الكتابة كنص، بصرف النظر عن طبيعته وموضوعه، يحتمل الصدق والكذب، وهي مسؤولية تقع على عاتق كاتبه سواء في ماهية المحتوى والمعلومة أو في ماهية الأهداف والغايات وما بين الأسطر. والمصيبة التي نواجهها هي بروز فئة قليلة من الكتبة، أحياناً تأخذ شكل عصابة، تقوم بين حين وأخر بنشر مقالات على صفحات الانترنت مستخدمة طرق بوليسية، إذ نواجه نصاً موقعاً عليه اسم مستعار أو أن محرر النص يستعمل اسماً لشخصية حقيقية نال شرف العضوية في هذه العصابة يعمل كمشعوذ يسعى لكسب الفتات هنا وهناك، علماً أنه يعلم جيداً مدى خطورة الاسم المستعار كسلاح وقناع بآن واحد، إلا أن قيّمه المبتذلة تدفعه إلى الكتابة بهذا الدرك الأسفل من الأخلاق، فيلجأ إلى استخدام طريقة غير شرعية في عرض قضية مفتعلة أصلاً بهدف الإساءة إلى الأخر من جانب وتضخيم ذاته القزمة من جانب أخر، علماً أن هذا الرجل سبق له أن سلك هذا المنحى في محاولات يائسة أخرى وسرعان ما تكشف أمره وثبت عليه بالدليل القاطع. بمحاولته هذه يطرح مسألة تبدو للقارئ أنها منطقية في ظاهرها إلا أنها مبنية على الضلال والأكاذيب لتحقيق مآرب شخصية غالباً ما تكون غير شريفة يهدف من وراءها لفت الأنظار إلى أمر يهمه: إما جمع المال أوتحقيق الشهرة. ولو عدنا إلى هذه النصوص المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، نجد أن غالبيتها تتوخى إما المديح بتعظيم القزم، شاعراً أو كاتباً أو سياسياً، أو مهاجمة كاتباً أخر تحت عنوان النقد أو الرد على نص ما، يهدف إلى الإساءة إلى شخصية أدبية أو سياسية تعود عليه بالنفع لأنه يعمل لصالح جهة معينة يخوض صراعاً أزلياً مع خصومه في المجال السياسي.
بعيداً عن الكتابات المبتذلة التي تُنشر باسم النقد والتي نوّهنا عنها في الفقرة أعلاه، ثمة ملاحظة تسترعي الانتباه إذ نجد أن النقد بنوعيه: البنّاء والهدّام يُنشر في الصحافة الانترنيتية التي لا تتردد في نشر النقد الرديء والهابط جنباً إلى جنب النقد السليم والمفيد، وخاصةً في الحالة الكوردية إذ نجد أنّ كلّ من تعلم شيئاً من المبادئ الأولية للكتابة تراه على استعداد تام أن يفرغ ما لديه من شحنات الحقد والكراهية على الغير لآسباب تتعلق بطبيعته السايكولوجية وعقده النفسية والاجتماعية ونوازعه الداخلية المريضة، أو أنه ينطلق باسم النقد من قاعدة (خالف تعرف) واهماً أن طريقته هذه ربما ستحقق له شهرة في وسطه الاجتماعي المتخلف أصلاً، مرد ذلك إلى النظرة القاصرة للكاتب الذي لا يهمه من القضية الاساسية سوى الإنتقام الشخصي أو بناء علاقات معينة من خلال موقفه المدافع عن شخص له مصلحة معينة معه، أو عضو من كتلته، وموقفه المهاجم على طرف أخر يعلم حقيقتهم ويختلف معهم في الرؤية والرأي، لأن هذا الأول في الأساس لا يملك إحساساً بمسؤولية الكتابة ولا يدري شيئاً بأهدافها السامية سوى الهرطقة التي تثيرها ذهنيته وتصوراته المرضية، وتدفعه مآرب خاصة غالباً ما تكون غير شريفة.
في الختام، رُبّ سائلاً يود عرض تفاصيل المسألة، لكنني لا أحبّذ أن أضع النقاط على الحروف وأكشف عن خيوط المسألة، لأن التحديد يشمل أكثر من كاتب إذا أعتبرناهم كُتاباً حقاً، إن لم يكونوا متسللين في المشهد الثقافي الكوردي. فالثقافة بحد ذاتها سلوك حياتي مهذب وحضاري قبل أن تكون كتابة نص. أكتفي بهذا، آملاً أن يغيّر ويبدّل الزمن في سلوكهم إلى مستوى صفات الانسان المهذب ومزايا المثقف الحقيقي، نعلو بهم ويرتقي بهم المجتمع والأمة معاً. معذرةً . . . إن كنت قاسياً في خطابي هذا.