أباخورشيد .. بدموع الغربة وداعاً

سيامند ميرزو

نعم كنت وحدك في منزلكم حراكاً فكرياً، بل مدرسة كاملة يمكن تسميتها بأسمائكم .. أنتم الجيل الذي علمنا .. الأسلوب .. ، نعم كنت مدرسة في طرح القضايا المحببة والساخرة في بعض الأحيان.

آلمني أنه في آخر زيارتي له، قبيل تفكيري بالهجرة، أدركت أن المرض استبد به برغم لوعة الأسى، لكنه حافظ على تماسكه، كان يرثي نفسه إيمانا بالقضاء والقدر قائلاً ببسمته ووجهه البشوش: سأغالب آلامي مهما حاولت أن تجرني إلى اليأس حسبي الله ونعم الوكيل، نعم كانل نبأ رحيله وقع أليم على كل من عرف أبا خورشيد عن قرب في عامودة العزيزة ،  من رجال عاديين، غير متخصصين، وباحثين، حيث أبو خورشيد كان رائداً في كل مجالات الحياة، لقد كان الراحل لسان حال لحظته، يعبر من خلال كلمته الجميلة عن موقفه، كان لكل زائر منا مكانة خاصة عنده،
 نعم أنا والاخ حجيكو، وباب ووو كما كان يحلو له التسمية، كان يلتفت باستمرار لكل الحاضرين، مهما كان عددنا،  ومن خلا ل نوافذ عديدة كالرياضة والموسيقا والثقافة، لاينسى أحداً في أحاديثه الشيقة، أصدقاء أولاده، و اصدقاءه، كان يعد رمزاً للتنوع والتعدد، بل كان بوجهه البشوش كجسر يربط بين الأجيال ببعضها البعض، وبمرضه وغربة الأعزاء من حوله، من عامودة العزيزة،  قصرت مساحة الجسر، فما أحوجنا اليوم، وفي هذا الزمن إلى أمثاله، أتذكر حين كان يلح علينا بالتواصل، كان ذلك نابعاً من إحساسه النبيل بالانقطاع الغير المبرر بين الأحبة، كان يلح على الاقتراب ثم الاقتراب، والاقتراب إلى ذلك الجمر الكردي الأصيل المتقد (..سر خت/ وبنخت) رحلت أبا خورشيد، لكن صورتك ماثلة أمام أعين محبيك بابتسامتك  البشوشة، ورحابة صدرك، وحسن معشرك، إنك معنا جميعاً، آل الفقيد لكم الصبر والسلوان وللعم والعزيز خالو محمد خراب باباني الرحمة..وفي هذه اللحظات الحزينة والمؤلمة أرى أن أبواب الحزن لاتغلق في عامودا…أصدقائي من آل الحسيني لكم العزاء ولفقيدكم عبدالرحمن الرحمة أيضاً…كما أتمنى الشفاء العاجل للصديق العزيز آرشك بافي فاطمة الذي سقط أرضاً، من أعلى سقف منزل يعمل فيه، وأنا الذي فقدت أخاً عاملاً سقط من أعلى منزل، كما سقطت وكتب لي النجاة، كل الحب لأبناء عامودا وإلى اللقاء في عامودا ما بعد الثورة.

سيامند ميرزو… الإمارات

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…