نص الكلمة التي القتها الكاتبة نسرين تيللو تحت خيمة المغفور له الاستاذ اسماعيل عمر

قبل ان يباغتنا رحيل الاستاذ اسماعيل عمر بنحو ساعة, تاهت عينايا عن النت ,وبوصلة الذاكرة تجذبني الى الم, الم بي قبل اكثر من عام ..اجترعته بصمت ..

قمت لتوي الى المكتبة, رفعت شهادة تقدير, امعنت فيها ,شعرت ان كفا تربت على كتفي …كانت تلك احدى أياديه الكثيرة الممتدة الى الكؤوس المترسة بالظلم ليشارك اصحابها انخابهم .
رن الهاتف ليباغتنا ويقطع الوهم باليقين, اسماعيل رحل .هكذا توقفت عجلة الحياة به على حين غرة, بدون مبررات.. بدون مقدمات.. ودون ان يسالنا ان كان الوقت مناسبا للرحيل.
توالت المواقف تشابكت تناثرت في الفضاء نجوما مشعة تجرح جسد الليل
اعود الى النت تطالعني قامته المديدة وغصنه العنيد في الاخضرار
ألا ما اصعب ان يغادرنا وحيدا دون نظرة اخيرة.. دون ان يرفع يديه الناصعتين للوداع .
انه يغادر دنيانا بعد ان ملأها حراكا مثمرا مبدعا .سالكا درب السياسة الوعر, لكن الوعورة لم تزده الا خبرة, وتجربة ,ونضجا , فسعى باكرا لردم مستنقع الانقسامات الآسن.بما أوتي من تواضع وطاقة على الحلم,
ليناضل بعفوية فنان, واستراتيجية سياسي .حتى عرف بالسياسي المحنك والرفيق العذب, ليتحول الى وسام على صدر المسؤوليات.
الجسام بينما موقع المسؤولية لم يضف لرفعته شيئا ,لأنه لم ينشغل الا بالمثل العليا, وقضايا الانسان في الحرية ,والمساواة, والحياة الكريمة .ونبذ التمييز والتفرقة العنصرية بكل ألوانها.
وجعل نصرة حقوق المرأة من أولويات عمله النضالي ,فكأنما نصب قلبه خيمة حب لتغطي الوطن كله وبكل أطيافه.
وبمنطقه العميق نقل مستمعه من حيادي الى صديق, والى محب ثم الى نصير. ومؤيد لقضيته القومية والوطنية . وتقبل النقد فلم يقدم المبررات بل قدم الحقائق والارقام.
أبا شيار : انا لا أخشى علي عينيك من ظلام القبر, فلطالما قاومت عيونك الظلام.. هاهم رفاقك يلملمون أملاكك في الخام الابيض .وكما اعطيت دروسا بليغة في الحياة هأنت تقدم دروسا ابلغ في الرحيل ومن خلال جنازتك العفوية المهيبة الهائلة.
.فكل الناس تموت.. لكن التشييع لا يرفعها الى كل هذا المدى ..ولا عجب فأنت من اصغى الى آلام المسحوقين وآلام المعدمين بحنو اب وخشوع راهب.
لانك لم تكن الرجل العادي بل كنت الرجل القضية ..
نودعك وانت تتحد مع الله كما تتحد النجوم مع الفجر. وبفقدانك يفقد الوطن أحد رجالاته المخلصين الذين لا يجود الزمان بأمثالهم دائما.
تتمرد عليا الكلمات .واني لعاجزة عن ايجاد خاتمة للحديث عنك فأنت لا نهاية لمجدك .
وعزاؤنا أن يجسد سلوكك نهجا في الحركة الوطنية الكردية .أتوجه للمولى القدير ان يشملك بواسع عفوه ومغفرته.. ويسكنك فسيح جنانه .مع مواكب الشهداء والابرار والصديقين .
وانا لله وانا اليه لراجعون .

 

نسرين تيللو في 21-10-201 قرة قوي. 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…