الأخيرين الجميلين منها – والمدعي فيها – فقط عيناك- فلم تدغدغ العبارات الأولى وجدان المتلقي بما فيه الكفاية. فلحن ليل حب الشاعر الحافل جاء من فوق النجوم، أي جاءت الإستيراتيجيته النصية بالإعتماد على امداءات المسافات وغرائبية المكان وعلو مقامه، أكثر من اللعب على الإنزياحات اللغوية أو اللعب على الدوال اللغوية، فعبارة فوق النجوم أضحى مكاناً مألوفاً ولم يأت الشاعر هنا بشيء جديد في عبارته هذه. ولذا رأينا أن العبارة التي أوردها ضنينة بالشاعرية إلى حد ما. ولكن تمكن الشاعر أن يسعف سطوره الشعرية نوعاً ما بشيء من السلاسة والإنسيابية في الصور الشعرية التركيبية وفي الموسيقى الصادحة في عبارته- يا ليلي الحافل – وفي العدولية الكامنة في عبارة- لحن الحب- ولكني أعتقد بأن السطرين الأولان لو جاءتا بالشكل التالي لنفدتا من التقريرية والمباشرة ولاكتسبتا إشارات لغوية أجمل في صورها الشعرية أوحتى في دلالاتها اللغوية أيضاً، كأن يقول على سبيل المثال – يا ليلي الحالم بلحن حب – تاه في مسرى النجوم، بدلاً من فوق النجوم – أو ما شابه وعندها ستكون العبارة أكثر شاعرية والتذاذاً.
15/2/2010 م