إلى روح رائد الشعب الكردي الخالد: بافي شـيار

دلاور زنكَي

إلى روح رائد الشعب الكردي الخالد: بافي شيار أهدي هذه الكلمات بكل خشوع وتبجيل… ولضريحه الطاهر أحني هامتي.

أيتها المنية.. أيها الموت الزؤام.. أيها الغادر المخاتل الخؤون.. بمخالبك السرابية الخفية ضربت أطنابك في فضائنا.. فسقط القمر عن كبد السماء، وتهشمت الكواكب والنجوم وهوت… ضل الهداة سبيلهم.. مزّق المثقفون والكتّاب أوراق كتاباتهم.. حطّم المتنورون والعارفون أقلامهم… أقيمت المناحات… والغواني والحِسان ذرفن العبرات.. ارتجَّ الكون واضطربت الكائنات… ناحت الحوريات وأعَولْنَ… فيا لبؤسنا وشقائنا!… أين هادينا ورائد قوافلنا؟ أين ذاك الماجد الهمام؟ سرعان ما فارقنا ملتحقاً بموكب الخالدين… زازا وحمزة وأوصمان… أعقد جلسة.. أدعُ إليها تيريز وجكرخوين.. وكلش.. وبي بهار.. والأستاذ ملا نامي.. الشعب برمته قد هبَّ من غفوته. ولكنه جازع، ملتاع الفؤاد جرّاء رحيلك…
أيها الموت… لا ننكر أنك اختطفته من بين أيدينا وحجبته عن الأبصار… ولكنني أقسم بشواهد أضرحة شهداء القامشلي والشهداء الأطهار.. ضحايا “سينما عامودا” وبمعبد “لالش” النوراني.. وبضريح هذا الطاهر النقي… إنك لن تقدر على أن تزيل أفكاره وآراءه عن عقولنا أو تمحو حبه من صميم نفوسنا وقلوبنا… أيها القاتل المخاتل.
أيها النجيُّ… ايتها الدوحة السامقة الوارفة.. أيها الجبل الشامخ والطود الأشم… أيها الصديق الحميم والأخ البار. ها أنت ذا قد رحلت كما يرحل البدر عن رحاب السماء في الليلة الداجية… لقد كنتَ عظيماً فكان رحيلك موجعاً أليماً أدمى قلوب محبيك ومعارفك، وأبكى الصغير والكبير فما ترقأُ العبرات ولا تكفكف الدموع… وكانت الفاجعة كبيرة جسيمة لأن من فقدناه كان جليل القدر، عظيم الشأن…

كانت بيني وبينك أيها الراحل الخالد أواصر شتي ووشائج كثيرة من الصداقة والزمالة والمودة فهل أنا قادر بعد ذلك كله أن أعزّي نفسي في فقدك؟ وهل يتسع العزاء وتتسع المؤاساة لهذا الثالوث الإنساني الضخم؟.. وكانت علاقات أخرى من وحدة الرأي ووحدة الكلمة تجمعنا وكنا إذا التقينا وتحاورنا رأيت فصوص الحكمة تنثال من كلماتك العذبة وحديثك الطلي ولمستُ فيها سداد الرأي القويم والحجة الدامغة ولمست في بيانك سعة معرفة وغزارة علم وأمارة فطنة وذكاء… ولمستُ في شخصك أيها الرجل الفذُّ العَلَمُ أدباً جماً وخلقاً رفيعاً وشيماً وخصالاً حميدة في غاية السّمو… ونفساً نقية من النادر أن تضاهيها شيم وخصال في الناس. كنتُ أصغي إليك فأحس بأنك ملهم وأن لك أسباباً بالسماء وخيّل إليَّ لو أن عهدك كان سابق هذا العهد وكنتَ في زمن النبؤات لكنتَ نبياً من الأنبياء. فما ذا الذي يستطيع أن يوفر لي عزاءٌ وتسلية يا شقيق مهجتي وخدين روحي؟ فليس لي من بعد فراقك سوى الدمع الهتون ولاعج الأسى والآهة الحرى والحسرات والحزن الدفين.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…