حلم حلو.. بطعم الملح..!

  خدر خلات بحزاني

لانه جرجر خمبابا من خصيانه، وهزم انكيدو بقمله البرّي، ونقش على ابواب بابل (صنع في العراق) رفضوه، وقطعوا عنه الحصة التموينية..
 ولانه انتشل سرجون من النهر، ودوّن القوانين الانسانية في مسلة، ربط الجهلاء بين المسلة والسلة ورفضوا العنب، وقالوا ان العنب وعصيره وما يتخمر منه لا يستحق عناء احتساءه مع طبخة سمك الـ (مصموطة) التي طهتها معيدية من هور الحمّار لعسكري تائه من اهل الشمال.
ورغم كل ذلك، تناول جريدة الزوراء وتصفحها، ووجد فيها اخبارا طازجة تنبىء عن بناء جسر فوق دجلة، وانشاء محطة كهرباء في السليمانية، وقبول شراء الشلب والشعير من فلاحي جرف الملح، مع اعلان وفاة السياب بنوبة فرح لان بويب زغرد وهلهل حين مرت سمكة بنيّة يافعة في مياهه الضحلة.
وبينما كان يفتح مياه البزل سمع سيتا هاكوبيان تغني (زغيرة جنت وانت زغيرون)، وفي اللوح الاخر، تراءى لسمعه شبح شمال صائب وهو يبحث عن (ليلى) الكردية التي اعلن كاظم الساهر العثور عليها قرب احد الملاهي في كهوف غابات خمبابا اللبنانية.
وهذا لم يمنعه من ان يتذكر نصائح جدته التي ماتت وهي تحصد العدس في سهول نينوى، من ان تيمورلنك يكره بلوط زاخو، وكسرى يحتقر سمك الناصرية المسكوف، وزنوبيا لا تعشق برتقال ديالى، وغوار الطوشة اتفق مع بدري ابو كلبشة على تسريب ابو عنتر اخر زمان الى غرفة شهرزاد، ولورنس العرب تواطئ مع من افتى بان ماء الفرات اكثر ضحالة من بحيرة المسك.. مما نتج عنه تقاطر جحافل القات والفول والطعمية والكسكس، وعاريات وحاميات عرش بنغازي، لتلتهم جمّار نخلة عرشها في الفاو العطشى، وتمرها في بغداد الكسيحة، من اجل ان تشتري سومر بطاقة لوتو خاسرة بدون اي شك، وبالاتفاق مع قناة روتانا، والجائزة كانت اسبوع كامل من السياحة الترفيهية المجانية في شواطىء غزة بمباركة مشعل وهنية.
وعندما تعثر بظل راقصة يافعة، رفع راسه كي يرى ما بين اثدائها، لكنه لم يلحظ غير طفل مقمط بالذهب والياقوت، وفمه الجائع واليابس والناشف والمتشقق يبحث عن ثدي امه التي طلقها بالثلاث بابا كركر، اثناء احتساءه جرعة من عرق بعشيقة مع كلكامش الخفيف، وانكيدو المنحط، وخمبابا الحارس الخائن..
نفض عنه كل شيء، واستفاق من حلمه لانقطاع الكهرباء الذي اعاده الى منابع دجلة والفرات، ووجد هناك اديسون يضحك مع شارلي شابلن على ما حلّ بسمك الرافدين الذي يهاجر صيفا وشتاءا وربيعا وخريفا الى صحارى الغربة.
لعن الظلام، واشعل شمعة، واستعاد دروس فن اصطياد السمك، لانه اكتشف ان ملح الديوانية (ما يغزر) في نقانق اهل الخليج والمحيط..
فقرر ان يشتم سومر ليكتب ابجدية جديدة ستشع منارتها على خيام البدو، ذات قرن..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…