صلاح برواري ينثر عطره في الأربعينية

  عمر كوجري

 كان سيف الصيف الذي مضى حاداً وجارحاً علينا، لقد فقدنا أصدقاء وأحبة كانوا يملؤون أيامنا بالحبور والسرور، وبينما كنا منشغلين بإطفاء الحرائق التي هجمت على غابات قلوبنا التي غدت فيافي وسيعات، لم نلمحْ غدرَ الصيف الذي أشهر سيفه على أعناق هؤلاء الأحبة الجميلين، دون أن يرأف بحال جموع المحبين الذين ترمدت قلوبهم على الرحيل الفجائعي والمبكر لأعزتنا ، ومن بين هؤلاء الراحلين كان صديقنا الغالي صلاح برواري.

إذاً: ها أنذا أحضر أربعينية الكاك صلاح، وطوال فترة ماضية كنت أمني نفسي أنه في سفر قريب، وسيعود في رمشة جفن كما كان كعادته دوماً حيث لا يطيق بعداً عن هذا الهواء، وهو الذي اختار هذا المكان كرهاً وطوعاً في آن، بعدما وقع  في عشق زيتون عفرين، ونسمات الجزيرة، وياسمين دمشق.
الآن صلاح مسافر في سفره السرمدي، وآن لقلوبنا أن تتجرع علقم الخبر الذي يقول إنه ذهب بلا عودة، وما تبقى منه هو هذه الذكرى الطيبة والسيرة العطرة التي نثر أريجها بين كل صادفهم، وقد كان راحلنا مثال الصديق الوفي والمثقف البارع الذي يعي جدياً دوره بين النخب الثقافية، ويدرك أنه مطالب بأن يعطي الأكثر بحكم موقعه وموقع وواقع أمته المرير.
وكثيراً ما آمن برواري بالاختلاف في طرح الأفكار وصياغتها، فقد كان يرى في الاختلاف قوة لا ضعفاً، ومنعة لا ارتهاناً للسائد المستلذ بالثابت.
   تبقى الكلمات غصة في القلب، ونحن نودع هذا الصديق الوفي والمخلص حين فجعنا ببكر رحيله ، فالخواطر التي تتراود كثيرة، واللقاءات أكثر من أن تحصى في كلمات قليلة، وكان راحلنا يكنُّ المودّة وسعة الجانب لكل معارفه وأصدقائه، لذا ترك غصة كبيرة في قلوب جميع محبيه.  
  
صديقنا صلاح المقيم بيننا بشموخه وبكبريائه السمح،  وعطائه الذي لا ينضب، وعبقه الروحي سيظل دافئاً وطازجاً في قلوبنا، ولن يطويه النسيان، ومن هنا أعيد فأذكر الاتحاد الوطني الكردستاني والأخت أم آلان بالاهتمام بتراثه وكتبه حتى تظل أفكاره يانعة تزهر بيننا، بل نحن جميعاً مدعوون للاهتمام بكتابات ومؤلفات الغالي أبو آلان، ونشرها حتى لا يغمرها غبار النسيان.
الرحمة عليك يا صديقي وآنت في راحتك الأبدية
الرحمة عليك وأنت تودعنا بحزن عينيك
لقد كنت راغباً في إتمام مشروعك الثقافي الذي أجهض قبل أوانه، وقبل أن تكحل عينيك برؤية ثمار سهرك وعتبك.
الرحمة عليك وأنت حاد في غيابك كما كنت حاداً كبتلة وردة في عز تفتحها وجميلاً في حضورك الذي سنحاول أن نصدقه، وسنقنع أنفسنا من جديد أنك معنا بصفائك وعنفوانك وغيريتك على أمتك.
فطوبى لهذه الأم.. ولهذه الأمة التي أنجبتك.

طوبى لكل محبيك..  وستظل.. حاضراً وحاضراً.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عقدت اليوم السبت ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٤، الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب كوردستان سوريا، اجتماعها الاعتيادي في مكتب الاتحاد بمدينة قامشلو.

بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الكورد وكوردستان، تطرق الاجتماع إلى النقاط التالية:

١ـ تقييم نشاطات وفعاليات الاتحاد خلال الفترة الماضية

٢ـ متابعة الوضع التنظيمي لفروع الاتحاد في الداخل وممثليتيها في إقليم كوردستان وأوروبا.

٣ـ مناقشة النشاطات المشتركة…

عبد الوهاب بيراني

 

كان دأب الإنسان ومنذ القدم حماية جسده من حر الصيف وقر الشتاء، وكان عليه أن يرتدي ما يستر جسده، وكانت مراحل تطور ثياب الإنسان تعبر عن فكره ووعيه، وتعبر عن علاقته ببيئته ومحاولته في التلاؤم معها، فقد ستر جسده بأوراق الشجر وجلود الحيوانات وصولاً لصناعة خيط القطن والصوف والكتان، وهذا يُعد مرحلة…

صدر حديثاً للروائي والمترجم العراقي برهان شاوي، طبعة جديدة من روايته «منزل الإخوة الأشباح»، والصادرة بشكل خاص عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، والمتوفرة الآن في أوروبا وتركيا ودول عربية.

وقالت نوس هاوس، في تصريح خاص لموقع «سبا» الثقافي، أن رواية العراقي هي العشرون له في مسيرته الروائية، والسابعة ضمن سلسلة «روايات المطهر»، وتقع في…

فراس حج محمد| فلسطين

صادف يوم الجمعة (29/11/2024) ما سمي تضليلا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تلك المناسبة الكذبة الكبيرة التي ما زلنا نصدقها، مدارسنا احتفلت بها يوم الخميس حتى لا تفوتها هذه النكتة/ المناسبة؛ كونه اليوم الذي يسبق المناسبة، وما بعده يومان عطلة، كأنها ترقص على الوجع غباء في غباء، فكيف يمكن لشعب أن…