رسائل النهر… وقيافي الحدود

  ياسين حسين

عند الجدار الاخر والوهمي في ملكوته، تناثرت حبات مسبحته وحبات روحه. يمتنع عن التصويت لصالح الضفة الاخرى من ذلك النهر الذي يقطع جسده، انها الممالك حين تتناثر وتصبح دويلات وامصار وجزر… وانت على تلك التلة في جزيرتك الصغيرة النائية تقاوم الصقيع الذي يهب عليك من جهات الله الواسعة.
اذا، كانوا يمزحون معك: نصف ساعة أخرى ونصل الى الضفة الاخرى والآخرة.
وأنت تلتحف المساء ونبض صغير، ونبض خفيف لقلب صغير.

تفوهوا بما لاتطيقه من الكلام ومن اللهجات ومن اللغات الشاسعة، وانت تنادي خفية كلص هارب من قدره:
اذا هي النصف ساعة الاخيرة، وقد يكون من بعدها الطوفان.أنت على الضفة الاخرى، فلا مفر فأنت في بلاد الطوفان وسفنك اجتازت الحدود.
وكانت تلك، تنصت بخوف، وهي قريبة من مقبرة  الجزيرة، لاتعلم من الخبايا الا اسمي.
حتى لاتعرف النطق جيدا.
لاتعرف أصدقائي،،، المتهورين والمغامرين الذين عكرت عليهم الاحزاب صفوة حياتهم…
لاتعرف علاقاتي مع الالهة،،،والجن،،، وشياطيني…وأوثاني
لاتعرف التصرف بالافعال وأخواتها.
كانت جميلة الى ابعد تلك الحدود، حين تركتنا نعبر بصمت.
***
كانوا يقولون له: العم برو.
يجيد الكردية- فهو من كتّاب هاوار- والعربية والفرنسية والتركية ولغات اخرى لم نكن نعلم بها.
يقبلني من جبيني: ايها الزعران، متى تكبر حتى تتعلم؟.
وها كبرت ايها العم، وليتني ماكبرت!.
بعد مرور ثلاث عقود وها انا ارتشف تلك الرائحة الصباحية في دكانك الصغير، اعود الى طفولتي مع ذلك الشارع الكئيب، حين كانت تنال مني الرهبة وانا اقترب من طلاسمك.
أتّهم بالشيوعية، والالحاد، وبالقومجية، والبارتية، واليسارية، وبكل المصطلحات اللفلسفية واللافلسفية التي تقيأناها بعد كل مولد.
أبى أن يشاركنا تمزقنا وانحطاطنا، فغادرنا بصخب وتمرد، ولكننا ماكنا عالمون.
يتصل بي فريدون:
–         قهوة الصباح جاهزة يا…….تعال.
تعاودني نفس الصورة، حين كانت والدتي تبكي وتولول في أيام الانتخابات:
–         ماذا يريد منا برو. أن نموت ونحن زناديق.
ولازالت سجادة والدتي تفوح منها رائحة الطيب، ورائحة دموعها.
 انها بسيطة كالانتخابات، فلا أحد يفوز.
***
 أربعة أشهر، وخاصرتي تؤلمني، أربعة أشهر وأتعارك مع هذا الشتاء القارس.
لم نسرد القصة كاملة خوفا من الالم .
حيث كنا مبللين بالماء والطين، هكذا كما ولدنا….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…