من أجل مسلسل رمضاني كردي على شاشة الفضائية السورية

كرم يوسف

أيام رمضان هذا السنة كانت زاخرةً بالمسلسلات السورية المنوعة كالعادة، والتي يتناول  كل منها جانباً من جوانب حياة هذا الإنسان السوري، لتعرض همومه،وأفراحه، وشكواه،و أمانيه،و….
طبعاً هذا- فضلاً -عن المسلسلات التاريخية العربية التي  باتت شاشة رمضان السورية معنية بمسلسل واحد منها، على الأقل، في كل عام ،بل و- فضلاً- عن ابتكارات رمضانية كل سنة، وما تحمله الأجواء الرمضانية التلفزيونية من جديد ،وفريد .

كمواطن كردي سوري ، مذ وعيت وأنا أشاهد العالم التلفزيوني السوري وأشخاصه ونبضه بالعربية ، أشاهد سوريا تلفزيونياً باللون العربي، سواء الشامي  منه، أم الحلبي، أم الجبلي ، أم الساحلي..
حتى صرت مؤمناً بأن كل ماهو رسمي في سوريا يجب أن يكون عربياً ، ناسياً ومتناسياً أنيّ سوري ولكن” كردي سوري” ، ومن حقي على هذه القناة التي أخلصت لها ، وأنا أهرب من المدرسة لأتابع مسلسلاتها، أن تنصفني كل سنة ،وليس يومياً أو إسبوعياً، أو  شهرياً بمسلسل كردي، كما أحلم…..
لماذا، علي أن أنسى كل عوالمي الكردية ،وأنا أحضر المسلسل السوري ؟ ، لماذا عليَّ أن أتنكر الريح والسماء والشمس والأشجار الكردية السورية في هذا الجزء السوري المعاقب بكل العقوبات حتى تلفزيونياً.
ترى ، أي القوانين هي التي تمنع عرض حتى الأغنية الكردية لفنانين كرد سوريين على شاشة فضائيتهم، وبموجب ماذا يتم رفضها إن لم يكن هناك مايرفضها، أو فلنقل ماهو الذي يمنع أن ترسل الأغاني للتلفزيون حتى ترفض.
لا أزال أتذكر برنامج” الجزيرة الخضراء” الذي كان يبث كل يوم ثلثاء على شاشة القناة السورية الأرضية، وذلك الاجتماع الاستثنائي لعائلتنا أمام ذلك البرنامج، على الرغم من أنه كان بالعربية إلا أننا كنا نشاهد شوارع محافظتنا وطرقها على الشاشة السورية، كم كان ذلك الفرح الاسبوعي الاستثنائي هائلاً لذيذاً، حيث كانت الحياة في منزلنا كما منازل كردية أخرى تتوقف لمتابعة هذا البرنامج.
لا أدري- حتى الآن- ماالذي يجعلنا ككرد سوريين لا نرى حصتنا في قناتنا الفضائية، ولو كانت تلك الحصّة بالقطارة، فقط وجود حصة سيكون جميلاً، وماعاد يهم إن كانت هذه الحصة بالقطارة الشهرية أم الاسبوعية أم السنوية….مايهم هو اشباع الحاجة ، ووجود مايزول احتياجنا إلى الحاجة بتوفر المحتاج إليه.
اثنتان وعشرون سنة مرت عليَّ ، دون أن يتسنى لهذا العمر على مدار دوراته الاثنتين والعشرين أن يسجل في أرشيفه أيّ معلومات تلفزيونية كردية سورية ولو على هامش الدفتر العمري.
إذا كنا جزءاً من هذا المجتمع السوري متعدد الأطياف فلنا – ككرد- ولغيرنا من أقليات حصة وحق على الإعلام السوري بكافة ألوانه المرئية والمسموعة والمقروءة، أن يكون لنا بصمة في هذا الإعلام وفي يومياته ..حيث لم يعد هناك ما يُحرِّم المسلسل الكردي ، الأرمني، السرياني، ….السوري نصيبهم…
بحق ،نحن ككرد وكسوريين، بشكل عام، في حاجة إلى نصيبنا في الإعلام السوري، لتكتمل المعالم الناقصة في هذا الإعلام ، ليكون للإعلام السوري أكثر من شريان ووريد ، لتقوم كل الشرايين والأوردة بعملها في بعث الحياة في الإعلام السوري..
بحقّ أن لسوريا جمالاً يقل نظيره في أي دولة أخرى، من حيث وجود هذا الكم الجميل، المتعدد، والمتنوع، من المخزون الفلكلوري للأطياف التي تعيش في سوريا وتستطيع أن تؤمن القوت المستقبلي للشاشة السورية، والتي بحق ستكون أفضل حين تصور ، أو تُسمع، أو تقرأ..
رمضان 2006 ودعنا دون مسلسل كردي كما السنوات الآفلة، دون أن يتاح للمشاهد الكردي أن يرى حروفه الكردية داخل كلمات ،وهي تزور أذن مشاهدها السوري ، في زيارة البدء، والأولى، رمضان 2007 ربما يحمل لنا في جعبته هذه “الأمنيات” وهي مرخصة، أمنيات لاتعدو أكثر من حق طبيعي..
– فلنكن في انتظار؟..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…

فراس حج محمد| فلسطين

المقدمة

تُمثّل رواية “ميثاق النساء” للروائية والشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الآداب عام 2023، إضافة نوعية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. لقد نجحت الكاتبة في تقديم عمل أدبي عميق يتجاوز كونه سرداً فنياً ليلامس قضايا اجتماعية ونفسية حساسة، خاصة في مجتمع يتسم بالخصوصية والانغلاق مثل المجتمع الدرزي في…