أمس تألمت كثيراً (1) إلى صديقي صلاح برواري

سيامند إبراهيم

من الصعوبة بمكان أن يستطيع المرء القيام بجميع الواجبات الاجتماعية على اختلاف أنواعها, من  يدري أنني لا أحبذ زيارة المرضى في المشافي والسبب هو أنني نفسياً لا أتحمل أن أرى أحبائي في وضع صحي حرج, وإن لم تقم بواجبك فهذا عيب كبير ونقيصة وإهمال في القيام بالواجب الإنساني بشكل عام.

لكن ماذا نفعل, ونحن نتحمل في هذه الحياة مما هو أكثر من الموت البطيء,  وكل هذه الآلام في واد, والأخبار السيئة لصديق حميم وقف معك في الشدائد, نعم أمس كنت في دمشق,  ومن جملة برنامجي في هذه المدينة التي عشت فيها ما يربو على النصف قرن من الزمان, وتعرفت على مئات الشخصيات العربية والكردية من سياسيين عرب وأكراد من تركيا, وإيران, و العراق وكردستان العراق
 ومن هذه الشخصيات الثقافية التي امتدت سنوات صداقتنا وأخوتنا الشخصية والعائلية لعقد من  الزمان قضيناها بحلوها, ومرّها, , وبصراحة أكثر إن هذا الشخص الذي كتبت هذه المقدمة الطويلة نوعاً ما, ما هي إلا كلمات لأخي وصديقي الإعلامي صلاح برواي القدير, ففي مثل هذه اللحظات يجب أن  يقف المرء ليخفف شيء من معاناة المريض, لكن الحمد لله وجدت صديقي في أحسن حالاته النفسية والذهنية وقد تحدثنا كثيراً عن الأيام الخوالي, وتكلم لي عن مشاريعه الكثيرة, وكلنا أمل في الشفاء التام وحمل اليراع الكردستاني والسير في عالم الإبداع  الثري الذي بدأه من ثلاثة عقود مضت.

 وصديقي  صلاح أخذه عشق مدينة دمشق أكثر من أي كردي عراقي, وقد سنحت له الفرص في الرحيل والهجرة نحو أوروبا لكنه آثر مع أختنا الصحفية القديرة لمعان ابراهيم التي شاركته الحياة في هذه المدينة الوادعة, وتشد من أزره وتشجعه في التألق الأدبي بمختلف أجناسه من قصة, وشعر وأبحاث لغوية في اللغتين العربية والكردية, لكنني من خلال متابعاتي للعشرات من كتبه و مقالته الرفيعة فقد قلتها له بصراحة :” إنك برعت في الترجمة من اللغة الكردية وبالتحديد من اللهجة الصورانية أكثر من الأجناس الأدبية الأخرى التي ولجت عالمها وأبدعت في محرابها, أجل صلاح مرت الحروف من بين أصابعه كسهام خفيفة تحدث أثر بالغ في شفاف القلب, فعندما ترجم لأربعة شعراء كبار من كردستان العراق لشيركو بيكس, ورفيق صابر, ولطيف هلمت, ولعبد الله بشيو فقد اقترب من عوالمهم السحرية, ودخل مملكة شعرهم الرائع, وأوصل بترجمته الرائعة خلجات قلوبهم إلى القارىء المتابع باللغة العربية, وكما قال الشاعر شيركو بيكس :” أن صلاح برواري هو خير من ترجم أشعاري إلى اللغة الكردية” وهذا شيء رائع أن يقول الشاعر أنك خير من أوصل إحساسي و ترجمه شعرياً, ويقولون عالمياً أن الترجمة هي خيانة ٌ للنص ولكن هنا في حالة أخي صلاح لديه إبداعية جميلة يرتقي فيها المترجم ويدخل خيال الشاعر ويترجم مشاعره بلغة قوية ومعبرة, وهنا تمكن الشاعر والمترجم صلاح من أدوات فن الترجمة, وسما في هذا الحقل مغرداً… يتبع     

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

قبل أيام، أعلمتني رفيقة دربي، أن السيدة ستية إبراهيم أحمد دوركي، وهي والدة الصديق والحقوقي فرمان بونجق هفيركي، قد وُدّعت من دنياها. قبل يومين، أعلمتني ابنتي سولين من ألمانيا، أن صديقتها نرمين برزو محمود، قد ودّعت هي الأخرى من دنياها، لتصبح الاثنتان في عالم الغيب. في الحالتين ثمة مأساة، فجيعة. هما وجهان يتقابلان، يتكاملان،…

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…