ق. ق. ج.. والأسئلة الموجزة لبقع الحياة

  محمود عبدو عبدو   

   عن دار التّكوين في دمشق صدر للقاصّ السّوريّ عمران عزّالدين أحمد مجموعة قصصيّة بعنوان: (يموتون وتبقى أصواتهم). احتوت المجموعة على قصص قصيرة جدّاً، تطرّقت إلى كثير من المواضيع والقضايا المعاصرة، منها ما نُشر في كُبريات الصّحف العربيّة. من عناوين قصص المجموعة: (الوصيّة، طرقعات، الوطن، تبّاً للمتربّصين، إخلاص متأخّر، زمن، وردة لحارس الغابة، السّيرة الذّاتيّة للقمة فارّة، علي بابا والمليون حرامي، حروب الخطابات، حرب حمير، حفلة تنكّريّة..).
القاصّ عمران عزالدّين أحمد من مواليد مدينة الحسكة، يكتب القصّة القصيرة والقصيرة جدّاً، إضافة إلى اهتمامه بالجانب النّقديّ. وقد نال بعض قصصه جوائز أدبيّة منها: (جائزة الإبداع في جوائز ناجي نعمان الأدبيّة
 2009، جائزة الشارقة 2009).
 وممّا ورد في كلمة القاصّ والرّوائيّ المغربيّ حسن البقاليّ في معرض تقديمه للمجموعة: (أخيراً تخرج القصة القصيرة جدًا من دارتها وتلقي بجسدها الصّغير في حضن المتلقّي، دون بهرجة احتفاليّة أو طقس لترميم الخسارات الأجناسية المفترضة.. إنّها هنا فقط. هنا والآن..تعلن عن نفسها) أنا..القصّة القصيرة جداً (.شفافة بيضاء، دون أقنعة أو مراهم لشدّ البشرة أو تليين المفاصل…). وقد حمل الغلاف الأخير للمجموعة كلمة للنّاقد والرّوائيّ السّوريّ هيثم حسين، وممّا جاء فيها: (بسخرية لاذعة مريرة، بجمل دالّة متشظّية، بحبّ وغيرة، بسخطٍ جميل وتمرّد أجمل، بجدّة وجمال، بحِرفيّة عالية، يتقدّم عمران عزّالدّين أحمد في قصصه القصيرة جدّاً ذوات المحتوى الكبير جدّاً، والّتي لا تقلّ أهمّيّة وبراعة عن قصصه القصيرة الّتي نال عليها جوائز عديدة…).
اشتغل القاصّ وفق عوالمه الخاصّة وقراءاته للحياة, بالبحث عن الحلول حيناً, أو بالإشارة والتّعجّب ثانياً, بدلالات معرفيّة موغلة في الخصوصيّة والتقاط الغصّة بفنيّات الـ ق.ق.ج التي أثبتت يوماً إثر آخر تفرّدها، وبالأخصّ مع تجارب سوريّة، منها تجربة عمران القصصيّة مستوفياً شروط القصّة القصيرة جداً وفنيّاتها ومناخاتها من اللغة والإيجاز والدلالة والإبهار وعنصر التّشويق والمفاجأة, مستخدماً جميع الضّمائر -الغائب والحاضر- وتخيّل المكان والإشارة للمتغيرات الحياتيّة من خلال استنطاق الجماد أحياناً وأخرى بالإبهار والخيال, لنجد كلّ حدث أو نصّ قصصيّ قصير صاغه يتفرّع وفق الحاجة والمستوى المعرفيّ للقارئ, وفق مستويات التّلقّي المختلفة, تعيد التّجربة الرّونق لهذا الفنّ بعد أن استسهله البعض فصرنا نفاجأ بمقاطع وكتب تنثرها المطابع تحت مسمّى قصّة قصيرة جداً.
نجده يحيي البقع المهملة من الحياة من خلال تسليط المفردة المراوغة حولها, مولياً أهمية خاصّة لقفلة الحدث وشلاليته اللامتوقعة, المُحدثة لنبرة الـ ق ق ج السّيمة الرّئيسيّة لها.
فالقصّة القصيرة جداً تفي كثيراً عما تقوله المجلدات في الحياة وزواياها.
تقع المجموعة في مئة صفحة من القطع الوسط.
 جريدة النور

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…