خواطر رمضانية ( 19) أدعية الصائمين

علاء الدين جنكو

 

 الدعاء عبادة ، وهي نعمة كبرى، ومنحة عظيمة من الله تعالى لعباده ، حيث أمرهم بالدعاء، ووعدنا بالإجابة ، وللدعاء علاقة رائعة بشهر الصيام ، تبينها الآيات الكريمة في سورة البقرة في سياق آيات الصيام جاءت لفتة عجيبة تخاطب أعماق النفس ، وتلامس شغاف القلب ، وتسرِّي عن الصائم ما يجده من مشقة ، وتجعله يتطلع إلى العوض الكامل والجزاء المعجل ، هذا العوض وذلك الجزاء الذي يجده في القرب من المولى جل وعلا ، والتلذذ بمناجاته ، والوعد بإجابة دعائه وتضرعه ، حين ختم الله آيات فرضية الصيام بقوله سبحانه : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }( البقرة 186)
فهذه الآية تزرع في نفس الصائم أعظم معاني الرضا والقرب ، والثقة واليقين ، ليعيش معها في جنبات هذا الملاذ الأمين.
كما أنها تدل دلالة واضحة على  أن من أعظم الأوقات التي يُرجى فيها الإجابة والقبول شهر رمضان المبارك الذي هو شهر الدعاء .
والدعاء من أعظم أسباب دفع البلاء قبل نزوله ، ورفعه بعد نزوله ، كما أنه سبب لانشراح الصدر وتفريج الهم وزوال الغم ، وهو مفزع المظلومين وملجأ المستضعفين ، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء .
وللدعاء جزاء عظيم يتمثل في :إما الاستجابة المباشرة ، وإما الاستجابة لاحقا ، وإما يدخر الدعاء أجرا وثوابا ليوم القيامة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة” ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم}. وقال صلى الله عليه وسلم: “أفضل العبادة الدعاء”، وقال عليه الصلاة والسلام: “ليس من شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء”، وللدعاء آداب وأسباب للإستجابة أهمها :-  الإخلاص لله تعالى.
–  أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك.
–  حضور القلب والإخلاص في الدعاء.
– لا يسأل إِلا الله وحده.
–  الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها.
–  استقبال القبلة.
–  الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.
–  رفع الأيدي في الدعاء.
–  التضرع والخشوع والرغبة والرهبة.
–  رد المظالم مع التوبة.
–  عدم الدعاء على الأهل، والمال، والولد، والنفس.
–  أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال.

ومن الأدعية  في هذا الشهر الفضيل :
– اللهم تقبل منا صيامنا .
– اللهم تقبل منا أعمالنا على ما كان فيه من ضعفنا وتقصيرنا ، اللهم وأشركنا في دعاء الصالحين من عبادك ، واجعل لنا في دعائهم نصيبا برحمتك يا أرحم الراحمين .
– اللهم اجعلنا من المقبولين ، ولا تجعلنا فيه من المردودين ، ولا من المغضوب عليهم ولا الضالين .
– اللهم تقبل منا ، وأعده علينا أعواما بعد أعوام ، وسنين بعد سنين ، مجتمعين غير متفرقين ، راضين غير ساخطين ، مغفورا لنا غير مذنبين .
وغيرها من الأدعية المأثورة ، وغير المأثورة .
وفي مقامي هذا أنصح كل من ظلم أن يستسمح ممن وقع ظلمه عليه ، حتى لا يدعو عليه فدعاء المظلوم مستجابة ، فكيف لو كان في شهر رمضان ؟!!
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا                  فالظلم آخره يفضي إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه                      يدعو عليك وعين الله لم تنم
وأعود للآية التي ختم الله بها آيات الصيام : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } لأنبه أن لاستجابة الدعاء شرطان مهمان ذكرا في الآية  هما :
1 – استجابة أمر الله تعالى ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم ( فليستجيبوا لي )
2 – الايمان بالله ( فليؤمنوا بي ) .
وما أجمل أن يقبل المرء على ربه يوم القيامة وهو محمل بالذنوب والمعاصي ، ويفاجئه ربه بأكوام من الحسنات ، وعندما يسأل العبد عنها وأنه لا يملك من حسنات الدنيا شيئا فمن أين جاءت له ؟!!
سيقال له : إنها الأدعية التي كنت تدعو الله بها وما استجاب الله لك منها شيئا في دنياك فها هي محفوظة لآخرتك …
حينها الله أعلم ماذا سيتمنى من استجاب الله لأدعيته في الدنيا  ……..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

يؤكد علماء التربية على اهمية التعاون بين البيت والمدرسة بهدف النهوض الافضل بمستوى التلامذة. ولو تابعنا المشهد اليومي لوضع البيت والانشطة التي تجري داخل المدرسة لوجدنا اختلافا بين الجانبين.

هناك اتهام من قبل المدرسة على غياب اولياء الامور وابتعادهم عن المساهمة الجادة للجوانب…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الحسن بن هانئ المَعروف بأبي نُوَاس ( 145 _ 198 ه / 762_ 813 م ) ، شاعر عربي مِنْ أشهرِ شُعَراءِ العصرِ العَبَّاسِي ، وَمِنْ كِبار شُعَراءِ الثَّورةِ التجديدية . أحدثَ انقلابًا في مَضمونِ الشِّعْرِ العربيِّ وأُسلوبِه ، فَقَدْ تجاوزَ الأغراضَ التقليدية كالمَدْحِ والفَخْرِ ، واتَّجَهَ إلى…

حيدر عمر

هناك حكايات تتنازعها عدة ثقافات، مثل حكاية “شَنْگلو مَنْگلو / şekgelo menglo”التي تتنازعها الثقافتان الكوردية والفارسية، وهي مروية على لسان معزاة توصى صغارها الثلاث بألَّا يفتحوا باب الحظيرة في غيابها إلَّا بعد أن يسمعوا منها أغنية معينة تغنيها لهم. سمعها ذئب في أحد الأيام، كان يمر في الجوار. بعد ابتعادها عن صغارها،…

تنكزار ماريني

الصمت يتسلل إلى الوجود،

بدون ضجيج، صمت متلاشي.

الوقت يتساقط،

يرقص، يكشف ويبقى في طيرانه

متى يعود الدائرة،

متى يتم إعادة تحديد المسار؟

بسهولة، على حافة الصمت،

متشابك مع النهاية؛

تتساقط قطرات من الكلمات،

تنهار جسور من السطور،

تفتح الحروف الساكنة البوابات.

تتفكك الأصوات، تلمع الورقة،

تنبعث منها ضوء المقاطع؛

تستقر الكلمات أو تتدفق،

تتحول بهدوء.

الفن يعانق الحب.

في كل حصاة يعيش أنا.

السماء تتسع،

كل نظرة هي جنة صغيرة.

اليوم يمسح…