أنا كردي من عامودا

  أيمن الطويل

رفع طفل من عامود لافتة كتب عليها «أنا كردي من عامودا وبعشق حمص» وعامودا واحدة من مدن شمال سوريا التي خرجت تطالب بالحرية منذ انطلاقة الثورة، وصار اسم عامودا أشهر من نار على علم في الإعلامين العربي والغربي، تلك المدينة الصغيرة التي لم يكن يعرفها أكثرية السوريين، فقد كان السوري يعرف الكثير عن بلدان العالم أكثر مما يعرف عن داعل والحراك والصنمين ونوى والكثير من قرى درعا التي أصبحت اليوم ذات شهرة عالمية، كما لم يكن السوري يعرف سرمين وجرجناز وبنش وكفر نبل التي حير لفظها إعلامي القنوات الفضائية،
على الرغم مما تقدمه هذه القرى من زيت نخب أول للسوريين، كما لم يكن السوري يعرف من حمص أكثر من حلاوة الجبن، وأصبح اليوم يعرف شوارعها وأحيائها من دون استثناء، مثل بابا عمرو والخالدية وباب هود والوعر والإنشاءات ودير بعلبة والقصور وجوبر وغيرهم، ولم يكن يعرف شيئا عن دوما سوى كباب لحم الجمل، ومن حرستا سوى سوق السيارات، ومن كفر سوسة سوى أنها تاخمت دمشق فارتفعت فيها أسعار الأراضي والبيوت، وقائمة المدن والقرى والمخيمات التي أصبحنا نعرفها اليوم تطول، وأعادتنا الثورة إلى بعضنا البعض، وقد يكون من الممكن بعد سقوط النظام أن تدرج في سوريا عادة جديدة في السياحة، يمكن تسميتها سياحة الثورة، حيث يزور السوري كل البلدات والمدن والقرى التي ساهمت في الثورة والحرية، ويتعرف إلى إخوته، وناسه، وأهل وطنه.
لكننا في المقابل نأمل أن نتعرف إلى مدن وقرى أخرى، مدن اشتهرت بالتجارة، وبعضها بالسياحة الصيفية، وبعضها بصناعة القمصان والأحذية، وما لذ من مأكولات طافت شهرتها الآفاق، لكنها لم تكن على خارطة الثورة، ونحن لا نكاد نسمع عنها شيئا، والبعض يروج أن تلك المدن والبلدات لم تخرج للتظاهر لكثرة أعداد رجال الأمن والشبيحة، وكأن عامودا أو بابا عمرو والحراك ليس فيها رجال أمن، أو كأن الشبيحة فيها نائمون.
الطفل في عامودا قال : «أنا أعشق حمص ، » ومن لم يقع في غرام حمص الثورة فهو من دون قلب، فحمص ليست دكانا أو متجرا لحلاوة الجبن، إنها مصنع الأبطال والثوار، وكذلك مدن إدلب، ودرعا، وبانياس، وحماة، والقامشلي، وريف دمشق والكثير من أحيائها، و اللاذقية، ودير الزور، والبوكمال، وتدمر، وغيرها الكثير من المدن التي تعيد اليوم للعالم صورة السوري الحر.
وإذا سمعنا ما يردده المتظاهرون من هتافات فإننا سنعرف كيف يحيي السوريون بعضهم بعضاً، وكيف هتفت المدن لبعضها البعض، وكيف قال طفل من حمص: «أنا حمصي وبعشق عامودا .»

عن جريدة البديل

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…

مصطفى عبدالملك الصميدي| اليمن

باحث أكاديمي

هي صنعاء القديمة، مدينة التاريخ والإنسان والمكان. من يعبر أزِقَّتها ويلمس بنايتها، يجد التاريخ هواءً يُتَنفَّس في أرجائها، يجد “سام بن نوح” منقوشاً على كل حجر، يجد العمارة رسماً مُبهِراً لأول ما شُيِّد على كوكب الأرض منذ الطوفان.

وأنتَ تمُرُّ في أزقتها، يهمس لك الزمان أنّ الله بدأ برفع السماء من هنا،…

أُجريت صباح اليوم عمليةٌ جراحيةٌ دقيقة للفنان الشاعر خوشناف سليمان، في أحد مشافي هيرنه في ألمانيا، وذلك استكمالًا لمتابعاتٍ طبيةٍ أعقبت عمليةَ قلبٍ مفتوح أُجريت له قبل أشهر.

وقد تكللت العمليةُ بالنجاح، ولله الحمد.

حمدا لله على سلامتك أبا راوند العزيز

متمنّين لك تمام العافية وعودةً قريبةً إلى الحياة والإبداع.

المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في…

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…