كل عيد وأنت سورية

د. آلان كيكاني

تتغرد النوارس في سماء بحرك الأزرق , ويدر المزنُ الزمزمَ في عروقك , ويكحّل العاصي عيون عشاقك , وتكسو الخضرة جبالك , ويفرش القمح سهولك , وترعى المواشي بواديك , ويفترُّ ثغر فراتك القادم من جذع سدرة المنتهى في الفردوس الأعلى عن بسمة تجلب لأبناءك النور ورغيف الحياة , ويسود السلام أرجاءك , وتعم الفرحة قلوب أبناءك , ويحلو الربيع بألوان نيروزك : نيروز الحرية والمحبة والسلام.

كل عيد , ويخضرُّ الزيتون والفستق في وهادك , وتتفتح الأقاحي والنراجس في ربوعك , وتتزين بالليلك أنهارك وجداولك وتعبق بالشذا أزهارك , وتشدو الطيور على رباك وتعزف ترانيم الحرية وتتغرد بألحان الحياة , وتحلق الحمائم في فضاءك النقي الفسيح.
كل عيد وشامك تفوح بياسمينها , وحمصك تنضح بفكاهاتها , وحورانك تتطيب بفاكهتها , وحماك تسهر على أنين نواعيرها , وحلبك تحتضن قلعتها ,  وديرك تعانق فراتها , وعامودتك ترضِع أكرادها الكرامة وحب الوطن.
كل عيد وعربك سالمون , وكردك معافون , ومسلموك ساجدون راكعون , ومسيحيوك مصلون , ودرزوك موحدون , وإيزيديوك أحرار طليقون , وعلويوك ساميون عاليون , يا معقل الأبطال ومهد الحضارات وموطن الأبجديات.
وأنت سليمة تأسرين القلب وتخطفين البصر بجمالك الإلهي , فما بالك وأنت جريحة تنهش الضباع بجسدك وتهريق دماء أبناءك وتستبيح أعراض نساءك  وتقتل وتمثل بأجساد أطفالك.
ترى متى يكون عيدك الأكبر , وفرحنا الأعظم ؟ يا بسمة باتت دمعة , وحديقة تحولت إلى مقبرة , وجنة آلت إلى جحيم , وأماً دنس الأنجاس عرضها , وأختاً خطفها الجناة المجرمون , ووطناً بات مزرعة للزناة يمارسون فيه الموبقات ويرتكبون فيه الفواحش ويتفنون فيه بالوحشية والإجرام.
متى يبزغ نور فجرك المنتظر ؟
كل عيد وأنت جميلة
كل عيد وأنت سورية
………..

30/8/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

 

مقدمة

تمثّل قراءة جاك دريدا لمقال والتر بنجامين «مهمّة المترجم» إحدى أكثر اللحظات ثراءً في الفكر المعاصر حول الترجمة، لأنّها تجمع بين اثنين من أهمّ فلاسفة القرن العشرين

— بنجامين: صاحب الرؤية «اللاهوتيّة – الجماليّة» للترجمة؛

— دريدا: صاحب التفكيك والاختلاف واللامتناهي لغويًا.

قراءة دريدا ليست شرحًا لبنجامين، بل حوارًا فلسفيًا معه، حوارًا تُخضع فيه اللغة لأعمق مستويات…

ماهين شيخاني

 

المشهد الأول: دهشة البداية

دخل عبد الله مبنى المطار كفراشة تائهة في كنيسة عظيمة، عيناه تلتهمان التفاصيل:

السقوف المرتفعة كجبال، الوجوه الشاحبة المتجهة إلى مصائر مجهولة، والضوء البارد الذي يغسل كل شيء ببرودته.

 

كان يحمل حقيبتين تكشفان تناقضات حياته:

الصغيرة: معلقة بكتفه كطائر حزين

الكبيرة: منفوخة كقلب محمل بالذكريات (ملابس مستعملة لكل فصول العمر)

 

المشهد الجديد: استراحة المعاناة

في صالة…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف…

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…