سيرة العطب

أحمد حيدر

لم نعدْ نذكرماقاله ُالأسلاف :
عن تفادي الرغبات الجامحة
من كثرة العابرين الموتى
وهم يصطدمون كمذنبات ٍ 

بأطراف الروح ْ
الأغاني التي حفظناها عن ظهر ِقلب
في طفولتنا المنمنة كسجادة فارسية
دونَ أن نفهم معانيها وردَّدناها مراراُ
في الدروب الترابية خلف َعربات القش
في مواسم ِالتيهِ
نسيناها كلها
في حروبنا المفتعلة
التي لم تبدأ بعد ْ

نزحنا من سنواتنا
مجرَّدين من أحلامنا
– التي لاتناسبنا –
وتضيء شرفات الآخرين
كأواني الورد
كدوي
أحلامنا

الأبواب الخشبية التي تركناها
مفتوحة ًوراءنا بإنتظارالغائبين
تتوسدُ ظلالنا الرطبة
كثيراُ ما تنهضُ من أحلامنا
تصطفقُ بألم كغزالة ٍ
في شِباك الخديعة ْ

أغلب الأصدقاء الذين تقاسمنا معهم ْ
الرغيف َوالرؤى والعرق الرديء
في ليالي الشتاء الطويلة
تفرقوا في الملذات والفرضيات
كأننا معاً لم نركض حفاة ًبين الأحراش
وفوق زفت شوارع مدينة القامشلي
في ظهيرة آب
ولم نتسلل في آخر الليل
إلى البساتين القريبة
( ولم نشرب الماء من الغدران
المليئة بالديدان )

كأننا معاً
لم نتغزلْ بالبنات في شارع القوتلي
ونتظاهر بالتعب أمام باب مدرسة القادسية
قبل انصراف الطالبات
كأننا معا لم نتلصصْ على غرف نوم الأرامل
من فوق الأسطح
ولم نتبادل الشتائم على نساء في الشات
كأننا معاً لم نتزحلق على قشور الوهم
فوق سيراميك العدم ْ

أصواتنا بعد الأربعين بردتْ
كهدير ٍمبتور من تيار ٍجارف
أصواتنا الجديدة لا تمتُ لنا بصلة
كغريب على رصيف بارد

الوجوه الغليظة التي خربطت ْأعمارنا
بالخطوط الحمراء وشرائع المضافات :
في الحلال والحرام والولاء والأخلاق
والمبادئ والتضحية والحب والشرف
أداروا لنا ظهورهم في أول ِاختبار
خوفاً من عدوى سوء الطالع ْ

بالطريقة التي تعجبهم
مارسنا طقوس الكهنة على نحو ما
التبس علينا الأمر في نهاية المطاف
ولم نحسن الإفصاح عن كل مالايباح
فاقلعنا عن هذه المغامرة الفاسدة
في هذا الكرنفال الساذج

كتبنا رسائل لاتُحصى للنساء
للأخوة واللصوص والأعداء
ولمْ تصلنا الردود كما توهمنا
نصبنا الفخاخ في مروج ِالتوتياء
حتى انطلقت من أكمامنا
ثعالب الهزيمة ْ

نحتفي بالنهايات رغماً عنا كأقدار المعوقين
نضبط ُأرواحنا على أوقاتهم كساعات ٍمعطوبة
ونروضُ الخلايا المتوحشة في أجسادنا
ونترصد ُكسوف أعمارنا
بمنظار ٍصدئ

تأخرنا أكثر مما ينبغي
عبرنا القارات والمحيطات
وأنجبنا سلالة من صلصال
ولم نصل ْ
لم يرنا أحدْ
ولمْ يشعرْ بنا أحدْ
كأننا الشاهدة
في هذا القبر
في هذا العالم
الضيق

الضيقْ

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

ا. د. قاسم المندلاوي

 

عامودا:

مدينة الفن والحب والجمال، تابعة لمحافظة الحسكة، وتبعد عنها 80 كم. تقع في شمال شرق اقليم كوردستان الغربي، وعلى الحدود مع تركيا وقرب مدينة قامشلو. معظم سكانها من الكورد مع اقليات عربية ومسيحية. يمر فيها نهر باسم “نهر الخنزير”.

اسست المدينة على يد مهاجرين سريان هربوا من تركيا في اعقاب مذابح…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في…

حاورها: إدريس سالم

 

في زمن الانهيارات الكبرى والتحولات الجذرية، لم يعد ممكناً التعامل مع القضايا المصيرية بمنطق الإنكار أو الاستخفاف؛ فالمشهد السياسي السوري، بكل تعقيداته وتناقضاته، بات يفرض على الفاعلين الكورد مسؤولية مضاعفة في إعادة تعريف أدوارهم، وترتيب أولوياتهم، وبناء مشروع وطني يتجاوز الاصطفافات الضيقة والانقسامات القاتلة، فالسكوت لم يعد ترفاً، ولا الشعارات تُقنع جمهوراً أنهكته…

فراس حج محمد| فلسطين

مقدمة:

أعددتُ هذه المادّة بتقنية الذكاء الاصطناعي (Gemini) ليعيد قراءة الكتاب، هذا الكتاب الشامل لكل النواحي اللغوية التي أفكّر فيها، ولأرى أفكار الكتاب كما تعبّر عنه الخوارزميات الحاسوبية، وكيف تقرأ تلك الأفكار بشكل مستقل، حيث لا عاطفة تربطها بالمؤلف ولا باللغة العربية، فهي أداة تحليل ونقد محايدة، وباردة نسبياً.

إن ما دفعني لهذه الخطوة…