عزيزي هوشنك! إلى نص نعود ؟!*

حيدر عمر

كتب الأستاذ هوشنك أوسي في جريدة إيلاف الالكترونية مقالاً معنوناً بـ” رد على حيدر عمر، مع التحية” رداً على مقال لي في الجريدة نفسها، تحت عنوان ” القراءة المزاجية، هوشنك أوسي نموذجاً ” ليس من باب مناقشة آرائي حول الموضوع المثار، بل من باب دحض ما ذهبتُ إليه. وعلى الرغم مما ورد في رده من إساءات، أقول حسناً فعل، علنا نستطيع معاً أن نضع المناقشة في مسارها الصحيح.

بدأ الأستاذ هوشنك مقاله بهدوء واضح معبراً عن شيئ من الاحترام، مشكوراً، من خلال قوله ” ….لكوني أعتبر حيدراً، و دون مجاملة، من نقادنا الأكراد الأفاضل “. ولكنه سرعان ما بدا منفعلاً، ليسيطر الانفعال على المقال حتى النهاية، ويجعله ينسى ” دون مجاملـ”ته، فيبدو نادماً على إبرازه الاحترام، لأن طينتي لا تعجبه ” ناقد من طينة حيدر عمر”.
ثم يبدأ، فيلقي علينا درساً في النقد و معناه و وظائفه و إجراءاته، مما لا يمكن (بلعه) إلا في حدود القبول من زميل في مهنة التعب، أعني مهنة الكتابة عامة، و النقد خاصة، أخطأ في توجيه البوصلة.
يدخل الأستاذ هوشنك، بعد هذا التمهيد إلى صلب موضوعه، ولكنه، على الرغم من تأكيده أنه يكتفي ” بالرد على الأسلوب و الفكرة “، ويترك لنا ” البناء على الخبر و الشائعة، و نقلاً عن فلان أو علان “. أقول على الرغم من هذا التأكيد فإن رده لم يسلك مسلك المناقشة، بل اتخذ الدحض و الرفض سبيلاً ما حاد عنه.
يأخذ عليَ أنني بنيت رأيي على خبر منقول عن مواقع إلكترونية، و يشك استطراداً بمصداقيتها ” و متى أصبحت مواقعنا الالكترونية أناجيل و مصاحف ، و محرروها ملائكة و أنبياء و أولياء ….و لا يشوبهم شائبة, حتى نثق، مغمضي الأعين و العقول و القلوب بما ينشرونه من أخبار؟ “. بل يذهب إلى أن لتلك المواقع  ” مناكفاتها و مناوءاتها من روج تي في و أحمد حسيني “. و يستطرد أنني اكتفيتُ ” بالأخبار “الموثوقة” التي لا يأتيها اللغو و التلفيق من جنبيها، التي نشرها موقع الكتروني كردي معرف الميل و الهوى و المرام”. و عليه فكل من ينتقد أحمد حسيني هو ” متطفل على إبداعه، و على النقد أيضاً، و متطبل بالأحقاد و الخصومات “، و هم ” يتربصون به، و يتصيدون له في الماء العكر لكل قول أو فعل يصدر عنه “.
في مقالي السابق، دعوت الأستاذ هوشنك إلى العودة إلى أراشيف مصادري، وهي موقعا آزاديا وَلات و آفستاكرد الإلكترونيين، فضلاً عن أرشيف فضائية روج تي في، عسى أن يفيدنا و يفيد نفسه، فيبني بطلان الخبر وتلفيقه على وثيقة لا تقبل الجدل.
أنا لا أعلم، لا سابقاً ولا الآن، إن كان ثمة خلاف بين تلك المواقع و الشاعر أحمد حسيني، و ليس من حقي أن أتطفل على علاقات شخصية بين جهتين أو شخصين. أما إذا كان ثمة خلاف فعلاً، أو أن تلك المواقع تناكف حسيني و تناوئه، فأنا أعتقد جازماً أن موقع آزاديا وَلات، ليس من بين تلك المواقع، و لا أظن أن بينه و بين حسيني إلا كل الاحترام المتبادل. فلماذا، و الحال هذه، يفبرك هذا الموقع خبراُ مسيئاً لأحمد حسيني؟.  يمكن للأستاذ هوشنك و القراء الكرام أن يعودوا إلى الرابط أدناه، الذي سوف يجدون فيه مقالاً قصيراً منشوراً بتاريخ 30. 11. 2009 يستعرض كاتبه تلك الأمسية التي أحيتها فضائية روج تي في، و التي رمي فيها الشاعر أحمد حسيني أوراقه أرضا ً، و قال بالكوردية منفعلاً ما معناه ” لتكن الكلمات و القصائد قرباناً لحذائك يا أوجلانوس”.
    http://www.welat.org/haber_detay.php?haber_id=4954
لم يعد الرجل إلى أراشيف تلك المواقع، لأنها كاذبة، ملفقة و مفترية، تلفق الأخبار و تنشرها لغايات خبيثة في نفوس مشرفيها و محرريها، و لها ” مناكفاتها و مناوءاتها من روج تي في و أحمد حسيني”. و السؤال هنا: هل موقع آزاديا وَلات هو أحد تلك المواقع المناكفة، المناوئة و الملفقة؟.
لم يعد إلى أراشيف مصادري، بل أصرَ على العودة إلى نص حسيني، على الرغم من أنني، كما قلت في مقالى السابق، لم أنقد أو أدرس قصيدة، بل نقدتُ موقفاً ظهر في فعل و قول أتاه و قاله حسيني، و نقلته وسائل إعلامية و ثقافية. فالمواقف لا تظهر في النصوص فحسب، بل تظهر في الأفعال و الأقوال و الحركات أيضاً.
 ألح الرجل في مقاله على العودة إلى نص حسيني، لأن ” النص سيد الرد و البيان” زاعماً أن العبارة الأخيرة، موضوع الجدل، هي من جسم قصيدة لأحمد حسيني، و لم ترد فيها كلمة معناها بالعربية (حذاؤك)، بل ما ورد هو كلمة أخرى معناها بالعربية ( موج مائك )، و لجأت المواقع ( المغرضة) إلى تحريف الكلمة بشكل يجعلها تعني (حذاؤك)، و قد تم  ذلك بسبب القرب اللفظي و الكتابي ما بين الكلمتين الكورديتين.
و لقد ظهر هذ ا الإلحاح مرات عديدة في مقاله بصيغ متعددة أبرزها ” العودة للنص”. و نحن، نزولاً عند رغبته، عدنا إلى النص. فماذا كانت النتيجة؟.
النص مقسم إلى قسمين، كلاهما، الأول في 01.03.2008، و الثاني في 13.04.2008 منشوران في موقع rojava.net
 وهو مهداة إلى المناضلة الكوردية ليلى زانا.  أما المضون، فهو إشادة بالزعيم الكوردي عبدالله أوجلان. و قد فعل الشاعر أحمد حسيني حسناً، سواء من جهة الإهداء أو من جهة الإشادة. وهو النص الذي يقول السيد هوشنك أوسي في مقال الأول الموسوم بـ” عن النقد، أنصافه و إنصافه: ” و قد كنتُ قرأتُ نص الحسيني المعنون” قنديلوس أوجالانوس” باللغة الكردية في حينه”.
 هذا ” الحين ” يعني أنه قرأ النص غداة نشره في ذلك الموقع، أي في الشهر الثالث من عام 2008، و كان يتضمن العبارة الأخيرة التي تقول:
Min jî bersiva wî bi hêrs da: De bila hemî peyv û hemî helbest bi qurbana pêl-ava te bin Ocalanos.
والتي تعني: أجبته منفعلاً: لتكن الكلمات كلها، و القصائد كلها قرباناً لموج مائك يا أوجالانوس!.
ولكننا حين بحثنا في الـ(كـَوكـَل)، وجدناه يذهب مذهباً آخر. فهو يحتفظ بنسختين للقسم الأول من النص، كلاهما مأخوذان عن الموقع المشار إليه أعلاه، أي روز آفا.نت، و كلاهما بتاريخ 01.03.2008 .إحدى النسختين تتضمن العبارة الكوردية المذ كورة أعلاه، وهي محفوظة بالشكل ذاته في الموقع نفسه حتى اليوم. أما الأخرى، فهي خالية من تلك العبارة، و قد حُذفت من الموقع، إلا أن الـ(كـَوكـَل ) لا يزال يحتفظ بها، و يشير إلى أن تغييراً طرأ على النص في الشهر الأول من عام 2010.
Qendîlos Ocalanos – www.rojava.net

1 مارس 2008 Çîrokên xwe veweşîne Ocalanos, mîrnişîniya xwe ya ji keskê hêviyê, ji sorê birînê û çarenûsa reşgirêdanê, di navbera du hawaran de,
www.rojava.net/ehmedehuseyni.01.03.2008.htm – Im Cache

و حين وازننا بين النسختين، الأولى و تلك التي يشير الـ(كـَوكـَل) إلى أن تغييراً طالها، لم نجد سوى العبارة الأخيرة في النسخة المعدلة لاتتطابق مع النسخة الأولى. للتأكـُد أنظر الرابط أعلاه و انقر على:
Im Cache.
هل انتهكتُ النقد، كما ادعى السيد هوشنك في مقاله؟ و هل فند، كما يقول ” أما أنا، فقد فندت ما ذهبتَ إليه أنت، و ذهب إليه قبلك آخرون، بالدعوة إلى العودة للنص الأصل!..أو تريد أكثر من هكذا تفنيد!؟. هل فعلاً فند ما ذهبتُ إليه؟. أنت لم تقرأ النص الأصل يا عزيزي رغم انك تدعي ذلك، و التأكيد على ما أقول هو الـ(كـَوكـَل) الدي لا أنا و لا أنت و لا أحد يستطيع أن يتلاعب بمحتوياته. فمَن منا يبني أحكامه على الأخبار الكاذبة و الملفقة؟.  
ماذا حدث؟ كيف يمكن تفسير ما حدث؟ لماذا حذف موقع روز آفا.نت النسخة الخالية من تلك العبارة؟. و هل كان النص يتضمنها عندما قرأه السيد هوشنك أوسي ” في حينه ” أو أنه قرأه بعد الإضافة؟. إذا كان المقصود من تلك الكلمة (موج مائك) و ليس (حذاؤك)، فلماذا لم يضفها حسيني إلى نصه مباشرة بعد تلك الأمسية على الأقل رغم أن هذا لا يقدم و لا يؤخر؟.  و هل تآمر الـ(كـَوكـَل) على الشاعر، فحذف عبارة مهمة من نصه، ليسيئ إليه. أسئلة تبحث عن إجابات مقنعة عند المعنيين، و هم الشاعر نفسه، و الموقع الذي حذف النسخة الأولى و أخيراً السيد هوشنك أوسي.  العارفون بتقنيات النت يبرؤون الـ(كـَوكـَل)، و يقولون إن ما حُفظ فيه لا تطاله يد التغيير، لا تعديلاً ولا حذفاً أو زيادة.
أما أنا، فأقول إن النص حينما كـُتب و نـُشرالقسم الأول منه للمرة الأولى، لم يكن يتضمن العبارة الأخيرة، موضوع الجدل. ولكن الشاعر، إذ وجد أن  ما بدر منه- في برنامج فضائية (روج تي في) بتاريخ 27. 11. 2009،من موقف لا يُحسد عليه، حين رمى أوراقه أرضاً، و قال ما قال، قد أصبح  حديث الناس سواء همساً أو من خلال مَن اتصل به مستفسراً أو مستنكراً، أو من خلال ما تناقلته مواقع النت. أقول بعد ذلك، أضاف العبارة الأخيرة إلى نهاية القسم الأول من نصه، و كتب في هذه العبارة تلك الكلمة المثيرة للجدل بشكل يمكن معه أن تحمل معنى (موج مائك)، ثم أثبته بعد الإضافة في موقع روزافا.نت، و حذف  النسخة الأولى من الموقع، و ذلك بالاتفاق مع هيئة التحرير و المشرفين على القسم الكوردي. وهو أمر يمكن للشاعر أحمد حسيني أن يطوله، لأن الموقع مقرب منه، و قد كان هو نفسه أحد أعضاء هيئة التحرير فيه فترة طويلة، و ربما لا يزال. و إلا، فمن أين جاء الـ(كـَوكـَل) بتلك النسخة المأخوذة من هذا الموقع وهي خالية من تلك العبارة؟.
هكذا أتصور الأمر، و أفسره، وهو تفسير أرجو أن أكون مخطئاً فيه، ولكنني سأبقى عليه إلى أن يدلني المعنيون على عكسه.
أذهب إلى ذلك ، دون أن أصادر حق أي شاعر أو كاتب في أن يُجري تعديلات في كتاباته حذفا ً أو إضافة. ولكن للأمر أصول و قواعد، أعتقد أن جميع حملة الأقلام، و حسيني  بينهم، يعرفونها، و يحرصون عليها. وهي أن للكاتب حق في التصرف بنصه كيفما يشاء قبل النشر، أما بعد النشر، فإن احترام وعي قرائه و زملائه، و كذلك الأمانة، يفرض عليه أن يشير إلى التعديلات التي يُحدثها في النص المنشور. و هذا  ما لم يفعله أحمد حسيني.
أما إذا جئتُ إلى الحديث عن النص، فلا يمكنني إلا أن أقول، و باقتضاب شديد، ودون أن ألج إليه هنا، لأنني لست في معرض تقييمه فنيا ً، سوى أنني سأقف عند الصورة في العبارة المضافة.  إنه نص حسيني بامتياز، سواء في أسلوبه أو في طريقة  بنائه و تعبيراته و توليد مفرداته و صوره و إيحاءاتها، بحيث لا تخطئ القراءة الناقدة أن تنسبه إلى أحمد حيسني، بدءاً من العنوان الذي يذكرنا ببطولات سبارتاكوس، محرر العبيد، وما يترجمه من تقييم عال للزعيم الكوردي السيد أوجلان و نضاله.  حتى و إن خلا من توقيعه أو اسمه. و ذلك لما تميز به هذا الشاعر من صوت متفرد بين شعراء الحداثة الكورد. وهي ميزة فنية تـُكتـَب له.
إلا أنني أرى الصورة في العبارة المضافة إلى نهاية القسم الأول من هذا النص، هزيلة لم يُوفق الشاعر فيها. فإذا نظرنا إليها من الزاوية الفنية، نرى أن ذكر كلمة (الماء) بعد كلمة (الموج)، كما قلت في مقالي السابق، حشو لا طائل تحته، و في الوقت نفسه لا تقبله لغة قصيدة النثرالتي أجمع نقادها على أنها تتميز بالتركيز و التكثيف و تلافي الاستطراد، لأن الاقتصاد أهم خواصها و منبع شاعريتها.
أما إذا نظرنا إليها (الصورة) من الزاوية الفكرية، فإننا نراها لم تـُعل من شأن نضال السيد أوجلان ومكانته، إذ أن الترميز إلى نضاله، بدءاً مما قبل مؤامرة الاختطاف ، واستمرار هذا النضال بعدها، و صموده في السجن المنفرد في تلك الجزيرة النائية طوال هذه السنين، و التضييق الذي تمارسه عليه الحكومات التركية و جنرالاتها، الترميز إلى ذلك بموج الماء يقلل من شأنه، و لا يُعليه.
مهما اختلفنا و اختلف المنظرون و المناضلون أيضاً مع السيد أوجلان، فإن أحداً لا يمكنه أن ينكر أنه أحدث في المجتمع الكوردي، في شمال كوردستان، هزة قوية أيقظته من غفلة دامت ما يزيد على الأربعين عاماَ، و أن حركة تحرير كوردستان قد هزت، و لا تزال، الأرض تحت أقدام أحد أقوى و أعتى  الجيوش في العالم. من هنا يصبح الترميز إلى كل ذلك بموج الماء ترميزاً غير موفق. فالموج مهما كان عالياً و صاخباً و مجلجلاً و ثائراً، فإنه لا يلبث أن يهدأ و يفقد كل تلك القوة و الهيبة. هل فقد السيد أوجلان صموده، و حركة تحرير كوردستان قوتها و هيبتها التي جعلت جنرالات الجيش التركي لا يهنؤون بالراحة حتى في غرف نومهم، فيأتي أحد الشعراء، ويرمز إلى ذلك بموج الماء؟!.
لماذا جاءت الصورة هزيلة لدى حسيني المعروف أنه يقبض على صوره و يبنيها بدقة و إتقان؟. أرى أنه حين أضاف العبارة المتضمنة هذه الصورة، لم يكن في حسبانه سوى أن يخفف على نفسه من وطأة الموقف الذي أبداه في أمسية فضائية (روج تي في) التي كانت بتاريخ 27. 11. 2009، حين رمى أوراقه أرضاً ، و جعل الكلمات و القصائد قرباناً لحذاء السيد أوجلان. و لم يكن أمامه سوى هذه الصورة، لأنها أقرب لفظاً و كتابة ً من الكلمة الكوردية التي تلفظ بها في تلك الأمسية، والتي تعني الحذاء.
عودة إلى مقال السيد هوشنك. يقول عني إنني اتهمته بأن له موقفا ً مسبقا ً مني رغم عدم وجود معرفة سابقة بيننا، و يطالبني ببيان هذا الأمر و تفسيره، لأنه ” نال منه منال الدهشة و الغرابة “. أقول لا تندهش يا صديقي، فلم أقصد موقفاً مسبقاً مني، لأنني أعرف أنك لا تكن لي ضغينة، بل ما قصدته هو موقفك المسبق تجاه انتقاد أحمد حسيني، و الدليل على ذلك هو مقالك هذا الذي  تتهمني فيه بالتلفيق على حسيني و إطلاق التهم جزافا ً عليه، و أنت تستند في دعواك على نص لم يصمد أمام ما سميته تلفيقا ً.
قلتُ في مقالي السابق ( لو كانت مقالته مكتوبة باللغة الكوردية، لربما لم أكن أكتب معقباً عليه، ليس ترفعاً، بل لأن ما أراده كل منا نحن الأثنين ليس عصياً على حصافة القراء). لا أدري كيف فهم السيد هوشنك هذه العبارة رغم وضوحها الجلي، فراح يفسرها على هواه، و يجعلها شاهدا ً على إهانتي اللغة الكوردية بعد أن استشهد في مقاله بنصفها، و حجب النصف الآخر الذي يدل على احترامي هذه اللغة و قراءها على السواء، و ذلك على غرار”لا تقربوا الصلاة……. “.
 و لا تقف سخريته عند هذا الحد، بل يستمر فيها في معرض رده على إشارتي إلى غلط لغوي في قوله ” لو عاد للنص سيرى ”  فيأتي في رده بغلط أكبر إذ يقول: “و فعلا ً ظننت أنني قد اقترفت سقطة نحوية، ولكن حين تمعنتُ ، ثم سألت أحد الأصدقاء و الزملاء الكتاب، و يحمل الإجازة في اللغة العربية………. فتأكدت أن ” لرأى ” أصح من ” سيرى “، لأن اللام رابطة لجواب الشرط، لاسم الشرط غير الجازم ” لو”. عموما ً لا داعي لهذ الأمور”. لماذا تظنها سقطة، أو ليست هي كذلك فعلا ً؟.
أوافقك الرأي أن الكاتب ليس في امتحان اللغة، ولكن هذا لا يمنحه رخصة ارتكاب الغلط الذي ربما لا نكون جميعا ً في منأى منه، إلا أن الأمر يتطلب منا، إن لم نقابل مَن يرشدنا إلى الصواب بالشكر، ألا نسخر منهم على الأقل.
و ها أنت تواظب على تلك السقطات النحوية تنظيرا ً و تطبيقا ً. فـ(لو) هذا ليس اسم شرط كما تقول، بل هو حرف  شرط، و شتان ما بين الاسم و الحرف في النحو العربي. أما كلمة (أصح) في قولك ( فتأكدتُ أن (لرأى) أصح من(سيرى)، فهي تدل على أنك لازلت ترى شيئا ً من الصواب في جواب الشرط (سيرى)، وهو ما ليس صحيحا ً أبدا ً.  ولكي تتأكد، اسأل أصدقاءك.  أما من حيث التطبيق، فقد جاء  مقالك مليئا ً بالأغلاط إملاء ً و نحوا ً. و إليك بعض الأمثلة:
وردت كلمة (نقطى) مرتين، و الصحيح (نقطة). إعادة بناءه، و الصحيح (إعادة بنائه). يشوبهم شائبة، و الصحيح ( تشوبهم شائبة ) و عطفتَ منصوبا ً نكرة على المجرور المعرفة في قولك ” البناء على الخبر و الشائعة و نقلا ً عن فلان….”. كما وردت كلمة (العودة للنص) مرات عديدة بهذه الصيغة، و الصحيح (العودة إلى النص)، لأن الفعل (عاد) يتعدى بحرف الجر (إلى) و ليس باللام، و عليه يكون (تعود له) أيضا ً غلطا ً نحويا ً. كذلك وردت اللام مقترنة كحرف جر بمعمول المصدر في عبارات من مثل (كتابته لمقاله. كتابته لرده. قراءته لمقاله……….)، و الصحيح هو عدم دخول اللام على كلمتيْ ( مقاله و رده )، لأن االفعلين ( كتب و قرأ ) يتعديان إلى المفعول به مباشرة و دون واسطة، و كذلك يتعدى مصدراهما هنا  إلى مفعوليهما مباشرة.
صحيح أن الكاتب ” ليس في امتحان لغة عربية أثناء الكتابة ” كما تقول، ولكن هذا لا يفتح له الباب على مصراعيه، ليكتب كما يشاء، مستهينا ً بقواعد اللغة و صرفها. بل عليه بذل أكبر جهد لتلافي الوقوع في الغلط، الذي كما قلت ربما نحن جميعا ً لسنا بعيدين عن ارتكابه. و إلا ما معنى أن يتفرغ أناس يبذلون جهودا مضنية و أوقاتا ً ثمينة و هم يشتغلون على اللغات في نحوها و صرفها، بنائها و إعرابها؟ و ما معنى اهتمام الأمم بلغاتها، وهي تصرف ملايين الدولارات في تأسيس المجامع اللغوية، و تعيين ملايين المعلمين لتعليم الناشئة اللغةَ و قواعدها في المدارس و خارجها؟. حتى إن بعض الدول الأوروبية، منها بالتأكيد ألمانيا التي أعمل فيها شخصيا ً في هذا المجال، وكذلك السويد، تصرف ملايين الدولارات على تعليم أبناء الأجانب لغتهم الأم.
هذا الموقف المتساهل تجاه الأغلاط اللغوية ذكرني بموقف مشابه أتاه شاعر، حين قرأ بعض قصائده قبل سنوات في أمسية أقيمت في أحد البيوت في حلب. حينها أشار بعض الحاضرين إلى الأغلاط اللغوية التي وردت في القصائده، فما كان منه إلا أن يرد منفعلا ً: ألستُ كورديا ً، و هذه لغتي؟ أنا حر في كيفية الكتابة بها. فقلتُ: أوليس هذا البيت ملكا ً لصاحبه، اشتراه بكده و عرق جبينه؟ تـُرى هل يستطيع التصرف به على هواه، فيفتح في هذا الجدار كوة؟. و هو إن فعل، ألا تأتيه صفعة من الجهة الأخرى التي يشغلها مالك آخر؟. إذا كان المرء ليس حرا ً في التصرف على هواه  بشيئ يملكه، و قد اشتراه بماله، فمن أين لك الحق، يا صديقي، في التصرف بلغة هي ملك أمة بأكملها؟. 
أخيرا ً، أرجو ألا أكون قد جرحت أحدا ً في مقالي، أما إن رأى فيه الأخ هوشنك ما يسيئ إليه، فله مني الإعتذار لأنني أدرك أن أسلوب الإساءة و التجريح، لا و لن يخدم الغاية التي نسعى، ويسعى الكتاب عامة، إليها في بناء إنسان مفعم بالحب خال من الضغينة و الكره. و أما موضوع الشاعر حسيني، فلا أعتبرمقالي هذا و لا اللذين قبله إساءة له، بقدر ما هو نقد لموقف أتاه. و ما إضافته العبارة الأخيرة إلى نصه بعد ما يقارب من سنتين مضتا على نشره، و ما يزيد على الشهر من صدور ذلك الموقف، إلا اعتراف منه بعدم صوابه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر المقال في جريدة إيلاف الالكترونية بتاريخ 22. 02. 2010. ولكن يبدو أن الرابط أدناه لم يكن كاملاً في متنه. يرجى من القراء الكرام أن يبحثوا في الرابط :
Qendîlos Ocalanos – www.rojava.net

1 مارس 2008 Çîrokên xwe veweşîne Ocalanos, mîrnişîniya xwe ya ji keskê hêviyê, ji sorê birînê û çarenûsa reşgirêdanê, di navbera du hawaran de,
www.rojava.net/ehmedehuseyni.01.03.2008.htm – Im Cache

أو البحث في الـ(كَـوكَـل) عن:
Qendîlos Ocalanos
ثم النقر على:

Im Cache

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…