حلم جكرخوين بنثر عطر قصائده في قامشلو

 

سيامند إبراهيم

قامشلو تطير في فضاءات, وهي تعرف كم من الأزمان بقيت هكذا وحيدة,  تكابد ألمها السرمدي, وفرغ المدى ما في جعبته من ألم تاريخها المحزن .
كيف ستلج أيها المنتشي برائحة القرنفل المنثور في بساتين الأيام الحزينة, لا تتقوقع في دن الأيام, أيها السائر في دروبها المجترة من أنين هؤلاء الثكالى, سأثقب ذاكرة القمر, وأبحث عن سجل أيام قامشلو هناك, حيث الزمن,  سأباغته, ذاك القمر لا يتوان لحظة من عمره إلاّ ويتوسد أبهة القرون التي انتعشت في الأيام  , لا أفق يتراء على وجه هذا القمر الرمادي,

قمر يميس مع ذاكرة الأيام المتثاقلة وهو يمخر عباب  بحار الزمن, يسابق تلك النوء التي تعلو بعنفوانها وهي تشحن قامشلو بالمزيد من الصبر على هذه الضربات الضروسية,  كل شخص يرتدي معطف الشدة, عربات وزعت الموت في هذا الزمن الجريح.
القمر يمنح قبلة أثيرية لقامشلو
حقول القمح تعرف من يذري تلك العاديات المؤلمة,
الزمن يتثاءب في دن الأيام
العرافة تبحث في دفاترها عن زمن مطوي مهلهل
حزام شائك مغروس في كبدي الدامي
أصبحتُ لقمةَ في فم ديناصور نهمٍ
لاشيء يوقفه ويخمد أتون حقده اليباب؟
أمشي في شوارعك تحت ظلال شجرك المتصابي  كيف أستطيع أن أتجاوز  فسيفساء موزع بين سمنة هذه الأرض الهرمة, ومن يستطيع أن يلجم عنفوان هذه الجبال- من يستطيع أن يغافل الزمن؟ ويطوي عمرنا في بطن هذه المدينة؟,
وشم أزرق على يحلم أن يرتدي سواعد أيامي؟!
نسغ هذه المدينة تلبس أحلامي, هي لا تعلم أنها تغافل مملكة الانتشاء
مملكة الطين تدعو كل من قبّلَ وجنتي القامشلي,
قال البعض: إن طعمها كالحنظل المر, يصعب على العشاق الاقتراب من عسل القمر الذي يرسله مع أشعته  التي تبزغ قبل استيقاظ قامشلو والتي تتكأ على ظهر جغجغ الذي لا يتوقف في كتاباته المائية, ويمسح جنون عشاق هذه المدينة الذين يدوسون على بقايا عشب تأكله وتلبسه أدران المقت و لا تخرج من قامة قامشلو العظيمة.
كل عاشق يلبس بهاء القمر, ويقبل يدي  أوركيش الكردية,
لا دخان يهرب من أصابع قامشلو
الذاكرة تنتعش  في مسامات كل نسمة تأتي من رموش نصيبين,
لا أرى نفسي إلا وأنا في حقيقة تقترب من صفوة ليل قامشلو.
العنفوان يرتاح في خاصرة قامشلو
ولدنا في مملكة الطين البض,
تسابقنا نبحث عن خطايانا الممهورة بخاتم الحرمان في رحم هذه المدينة
إنه القمر ولا شيء سواه يتمسك بأذني جغجغ, ويخفف من جريان تشظيه في لجة جروح من الصعوبة تناسيها بهذه السرعة, أراقبك أيها الجغدغ الطيب القلب لقد تركنا عاصمة الدنيا, وبدأنا نقترب من جسر زمانك الضال الذي تلوكه ألسنة المرارة الأولى, السوط الذي يتخفى ويرتاح حتى يضرب جبين أخي الصغير, كيف سأكون بعد هذا الاكفهرار,
هل مفردة القمع أصبحت جزء من دن السواد في قامشلو,
شجرة الجوز العالية هي سلواي لوحيد في احتوائي, سنوات وأنا أتكيف مع قهر هذه المدينة, إنني أقهقه لم يدعي ويتشدق بوحدة الفسيفساء المتآكل, إنه بحاجة إلى بذور غذائية من جينات الحلم القامشلاوي.
روحي تسكن في ثنايا هذه الأرض والكواكب تتجمع في ليلي الحالكة عن عقرب يسوح في مدينتي يزرع سماً في كل نسغ هذه المدينة,
أيتها الأيام السكرة !
هل مازلت تشربين ضوء النهار من دواوين شاعرك جكرخوين؟
هل ما زلت تتذوقين طعم الحروف المتناغمة في خمائل جزيرة بوطان ؟
هل ما تزال القصائد تبحث عن حروف تستريح على خدر كمونها المتململ؟
إنه الساكن في أضلع هذه المدينة, إنه الحالم بأنظف منزل قمري في قامشلو, إن حلمه يرقص في كل عرس من أعراس هذه المدينة, حلم جكرخوين بنثر عطر قصائده لعشاق هذه المدينة, قامشلو حلمي المترامي في لهو الحالمين .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…