الشارقة – إبراهيم اليوسف:
ما أن تذكر علاقة الشاعر بالعامل، حتى تحضر في الذاكرة أسماء شعراء كثيرين، تناولوا شخص العامل، منصفين إياه، من خلال الإشارة إلى الدور الكبير الذي يقوم به في حياتنا اليومية، باعتباره العمود الفقري في أية حضارة إنسانية .
إن تناول الشعر عربياً وعالمياً لشخصية العامل، ما هو إلا اعتراف من الشعراء أنفسهم، بمكانة هذا الإنسان الذي لا يمكن تصور مفردات البناء، والعمران، وغيرها، من دونه، لأنه رافعة أية نهضة، وباني و”دينامو” أي تطور أو تقدم إنسانيين، ولقد كان هذا الكائن الأكثر فعالية وحضوراً ملهم الإبداع والشعراء، عبر التاريخ، من خلال جبروته وعنفوانه .
ومن هنا فإن عدداً من عمالقة الشعر، ذوي الحضور الإنساني، كتبوا عن العامل، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال: جبران خليل جبران وناظم حكمت، ومحمد مهدي الجواهري، وآراغون وأمل دنقل وعبدالوهاب البياتي وبابلو نيرودا ولوركا وغيرهم من شعراء العالم الكبار .
“الخليج” التقت عدداً من الشعراء الإماراتيين والعرب، واستطلعت آراءهم حول أهمية العامل، ومنزلته، ومكانته في الحياة والإبداع في آن واحد، وذلك بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو/أيار .
قال الشاعر علي الشعالي إن العمال هم في الحقيقة شريحة مهمة من أي مجتمع، بل هم جزء فاعل في حياتنا العامة، ولا يمكن النظر إلى التطور العمراني، أو الحياتي، في أي مكان، لولا هذا العامل . ولقد تعاملت القيادة في بلدنا بحكمة مع هذه الفئة- وهم عمال آسيويون- إذ وضعت التدابير الكافية لحمايتهم، كي يحس كل منهم بأنه في بلده . وأضاف: إن الشاعر الحديث يتناول موضوعاته عادة عن طريق الرمز، ومن هنا، فإن الهموم العامة، ومن بينها هموم العامل وغيره تجد مكاناً في قصائدنا، شأن القضايا الإنسانية العامة .
بينما أكد الشاعر حسان عزت أنه إذا كان هناك احتفاء بالعمل والعامل، فإن اليد التي أسهمت في بلورة الدماغ، وإعطاء أعلى درجات الفكر إبداعه هي يد العامل نفسه، إن تطور الإنسان مرهون بالعمل، ثم إن العمل يكون مدخلاً إلى حرية هذا العضو الفعال في مجتمعنا الذي تتم على يديه كل معالم الحضارة والرقي .
وقال الشاعر أحمد المطروشي: إن العامل هو الرجل الخفي في كل مدينة، لأن الرجل الكادح هو العامل البسيط الذي يدير عملية البناء والحضارة عبر التاريخ، فإن من بنى الأهرام هو عامل، وليس فرعوناً، فالعالم يتحرك من الطبقة الدنيا إلى العليا، بل إن من يرتقي عالياً فإنه لايستطيع ذلك من دون العامل، هو باني ناطحات السحاب، والعروش، وراحة البشر تتم على يديه .
أما الشاعر جميل داري فقد رأى أن “العامل” من الموضوعات التي تطرق إليها شعراء النهضة من أمثال الجواهري بالدرجة الأولى، إذ يرى فيهم السواعد المفتولة السمراء القادرة على أن تدكّ عروش الظلم والطغيان، ولم ينس الأدباء والشعراء بل والمفكرون أن يقرنوا العامل بالفلاح، فكلاهما يشكلان قوة تبثّ الخوف والذعر في قلوب المستغلين، لقد عانى العامل زمناً طويلاً الاستغلال والفقر والمعاناة، لكنه لم يقصر قط في الدفاع عن حقوقه الإنسانية المشروعة، وكان الشعراء دائماً في الصفوف الأولى في المسيرات العربية المطالبة بحقوقهم العادلة .
الخليج-1أيار2011