نشوة الإحساس في حالة الاندساس

غسان جان كير

 ” الإنسان السوي هو الذي يتلمّس كوفيته حين يُنبهه أكثر مِن شخص باعوجاجها “
                                       مَثَل كردي

بلغني يا سادة يا كرام , أنّ أبواقا في الإعلام قد ارتضت أن تؤمر بالجلوس والقيام , دأبت على تشويه الحقائق والتلاعب بالأرقام , يرسمون لنا الورديّ مِن الأحلام وأن الشذوذ عنها حرام في حرام , مُنطلقين مِن مُنطلقاتهم الصدئة التي لا ترى في المُتلقي سوى بهيمة مِن الأنعام.
فلا رأي عام سوى ما كان لهم مُنقاد , فإنْ خرج إلى السطح ماهو مُستتر وكامن كانوا له بالمرصاد , والزمن متوقفٌ ثابتٌ والموج لا يُحرّك ما هو عائم , ولا وجود بالتالي لغير رأي عام دائم , وليبقَ في أحلامه المعسولة نائم , والنابه ناشرٌ للأخبار الكاذبة أو في أحسن الأحوال مُتشائم.

والأبواقُ إذ في جهلهم يعمهون وعلى وسائل إعلامنا يُسيطرون , ولأساليب التعتيم والتمويه يتّبعون , ينشرون ما يُحابي هواهم و يُذيعون , تضخيم هنا وتلفيق هناك ألا بئس ما يفعلون ! فالمُتظاهرون – بحسبهم – ليسوا بمتظاهرين , وهم في مُعظم الأحايين قلة مِن المُغَرَرين , وفي بعضها وعلى هطول المطر لربهم (شاكرين) , وفي كل الأحوال مُندسين .
وعلى مبدأ ” إذا أتتك مذمتي مِن ناقص …. فهي الشهادة لي بأني كامل ” فتحوّل فعلُ الاندساس مِن نقيصة إلى افتخار , وأخذ الناسُ يتبارون إلى الاندساس ليكونوا من الأحرار والأخيار , لا يأبهون بإفتاء مُنافق أو مُحللٍ حمار , وكلّ مُندسة بمُندسٍ مُعجبة , تسأل الله أن يحميه من الدببة والحمير المُتثعلبة , وكل مندس يمشي ملكا , أوَليس قد حوّل حياته إلى مشروع حلمٍ جَمعيّ كبير ؟, دافعُه فضحُ القُبح دون تراخ أو تقتير , وما تتعرّض له الموارد من تبذير , وكشف زيف التقارير , ومدائح المنافقين لهذا أو ذاك الوزير , وكأنما هو الذي أخرج الزير من البير .
Ghassan.can@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…