سينما عامودا معبدُ العظماءِ

نارين عمر
narinomer76@gmail.com

عامودا هذه البلدة الصّغيرة بمساحتها وربّما القليلة بعدد سكّانها بالمقارنةِ مع باقي المدن والبلدات هي كبيرة بأهلها وسكّانها, عظيمة بعطائها الذي يوازي عطاء المدن الكبيرة والسّخيّة.
إذا أردنا أن نتعرّف على دلالةِ العلم والأدبِ الكرديّين, تكون عامودا المثال الأبرز. إذا أردنا سبرَ أغوار النّضال الكرديّ, تتصدّرُ عامودا قائمة المناضلين. إذا طمحنا إلى التّنزّه في رياض الطّربِ والغناء تكون عامودا المعزوفة التي تطربُ النّفسَ وتنعشُ الألباب. وإذا رغبنا التّعّمّدَ في ملذات العشقِ والودادِ, تنادي عامودا:

هاكم حضني ففيه تنعمون بأسمى معاني العشق ومناسك المحبّة.
أرادت نيران سينما عامودا التهامَ أطفالَها لتلتهمَ معهم كلّ الدّلالات والمعاني التي ذكرناها آنفاً, لكنّها أخطأتِ التّقدير, وفقدتِ التّدبير حين تحوّل لهيبها إلى إشعاعاتِ نورٍ ألهمتْ أهلها المزيدَ من الصّبرِ والأناةِ, ونقشتْ على صدورهم قصائدَ عشقٍ للحياة وتمسّكٍ بالوجود.
النّيران أخطأتِ التّقدير لأنّها لم تتوقّع أن تصبحَ أجسادُ مَنْ رحلوا إلى منابرَ تهتفُ منها حناجر الأجيال أناشيد العشق والخلودِ الدّنيويّ, وأن يتحّول مَنْ صارعَ الّلهيبَ, وعاشَ من الأطفالِ إلى نباتاتٍ دائمة الخضرةِ والنّضوج تجعلُ الفصول الأربعة مثمرة, مزهرة في كلّ زمان ومكان.
 النّار التي ظنّتْ أنّها غدرت بجسدِ محمد سعيد دقوري لم تكن تدري أنّ الرّوح التي تسّللتْ من الجسدِ تحوّلت إلى آيةٍ من آياتِ الإباءِ الكرديّ, وإلى ملحمةِ عشقٍ تتغنّى بها نساء الكردِ وفتياتها ما دام الكرد, بعدما صار هو ذاته الفارس الذي تحلمُ به الفتاة الكرديّة في حلمها ويقظتها.
سينما عامودا في البال والقلب والوجدان لأنّها حوّلتْ أهلها وسكّانها إلى شعراء ومغنين أجمعوا معاً على  نظمِ أغنيةٍ عذبة الألحان, رقيقة الكلمات, وقويّة الّلحن والإيقاع اسمها: (عامودا) و…… (عامودا باڤي محمد) يتغنّون بها في كلّ حينٍ وآن.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…

عبدالجابر حبيب

 

يا صديقي

بتفصيلٍ ثقيلٍ

شرحتُ لكَ معنى الأزقّةِ،

وكيفَ سرقتْ منّي الرِّياحُ وجهَ بيتِنا الصغيرِ،

لم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للسّماءِ

كيفَ ضاعتْ خطواتي بينَ شوارعَ غريبةٍ،

ولم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للظِّلالِ

كيفَ تاهتْ ألوانُ المساءِ في عينيَّ،

كان يكفي أن أتركَ للرِّيحِ

منفذاً خفيّاً بينَ ضلوعي،

أو نافذةً مفتوحةً في قلبي،

فهي وحدَها تعرفُ

من أينَ يأتي نسيمُ الحنينِ.

كلُّ ضوءٍ يُذكِّرُني ببيتِنا…

غريب ملا زلال

يتميز عدنان عبدالقادر الرسام بغزارة انتاجه، ويركز في اعماله على الانسان البسيط المحب للحياة. يغرق في الواقعية، يقرأ تعويذة الطريق، ويلون لحظاتها، وهذا ما يجعل الخصوصية تتدافع في عالمه المفتوح.

عدنان عبدالقادر: امازون الانتاج

للوهلة الاولى قد نعتقد بان عدنان عبدالقادر (1971) هو ابن الفنان عبدالقادر الرسام…