رسالة إلى آفة الصدأ

غسان جان كير

بئس الزمان ذاك, الذي تتحكم الحشرات في أرزاقنا

لا سلام و لا زخارف كلام فما أنت إلا حشرة حقيرة , ساعدتكِ الظروف في النمو والتحول إلى آفة تهدد أملنا في موسم قمح يخفف عنّا حملا أقصم ظهورنا وابعد عنا البسمة التي بالكاد حلّت محل قهقهاتنا فيما مضى من سنين الخير , ليبرز التقهقر سمة تعايشنا مع هذه الحياة.
أيتها الآفة العاهرة , اعلمُ انكِ تتصيدن هفوة منا , أو شتيمة , أو كُفراً – والفقر كفر –  لتُحللي ما تحلينه من خراب في قُرانا , فلا تنتظري منّا إلا ان نزيد مِن الشكر لنستزيد مما قسمه الله لنا , وهل نحن إلا من الشاكرين غير الساخطين , وإن كانت (الدب له مآسيه) أو الدبلوماسية تقتضي منا أن نهنئك لانتصارك علينا في معركة الحياة , فأعلمي أننا نعرف بأنك تعرفين أننا لا نحبك , وأننا نشتمك في دواخلنا , بعدد سيقان القمح المتيبسة , يا ذات العقل اليابس , وهل لك عقل أصلا ؟
واعلمي أننا لسنا ممن يربطون , و لسنا ممن يحلّون , لنقول (أن مكافحتك بالطائرات الزراعية ليست بذي جدوى اقتصادية) , واعلمي أننا – مع احتفاظنا لحقنا – في تبجيل  إسماعيل المجنون , بل , العبقري لقوله المأثور : ” لو أن الأمطار بيدي لوزعتها على الأيام بحيث لا يعطش الزرع ” ومع ذلك نُبرر للسماء إن حبست عنّا الأمطار ,  لِما يقوم به البعض مِن امتداح أنفسهم , و (إجراءاتهم  في تنمية الريف والمرأة الريفية وتخليصها من الأمية وتعليمها الحاسوب , والتنمية الشاملة , وتحقيق انجازات مهمة في الزراعة , وتحسين المستوى المعيشي للعاملين فيها , والارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي للريفيين).
ما أعجب منه , وأنتِ المسماة بآفة الصدأ , لا تهاجمين العقول الصدئة ولا الكروش الصدئة , ولا الخزائن الصدئة , ولا الأثاث الفاخر , فتصدّئينها , وإنما (تتشطّرين) على حقولنا الصدئة و المتصدعة أصلا
صدّقي أو لا تصدقيّ , ما كنتُ لأراسلكِ لو انكِ أصبتِ القمح القاسي الذي يصلح للبسكويت والبقلاوة الغائبين عن ذاكرتنا , غير انكِ أصبتنا في مقتل وأنتِ تفتكين بالقمح الطري , مصدر خبزنا , الذي لا يُشبعنا سواه ,
فأفرحي ما طاب لكِ الفرح , ولتُصبغ أمكِ مؤخرتها بالحنّاء , ولنا مِن  الصبر على الجوع ما يكفي للسنة القادمة , فتنور أم انس لم ينته بعد , ولعل وعسى تكتشف مراكزنا البحثية ما يُبيدكِ في السنة القادمة.
Ghassan.can@gmail.com

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…