حب في حياة جكرخوين

 

سيامند إبراهيم*
 الحب هو أقدس شيء في الوجود, هذه المفردة الشفافة التي تحرك بشفافية وجدان العشاق, يجتاح قلب الإنسان كالطوفان الذي يغمر جميع حواسه ويفتح مسامات قلبه, ويزخرف أجمل عوالمه فيجعله منتشياً, وتشحن نفسه بعاطفة جياشة, ويجعله يبحث عن الآخر, المحبوب الذي يركب مركب السحر لا يأبه لشيء ويبادل الحبيب فيض من نفس الإحساس والشعور الذي يصل بالطرفان إلى أوج التناغم الرائع, لكن هناك حالة حب أبدعت أيما إبداع, بل هو أكبر من الحب إنه عشقٌ من نوع آخر, أجل إنه العشق الذي جعل من الشاعر الكردي الكبير جكرخوين في بدايات إبداعه دفقة عشق قوية ؟
بها, وهامت به, تجرعا الحب علقماً إلى حد الجنون, فتاة من (ديريك) تدعى (سلمى) وهي ابنة مفتي ديريك الملا (اسكندر) يبدوا أنها هي ليست ككل الفتيات الكرديات, سلمى وردة من خمائل ديريك, تضحك على أرائك الحلم, تميس في رياض ديريك الجميلة, تعبث اليناعة بأصداغ أنوثتها, تبعث الأمل في جهات الأرض كافة, هي زمردة في مملكة الجواهر, هي شجيرة وارفة الظل ملأت قلب شاعرنا الكبير ودفعته قدماً ليتألق في مملكة الشعر الكردي, أجل هي المرأة التي شحنت عواطف الشاعربدفقات الحب المسكون بألوان الإبداع الثري, كتب جكرخوين في تلك الفترة أروع قصائده الغزلية, وأبدع أيما إبداع وتألق في سماء الشعر الكردي, بكى جكرخوين, وهو وجد من الصعوبة بمكان أن يقنع عالم الدين بالزواج من ابنته الجميلة ذات العشرين ربيعاً,
كتب لها قصيدة (gewrê) في ديوانه الأول, وفيها يقول
hebîba min delal û naz û rind û pir qence
birh mah sefet hor dev û lûv wekî xunce
حبيبتي رقيقة رائعة حاجباها كالهلال وهي حورية الصفات ومبسمها كالبرعم المتفتح, وللعلم إن بقية القصيدة باللغة العربية لم ينشرها في الديوان أو في أية كتب أخرى إنما بقيت تتناقل على ألسنة الملالي وحفظوها عن ظهر قلب, وفي مطلعها يقول:
لقد أشكو وما الشكوى لدى الجبار بالنفع
ولقد أنزلت حاجاتي بواد غير ذي زرع
طواف اللات في الإسلام عندي أحسن من الورع.
mebe sofî di şeva tarî de a””bidê kunce
ألا يا سلمة في حبكم انتهى عمري
 وبالفعل إن قريحة الشعر لا تتأتى من فراغ, فالمرأة هي الدافع الأول والأعظم لدى الشاعر لكي تتفتح قريحته الشعرية ويلج مملكة الإبداع يخط الشاعر ويصدح كبلبل وينظم قصائده الجميلة ويعبر بخلجات روحه عن حالة العذاب والوجد التي تنتابه, ويذق جزاء هذا الحب علقماً,  بل دفقات الحب هو الدواء السحري الذي يجعل المبدع يتألق ويحلق في العلياء, وقد سأله مرة والدي كيف تزوجت يا شارع الكورد العظيم بهذه زوجتك (كحلة) العادية جداً؟
فقال:  لقد كانت ابنة خالي وقد كان زواجاً كلاسيكياً, وقد كان يكن لها كل الاحترام والتقدير, وقد كانت سيمون ديبوفوار تجلب لسارتر الفتيات الجميلات, كي يبدع في كتاباته. والشاعر الفرنسي الذي كتب عشرات القصائد في حب حبيبته (إلزا) وجاك بريفير الفرنسي الذي خط أجمل القصائد لحبيبته ولباريس النور والحرية, نعم إنه الشاعر (جكرخوين) الذي أضاء الكون بنور قصائده الخالدة في ذاكرة الشعر الكردي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…