رحيل الفنانة الكردية المعروفة كولبهار عن عمر ناهز 78 عاما

 

قال جمال اميدي مسؤول فرقة دهوك الموسيقية ان الفنانة الكردية المعروفة كولبهار رحلت يوم امس وسيواري جثمانها الثرى اليوم الاربعاء في مدينة النجف الاشرف حسب وصيتها. واضاف في تصريح لوكالة بيامنير : في يوم امس وفي الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي وباحدى مستشفيات مدينة بغداد فارقتنا الفنانة كولبهار بعد اصابتها مؤخرا بمرض السرطان.
تعد الفنانة الكردية ( كلبهار – وردة الربيع )  واحدة من أعلام الفن الكردي الأصيل ، فقد خدمت الفن الكردي وأشجت مسامع جباله وخضرة أراضيه بأعذب الأنغام ، وعاشت مؤخرا امنة مطمئنة في بيت هيئته  المديرية العامة للثقافة الفنون في محافظة دهوك وبدعم حكومة اقليم كردستان.
ولدتْ في عام 1932في حضن تلك العائلة الآميدية (العمادية) التي هاجرتْ إلى قرية كوجانز في كردستان تركيا باسم ( فاطمة محمد) التي اختارت لنفسها فيما بعد اسم  (كلبهار – وردة الربيع),وبعد عودتهم إلى كردستان العراق من جديدٍ توجّهتْ كلبهار إلى بغداد في عام 1949وكانت قد بلغتْ السّابعة عشرة من العمر وحتى الآن لم تفصح عن سببِ لجوئها إلى بغداد, وهناك التحقتْ بفرقة كورال الإذاعة العراقية كمطربة وفنّانة مسرحية بعدما التحقت بفرقة (يحيى فائق) وقد كان عملها خلال هذه الفترة مدخلاً موفّقاً نحو الشّهرةِ والمجدِ بمشاركتها في أعمال تلفزيونيةٍ في تلفزيون بغداد وبانتسابها إلى فرقة 14 تمّوز الفنيّة , بالإضافة إلى تمثيلها في بعض الأفلام كفيلم (الوردة الحمراء) وفيلم ( عروس الفرات) حتى الآن نتحدّثُ عن أعمالها الفنيّة التي أدّتها باللغةِ العربيةِ لأنّها وحتى بداية السّتينيات من القرن العشرين كانت تُعرَف كممثّلة ومطربة في الوسطِ العربيّ فقط ولكنّ بداية هذه الفترة كانت فأل خيرٍ وبشرٍ عليها حيثُ تعرّفتْ وبحكمِ تواجدها في الإذاعةِ والتّلفزيون كانت على الكثير من فنّاني الكرد الذين كانوا يتوافدون على إذاعةِ بغداد / قسم الّلغةِ الكرديةِ / لتسجيل أغانيهم  وحين استمعوا إلى صوتها وأدائها انبهروا بها وشجّعوها على الغناءِ بلغتها الكردية فوافقت على الفورِ .
يقول الكاتب فريدون هرمزي : (كانت تمني نفسها ايجاد فرصة للغناء بلغتها الام وتحققت امنيتها تلك عام 1963 حيث سجلت اولى اغنياتها باللغة الكردية) لتدخلَ من خلالها إلى عالم الفنّ والغناءِ الكرديين بقوّةٍ ورصانةٍ , ولتقفزَ إلى الصّفّ الأوّل من صفوف الفنّانين والفنّاناتِ الكرد .
الشيء الجدير بالذكر عن كلبهار هي انها اول مطربة كردية تسافر الى العديد من دول العالم لتغني فيها للجالية الكردية المتواجدة هناك كذلك لاهل تلك البلدان لتعرفهم على فن شعبها، كانت اول رحلة لها الى لبنان حيث غنت على اكبر مسارحها وكان المطربين محمد عارف الجزيري وعيسى برواري رفيقي سفرتها تلك.. ثم اعادت الكرة مرة ثانية عام 1977-1978 حيث سافرت آنذاك الى بريطانيا والنمسا وفرنسا.
أغاني كلبهار:
يُقال إنّ كلبهار  تعدّ رائدة الحداثة في الفنّ الكردي خلال تلك الفترة لأنّها كانت تؤدّي الأغاني الشّبابية ذات الإيقاع السّريعِ والخفيف والتّوزيع الحديث وأنّ أغنياتها تلك جعلتها تنالُ شهرةً منقطعة النّظير لدى أبناءِ وبناتِ شعبها الكرديّ ككلّ وما زالتْ تحتلّ في قلوبهم ونفوسهم مكانة خاصّة وما زالَ صوتها الرّنانُ يدغدغُ أسماع الكردِ بلطفٍ وعذوبةٍ  .
طغتْ النّزعة الاجتماعية والوجدانية على أغانيها لأنّها تتمتّعُ برهافةِ الحسّ ورقةِ الفؤاد فغنّتْ للمرأةِ والطّفل والعشّاق والشّبابِ والأمّ وكغيرها من الفنّانين الكرد غنّتْ لطبيعةِ كردستان وفي حضنها, والمجال الذي يميّزها عن غيرها من الفنّانين هو اشتراكها مع فنّانين كردٍ رجال في ثنائياتٍ غنائيةٍ صادقة في الأداءِ والّلحنِ والكلمة, وما زال الكردُ يستمعون إليها / ‏ Zembîlfiroş/ / مع عيسى برواري, و/ /Ez keçim Keça Kurdanim مع سمير زاخوي, و/Xalxalokê/ مع تحسين طه, وما زال الفنّانون والفنّانات الكرد الشّباب يردّدونها بشوقٍ وشغفٍ إلى جانب أدائها للأغاني الفلكلورية .
تقول الفنّانة عن تجربتها الفنيّة ومعاناتها هي وجيلها من الفنّانين الكرد الذين تحدوا مجتمعهم وواقعهم المفروض وسلكوا سبيلَ الفنّ الذي كان مرفوضاً تماماً ممارسته لدى شرائح واسعة من المجتمع وتعاتب جيل الشّباب من الفنّانين والفنّاناتِ الكردِ قائلةً:
( في الحقيقة كنّا نعاني كثيراً في تسجيل نتاجنا الفنّي, ولكنّ جيل اليوم يهضمون حقنا حين يدعون أنّ ما يغنّونه هو من التّراث ولا يذكرون أنّها لنا…).
ويذكر أنّ الفنّانة فوزية محمد التي ذاع صيتها لفترةٍ طويلةٍ في عالم الغناء الكردي هي شقيقة كلبهار وفي ذلك يقول الكاتب فريدون هرمزي* : (وهي ان الفنانة الراحلة فوزية محمد (التي ظهرت على الساحة الغنائية الكردية اواسط القرن الماضي مع عدد آخر من المطربات مثل نسرين شيروان وعائشة شان والماس) هي اخت كلبهار لكنها اعتزلت الغناء بعد زواجها وطواها النسيان حتى عندما توفيت عام 1992 لم يعرف بموتها احد خارج العائلة والاقرباء.. ولم تنشر وسائل الاعلام الى رحيل تلك الفنانة).
اعتزلتْ كلبهار الغناء في عام 1985م وكانت آخر أغنية أدتها قبل اعتزالها هي أغنية ( Dilo – يا قلبي لقد تركتني –   dilo te ez hêlam) وهي من كلماتِ الشّاعر الدّكتور بدرخان سندي , وقد بلغ عدد أغنياتها بحسب الكاتب فريدون / 270/ أغنية.
بعد سنواتٍ طويلةٍ من الغربةِ والبعدِ عن كردستان عاشتها في العاصمة بغداد عادتْ إليها كلبهار بعدما دفعتها تيّاراتُ الشّوقِ والحنين إلى الأهل والأحبّةِ وإلى طبيعةِ كردستان التي كانت بمثابة الرّوح التي تغذي حنجرتها الصّافية وتهبها أجمل الأداءِ وأفضلَه, واختارت السّكن في دهوك , وهي وبحسب الكاتب فريدون* تعيشُ في شبه عزلة ومازالت تكتم على خصوصيات حياتها , بينما يؤّكد الكاتب الكردي ( كاك شار أوره مار)* على أنّها حين عادتْ لاقتْ ترحاباً كبيراً ولائقاً بها , وأقيمت لها مهرجانات وحفلات كبيرة , يليقُ بقدرها ومقامها.


 بيامنير

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…