الحل عند بنات القامشلي

  فاطمة سليمان تمو


عندما نشعر بالنقص في شخصيتنا نتباهى برجولتنا الناقصة على المرأة، وعندما تكون جيوبنا فارغة ولا نجد حلا نتفرعن على المرأة، وعندما تتبدل المبادئ والقيم وتسمى الأشياء بغير مسمياتها ويضيق علينا الزمان وتتفرع مشاكل من أخطائنا، تكون هناك ضحية وقربان وشماعة نعلق عليها أخطاءنا، وهي المرأة. وهذا ما حصل ويحصل من أهالي الجزيرة، وخاصة القامشلي وريفها.. إذ يقومون بتزويج البنات في عمر الزهور من الشيوخ والعُجُز الأتراك، وجلهم من المطلقين والعاجزين والفاشلين اجتماعياً ومن يحملون الأمراض النفسية والعضوية وممن لا ترضى البنت التركية أن تعيش معه في قرى نائية، وأحياناً هروباً من التكاليف الباهظة للزواج، والحل عند بنات القامشلي، ولا يهم أن يكون المهر 400 ألف أو 600 ألف. وهنا يحسب النقد ليس على جَمال الفتاة، بل حسب عجز الرجل وظروفه. فإن كان متزوجاً في بلده يرتفع السعر، وإذا كان متزوجاً وله أبناء في عمر العروس، فالسعر أيضاً أغلى.
نحن لسنا ضد فكرة الزواج، ولكننا ضده عندما نعلم أن هناك ضحية ستدفع حياتها واستقرارها ثمناً له. فقانون الأحوال الشخصية التركي لا يسمح بالزواج إلا من امرأة واحدة فقط. ونسأل ما مصير هذه الفتاة عندما لا تسجل على خانة زوجها ولن تكون لها أي حقوق في المستقبل، حتى حق تربية طفلها الذي ستنجبه؟ وعلى من يسجل هذا الولد؟ وكيف ستتعامل مع مشكلة الإقامة، وعلى أي أساس؟ وإذا علمت السلطات بزواجه الثاني، فماذا سيكون مصيرها؟ السجن بالتأكيد. وملخص الحديث أنها لن تعامل كزوجة، بل كجارية. وينتهي دور الأب أو الأخ بمجرد استلامه النقود وإيصال الفتاة إلى البوابة الحدودية في احتفال جنائزي دافناً رأسه كالنعامة في الرمال، ناسياً ما سيحصل لها في المستقبل، ضارباً عرض الحائط بكل المعاني الإنسانية وحق الحفاظ على الأمانة، وهي الابنة أو الأخت. ولعل القارئ يقول إن هذا مبالغ فيه، فحسب ما علمت أن في نصيبين وحدها نحو 500 فتاة ما عدا المناطق الأخرى، وكم منهن أتت مطلقة أو تعيش بذل في حياة أجبرت عليها قسراً.

نحن نعلم أننا نعاني مشكلة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج وتحول تفكيرهم نحو تأمين المستقبل، ومن ثم الزواج. ونعلم أيضاً غلاء المهور، ونعلم أن جمهور الفتيات قد قُسمن إلى طبقات أميات، ومتعلمات، وموظفات، ولكل قسم ثمن، ولكن هذا لن يدفعنا إلى أن ندفن أفلاذ أكبادنا وهن أحياء!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…