w.hamedose@gmail.com
فأنا أحاول أن أكون بسيطة في قصصي ومجربة كما هو أكثر الكتاب العالميين , مثال على ذلك : الكاتب المغربي محمد شكري وخاصة في روايته ” الخبز الحافي” والكاتب السعودي عبد الرحمن منيف في روايته “الشرق المتوسط “
فاختياري الأسلوب الواقعي في كتابة القصة أو ما يسمى بالشكل التعبيري- الواقعي- هو غايتي وهدفي. ففي كثير من الأحيان دون دراية مني اركض إلى الكتابة هاربة من القبح والسفاهة الموجودتين في مجتمعاتنا الشرقية , إذ إنني اكتنز في دواخلي كدرات الإنسان الشرقي المعقدة والمتناقضة, وأسعى دائماً إلى الكشف عن خبايا هذا المجتمع وهتكه وبالتالي اعمل على معالجته بطريقة أو بأخرى , فمن هذا المنطلق اكتب واتعب وأجهد لأتمكن من تقديم رسالتي الإنسانية ” المقدسة ” التي أؤمن بها وهي كتابة القصة ,والقصة القصيرة جداً , الموسومة بـ ( ق.ق.ج) .
لقد عبرت عن بيئتي “الحسكاوية” وعن مكنوناتها عبر القصة التي دونتها واستطعت أيضا إيصال رسالتي الإنسانية والمعرفية إلى الآخر من خلالها ومن خلال ارتباطي ككاتبة بالمكان الذي كان على الدوام بارزاً في قضايا التي كنت أتناولها هذا من خلال التفاعل معه وخاصة مع الوجوه والتراكمات الاجتماعية والطبقية بإدراك تام ، كما إنني اكتب بأسلوب صارخ ونزق ، لأنني احمل هم ومعانات راهني الاجتماعي ,الذي أعيش فيه ، و من جانب آخر فمعظم قصصي واقعية بدرجة عالية , لأنها تلعب دوراً كبيراً، وهو دور الفضح ,والكشف ,والتعرية لكل ما هو سلبي وغير ايجابي داخل راهننا الذي هو جزء من راهن الشرق العربي ككل فمن هنا جاءت ارتباطي بالمكان كما قلت كارتباط الجسد مع الروح, لأنني اکتب لذاتي كما أجد فيها کل ما هو إنساني ونبيل من حب وعشق مصلوب وفي ضفة أخرى من ضياع ومتاهة في عالم ظالم ,فانا أجوع مع حرمان الآخرين ,الذي أرى صورتي فيهم, و اعطش مع ظمأ بيئتي الاجتماعية التي أنا جزء كبير منها ,وفيما تكتنز حاراتنا الشعبية القديمة من تفاعلات, وتأملات عميقة في نهري “خابور, وجقجق ودجلة ” . كما إنني انزف مع جراحات هؤلاء الذين أتناول معانات حياتهم من خلال حكاياتي وقصصي ,ومدينتي ” الحسكة ” ككل ,وتحديداً ريفها البسيط بنسيجها الجميل الذي يحمل عادات وتقاليد عريقة كل هذا يعنيني تماماً فنحن توائم هذا الألم المقدس الذي يعيشه الإنسان الشرقي.. لكل هؤلاء الذين لا مكان لهم في هذا العالم المليء بالغرائب والعجائب .
لا أنكر وهذا ما بينته في وسائل الإعلام إنني اكتب بواقعية سافرة كما في بعض الأحيان أجد نفسي التجئ إلى أدوات أخرى في الكتابة و خاصة حينما اهرب من ذاتي والتجئ إلى السرد , فالكاتب الحقيقي هو في حالة سرد دائما ً لذلك اعتقد أن نجيب محفوظ كان في حالة سرد بصورة دائمة وكذلك هو حنا مينة , وزكريا تامر , وسليم بركات والروائي الليبي إبراهيم الكوني وآخرون . كما أن لكل قصة التي اكتبها وظيفتها وغايتها المرجوة فالقصة الطويلة لها وظيفتها بما يتناسب مع مستوى أحداثها ,وكذلك القصة القصيرة لها دورها في طرح مواضيع لا تتطلب الاسترسال والتماهي في سرد الأحداث فالصورة الخاطفة برأيي تخدم الموضوع أكثر كما في قصص القصيرة (ق.ق.ج)
لقد أوضحت في إحدى لقاءاتي الصحفية (أنني كاتبة المهمشين ابحث عنهم في كل زوايا والأزقة المهملة التي تحصل فيها الهتك والمجون) واعتقد إنني عبر كتاباتي تمكنت أن أوصل صرختهم إلى أجراس السماء وهذا ما سيكتشفه القارئ في المستقبل…
في لقاء أخر أجراه معي الكاتب الجزائري موسى توأمة قلت بالحرف الواحد (إننا نشكل وجدان الطبقات الدونية في المجتمع .. فصوتهم صوت كل البشر المهمشين، فهؤلاء الذين يقدمون الخيرات المادية لطبقات أخرى).
فيما يخص مجموعتي البكر (تداعيات من الذاكرة) وبعدها (صفير القطار) والتي تناولها الكثيرون بكتابات نقدية و قد كشفوا الكثير من الزوايا النيرة والمظلمة,قد أفادتني كثيراً لأنني ومن المؤكد سوف آخذ كل هذه الآراء بجدية في تطوير أعمالي ونتاجاتي في المستقبل .لقناعتي الأكيدة بأن النقد والأدب كلاهما يكملان بعضهم البعض ويساويان في الرؤية الأدبية, لذلك فالنقد الجيد يعطي جمالية إضافية للنص , والنص بالنقد الجيد يصل إلى القارئ تماماً .
في هذا المتن لا أريد أن أقيم ذاتي كقاصة عبر هذه الأسطر فالقارئ الحصيف هو معني بهذا التقييم بالدرجة الأولى .
أما جديدي الأدبي فهو مجموعتي ” الرابعة ” الذي أحضر له الآن وهو بعنوان ” السجينة ” وأتمنى أن يلقى الاكتراث والرؤية النقدية التي لقاهما ” تداعيات من الذاكرة و صفير القطار ” وتترك أثراً بالغاً في نفوس القراء بحيث أتمكن من خلالها التقرب إليهم وملامسة أحاسيسهم ومشاعرهم ,وتجد لها أيضا مكانة متميزة في المكتبة العربية ..