بعد أن استعرضنا مشاهد كتابية من الفيلم، أقول هل الوقع حقا بهذه القتامة والسوداوية، حتى يأخذنا الإحباط وروح الاستسلام لأمثال مرجان.؟ وبالتالي أين عناصر النضال والتضحية والجراءة والاستقامة، حتى نعقد عليها الآمال.؟
علينا بداية أن لا نلقي باللوم على شخصية مرجان فهو نموذج للإنسان الذي يعبر عن نفسه من خلال مصلحته، ولا يمكن أن نتوقع منه غير ذلك، فهو ذاك الإنسان الذي يرمز إلى الفساد والإفساد، لكن اللوم يقع على هؤلاء الراكعين أمامه، لهذا فملاحظتي هي أنني أرى من أن ركوع الناس أمام المغريات، ربما يكون أقوى من صمودهم في وجهها، من خلال الفيلم وأيضا من خلال واقع الحياة، وأنا في هذي الحال لا ألوم الراكعين بقدر ما أحمل الظروف تبعية هذا الانحدار بالناس، وهذه السقطة لهم.. فلو تيسر لهؤلاء مستوى من العيش الكريم، لما تخلوا عن قناعاتهم ولما ضربوها عرض الحائط، لكن عندما يعم الفساد على نطاق واسع، وتضيق بهم الحيلة، ويفقدون الرجاء تراهم يستسيغون مرارة الواقع وكأنهم يمتثلون لقول المعري الشاعر عندما يقول:
ولمّـا أن تجهّمني مـرادي
جريت مع الزمان كما أرادا
إن القيم والمبادئ ترسم في مخيلتنا صورة للإنسان المثالي غير الموجود في حياتنا، وهيهات أن نلتقي به في الواقع المعيش، أو بالأحرى هو غير موجود في واقع الحياة..ولكن في الوقت نفسه نقول لهؤلاء الذين أفسدهم الدهر. إن البشر لا ينحصر فيكم وحدكم، فتدجين العشرات على أيدي هؤلاء التجار والمرابين من شاكلة مرجان أحمد مرجان وأمثاله يبقي بالتالي على الملايين في منأى من الفساد، وفي منجى من أمثال مرجان، وعلى هؤلاء تعقد الآمال، فإذا كنتم محط ازدراء الناس، فغيركم معقد الرجاء.. فمرجان وأمثاله يسهل عليهم تسويد صفحات الناس، لكن بالتالي من الصعب تبييض تلك الصفحات بعد لوثته مهما تلون الانتهازيون، وهم على مرأى ومسمع الجميع مهما تواروا خلف الأقنعة..! إن كثيرا من القيم والمبادئ التي ننشدها اليوم، تتطــلّع إليها أكثرية البشر، لأنها من مصلحتهم وبالتالي تقرّها الأخلاق النابذة للفساد والإفساد، فإذا كان للباطل جولة، فللحقّ ألف جولة.! إن ركض بعضنا وراء أنانيته فحسب، ووقوعه في فخ الإغراءات، واستهتاره بالآخرين الصامدين، يفقده جوانب إنسانية كثيرة، ومن هنا يتدنى مستواه الاجتماعي، ولا تروج بضاعته الثقافية، لأن صاحبها يفقد مصداقيته العلمية، ولكن بعض الناس لا يتعظون..