من منا لا يطمح أن يكون ذات يوم شاعرا و ناقدا بارزا يحتلّ الصفحات الأولى المتألقّة بقلمه الأنيق.
قد يكون صعبا على الشاعر أن يتكلّم أو يكتب عن نفسه خوفا أو حرصا على أ لّايمدح نفسه وابتعادا عن التأثّر بالعوامل الذاتيّة.
لكن عندما يكتب الشاعر تنهمر إبداعاته كالمطر تبلل القلوب الظامئة والأرواح النهمة عشقا حيث يمضي إلى أقصى آفاق الشعر والأدب ومن ثم يفاجئك بتواضعه , رغم هيبته الصارخة المشتعلة من بوح إلى بوح من نثر إلى نثر من قصيدة الى أخرى .
شخصيّة إستثنائيّة تتحلى بشجاعة استثنائيّة تنال الاحترام والتقدير ليكون عندليبا للشعر الكردي بجدارة. ….
ذاك الملاك الأبيض … الشاعر الأسير في لوحة الأمنيات .. الناقد والكاتب المعروف
(عزيز خمجين) في كوردستان ميديا
مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة … ولكل مبدع إرهاصة…. وأنت متى بدأت تشعر بأنك تدغدغ روح الشعر ؟….ومن كان عرّابك؟
الشعر عندي عالم خاص, تفنّن في رسم الابتسامة و نقل أغنيات الروح وحسرات العيون , الشعر حب الحياة وتفجير لينابيع الإلهام
أسمع الجبال وأردّد صداها… هذه ألحان جوقة أناملي ينشدها قلمي كلما انكسر غصن أغنية, لا أريد ليمامة الشعر أن تجثم على حواف كلماتي….. بل أريدها محلّقة في سماء سيمفونية صمتي. الشعر…. هو الذي يلامس ألسنة نيراني, ويصبح ظلّا حميما لايفارقني. أقرأ الشعر الكلاسيكيّ و الحديث أعشق “ملايي جزيري “وأعتبره إماما و”أحمدي خاني “رائدا قوميّا, نبّّّه الكرد للخلاص من الظلم, أما “فقّي تيران ” الذي كتب الشعر بروحه العفوية الفكاهية, دخل قلوب الناس ومازالت أشعاره وروحه بيننا. ولم يكن أقلّ منهما “جكرخوين,بيكس, هزار,هيمن, “كوران” ,تيريز “وصالح حيدو “والعشرات من الشعراء الكرد اللذين كان لهم باع في نشر القصيدة الكردية ودفعها قدما على الأمام .
قرأت كثيرا لمعظمهم وقد رفد هذا مخزون الصور الشعرية وبحر المفردات عندي لكني لم أتأثّر بهم كأسلوب…
بل كتبت قصيدتي بإسلوبي الخاصّ وما أراه مناسبا لروح العصر ومستقبل الشعر الكردي…حبي للغناء الكردي كان دافعا كبيرا لكتابة الشعر عندي, منذ الصغر كنت أحمل القلم وأرسم جنون الكلمات وأتخيل ابتسامة القمر تناجيني… .
الترجمة مسؤولية مزدوجة وأمانة, كل مترجم يجب أن يكون أمينا ووفيا للنصّ, بالنسبة لي ترجمت كتابا وحيدا مطبوعا للدكتور “علاء الدين جنكو” عن حياة الشاعر الكردي “ملا أحمدي بالو “وكان الدكتور “علاء “مشرفا عليه وخاصة فيما يتعلق ببعض الآيات من القرآن الكريم.
نعم أشعر برهبة, لكن بالمقابل لدي إمكانيات باللغة الكردية لايستهان بها وبإمكاني الحفاظ على الأمانة الأدبية…
(ازرع لك هنا زهرة تبعد عنك عين الحاسد) .. قصائدك الكوردية تنهمر كالمطر وتمطر عشقا ولا يتوقف عن الإبداع ترى ما السرّ في هذا العطاء و في هذا المحتوى الجمالي غير العادي في قصائدك؟ومتى تجد نفسك بعيدا عن اللحظات الشعرية؟
أجيب من إشارة الاستفهام لأنها لا تخيفني , اللحظات الشعرية حتى وأنا نائم لا أظن أنها تفارقني, في كل موقف وحلم ومشوار وزيارة ونسمة , لي تأمّل, لا تفوتني اللحظة أستغلها لا أريد للقلم أن يستريح, قلمي كالساعة التي تعمل على دفء النبض لا تتوقف إلا إذا توقف قلبي عن النبض…
برأيي جمال القصيدة يأتي من جمال اللغة و الالتزام بأصول الكتابة الصحيحة واستخدام المفردات الكردية الأصيلة و غير المستهلكة, أكتب بالكردية الصرفة, لا أضغط أو أجبر نفسي على كتابة القصيدة, لي نَفَس وصبر لا أملّ من الكتابة, وأتعامل مع المفردة بجدّية تامة. أكون أوّل قارئ وأوّل ناقد لقصيدتي قبل نشرها أو قراءتها للآخرين
لاشك أنك تهتم وتشدّ على أيدي مبتدئي الكتابة باللغة الأم ما هي الخصائص التي يجب توفرها في صناعة جيل قادم يتقن اللغة الأم ؟
الاهتمام بالأطفال والشباب والكبار من ناحية اللغة الكردية وتشجيع الكتابة بها, أرى فيها نضالا وواجبا على كلّ مثقّف ودارس ومهتمّ بالشأن القومي الكردي
لغتنا معرضة للزوال ووجودنا كقومية مشتتّة مهددّة بالانصهار في بوتقة القوميات الأخرى. أشجع وأشد على أياديهم كما أعمل على تشجيع نشر اللغة الكردية منذ صغري طبعا ضمن إمكانياتي المحدودة.
أريد أن أنوّه هنا , أن كل جزء من كردستان له خصوصيته المتعلقة بالظروف والإمكانيات المتاحة للشعب الكردي هناك. بالنسبة لوضعنا في سوريا إمكاناتنا ذاتية وشخصية وبسيطة جداً. لا يتوفر لنا أي شيء ولغتنا غير مسموح لها بالتداول والكتابة بها و هي غير معترف بها .
بالرغم كل هذه الظروف لا يعني ذلك أبدا أن نهمل لغتنا ونتخلّى عنها.
اللغة مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كل كردي سواء في الحركة الكردية أو بين المثقفين والمتعلمين. برأيي مسؤولية الأحزاب الكردية أكبر بالرغم من ذلك فهي لا تقوم بواجبها تجاه اللغة الأم أو الكتّاب والشعراء. هناك إهمال وتقصير كبير منهم ويتوجب عليهم بذل الكثير من الجهود وتوفير الكثير من الإمكانات….فهم يفضّلون أن تكون رفيقا في تنظيمهم و لا يفضّلون ولا يهمّهم أن تكون شاعرا لعموم شعبك.
هل تلمس أن الأدب الكردي وجد الاهتمام الذي يستحقه ؟وما هي العثرات التي تقف أمام الأدب الكردي ؟
الأدب الكردي لم يلق الاهتمام المطلوب إلا نادرا وعن طريق أشخاص وبعض الأسر من أمثال آل بدرخان “ويرجع ذلك لأسباب عديدة, لا تنسي إن وطننا مجزّأ والجغرافيا كانت ولاتزال لها دور في فصل التواصل الكردي بالتالي التبادل والنشر أيضا ضئيل في أجزاء كردستان, لكن في الأعوام الأخيرة وعن طريق وسائل الإعلام الحديثة والتكنولوجيا وخاصة الإنترنت سقطت الحدود, تجاوزت كل الانقطاع وأصبحنا نتبادل كتاباتنا وننشرها بدون رقيب.
قرأت لك كتابات نقدية حول ظاهرة السرقة الأدبية برأيك ما مدى خطورة ذلك و هل نالت اهتمام القارئ ؟
السرقة الأدبية مثل السرقة الاعتيادية , نعم كتبت مقالات نقديّة جديّة عن هكذا أمور ولازلت أكتب في نقد هذه الظاهرة وغيرها.
النقد باللغة الكردية مثل الأدب الكردي عموما يعاني من هزله وشحته. لا تنقد كاتبا أو شاعرا إلا وصفعك لأنك لم تمدحه, نحن شعب المدح لا نحب الرأي الآخر, ولا نحب لغيرنا مثل ما نحب لأنفسنا.
الآن هناك شعراء وكتاب معروفين, يسرقون من العربية والتركية واللغات الأخرى ويترجمونها إلى الكردية, وهم شعراء من الوسط المشهور نوعا ما ,وتلاقي جوقة المصفقين ممن يقرؤون الاسم فقط ثم يبدؤون بالمدح والتصفيق. البحث والتعمق في نتاجات الكتاب والشعراء قليل جدا ومن يحاول أن يفتح فمه أو يكتب مقالا نقديا عن شاعر معروف ينبري له الكثير من المتصدّين أي من قبل (جبهة من المدّاحين والمريدين).
هل يعاني النقد الأدبي في الأجزاء الأربعة الكردية من أزمة ؟
بالتأكيد النقد عندنا في أزمة حقيقية و له اتجاهان فقط لا ثالث لهما فإمّا أن يكون مدحا أو يكون تجريحا,
أمّا النقد المعتدل فنادر وان وجد كما قلت هناك من يصدّه لأنه يكشف زيف وألاعيب البعض والدخلاء على الأدب أيضا.
البعض من القراء مع احترامي للجميع يفكرون بأنّ كل من ظهر أمام الناس في وسائل الإعلام المتاحه,والتحى وقلّد غيره أصبح شاعرا أو كاتبا مشهورا…. الشهرة عندنا لها طرقها وأساليبها عند البعض وهناك من يمتهنها ويتقنها تماما .
هناك عجز في المواقع والمنتديات الكردية بشكل خاص وأكثر الأقسام شكوى وعجزا نلمسها في أقسام الأدب الكردي….. برأيك كيف يمكن علاجها؟
للأسف ذلك صحيح ويرجع لعدة أسباب وأهمها عدم الاهتمام الكافي باللغة الكردية بقدر ما نهتم باللغات الأخرى, دوما نكتب وننشر ما هو أسهل وهناك من يخجل من أن ينشر بكرديته وهناك من لا يهتم باللغة أصلا والبعض يفكرون بالشهرة طالما العربية والتركية والفارسية تقرأ أكثر فلماذا يكتب بلغة ضعيفة حسب تفكيرهم طبعا.
من هم شعراء الذين يقرؤون لك ؟ ولمن تقرأ من الشعراء ؟
قبل أن أكون شاعرا أنا قارئ جيد نهم , أقرأ نتاجات أغلب الإخوة والأخوات الشعراء , كلنا نقرأ لبعضنا البعض وأحاول دوما الإطلاع على كلّ جديد في عالم الشعر……….
إلى أي مدى أثّرت عليك البيئة التي تنتمي إليها في بناء القصيدة وما أحبّ قصيدة إليك ؟
كل شاعر ابن بيئته, ونتاج وطنه وشعبه وحبيبته وهذه دعامات البناء الشعري لديه.
أحبّ قصيدة لدي, بصراحة مجموعة :(Keserek, gunehek û pirsek _ حسرة, إثم وسؤال) جميع قصائدها لها خصوصية في قلبي منها (صباحات بنفسجية), (من عامودا حتى عفرين ) و(ديلبري)…
من يسكن قلب عزيز خمجفين ؟
الحب دوما يسكن قلبي اهديه وانشره من خلال فراشات الشعر أحب كل الناس, لي أصدقاء من الشعوب المختلفة , والطيور أيضا كما الشجر والزهور…
يقول نزار قباني لا يضمن البحر حدوده مع الجزيرة هل تؤمن بالصداقة بين الرجل والمرأة؟
هناك اختلاط في الأمور عند أغلبنا ما نطلبه ونقوم به نرفضه لغيرنا. الرجل بشكل عام وأنا منهم نظلم المرأة ولا ننصرها كما ننصر أنفسنا . الصداقة شيء مقدس برأيي سواء بين الرجل والرجل أو بين المرأة والمرأة أو بين الرجل والمرأة…
اختلاط الأمور عند الغالبية من مجتمعاتنا و النظرة الغير شفافة للتسميات وعدم التساوي بين الأقوال والأفعال. ممارستنا تختلف عن أقوالنا, نعم أؤمن بالصداقة بمعناها الحقيقي.
رغم العطاء الذي فاق عنان السماء هل تشتكي من المرأة المنافسة لك ؟
أبدا, أحب كل مبدع ومبدعة حتى لو تغلبت علّي وأفرح إن وجدت امرأة ناجحة أدبيا وأجتماعيا وبالمقابل أنزعج عندما أرى منهن متصنّعات دخلن أبواب الأدب بطرق ملتوية وهن دخيلات على الأدب غايتهنّ للشهرة فقط وينطبق هذا الكلام عندي على الرجل أيضا…
وهل استطاعت المرأة أن تثبت وجودها الأدبي في الكتابة ؟
هناك كاتبات أثبتن وجودهن .
في الإبداع, المرأة لا تختلف عن الرجل برأيي وإنما الظروف المتاحة للرجل غير متاحة للمرأة .
ما الذي يحركك تجاه الشعر وهل سبق لك أن بكيت من شدة اندماجك بالقصيدة ؟
ما يحركني باتجاه الشعر, الشعر نفسه لأنني أحاول أن أخرج آلامي, فرحي, حبي وكل أحاسيسي عن طريق القصيدة
أكتب للجميع, أرسم لوحات بفنون الصمت, أؤجج نيران الّجمل الملتهبة أصلا في داخلي وألوّح بثورتها أمام التيّار, أكحلها بكلمات العشق, أصرخ …. أصرخ … أريد لقصيدتي انتشارا ولكلماتي نورا…
في الصباح وفي اللحظة التي أفتح فيها عيني أشم أريج الكلمات أندفع , أصمت, أثور, أحمل القلم ربما تأتي الضيفة مع فنجان القهوة ومسافة الطريق إلى العمل أو العودة منه . أحيانا
“صباحات بنفسجية” تاريخ وطن اغتصب وتجزأ شرد شعبه, نال نصيبه من المجازر , هي صباحات السنة, في كل يوم بنفسجي غامض لا نعرف ماذا ينتظرنا, هي 365 صباحا, أعدها وفي نور الروح أخبئها, مائة منها أسميها باسمك وأبني مائة من عينيك و165 أزينها بالذهب والفضة. أمر من خلال صباحاتي إلى لالش المقدسة والى ميديا وبداية تدوين التقويم الكردي والى مقدساتنا القديمة والعديد من الأمور . للقصيدة مكانة خاصة عندي أتمنى أن تلقى الاهتمام والرضى من القراء……..