الــفـراق

م : عبداللطيف سليمان

ودعتك ثانيةً و الجراح تفتقت
و الكروب تدفقت أرتالاً وأطباقُ
حان الرحيل و الأمان يتكسر
و الصبر مكلومٌ و الأسى صفّاقُ
عهدي خدودٌ في حُمرةٍ ترتعشُ

و كأس الفراق في غيّّه دهّاقُ
  ضممتها و رشفت خَمرة ريقها
في نشوةٍ ذبتُ و حضنها تواقُ
طالت حتى خلتُ ليست بمنقضٍ
جسداً صرنا فلا انفصامَ و لا فراقُ
اعتيادي على فراقك مرٌّ  بل محالُ
و مثولي بين يديك حُرقةٌ و إرهاقُ
سلواي أني بالأحرام سوف أُدَثَرُ
و أدعيةٌ لأوجاعي بلسمٌ و ترياقُ
هجرتك مناي لا هرباً من الهوى
فالجرحُ تقيَّحَ وتكالب الفُسّاقُ
و لي فؤادٌ إن كثرت عذاباته
تثور مُهجتهُ فينفصم الوثاقُ
ما أجمل الدجلة للكِيلٍ ينثني
و أعتى الصخور بسيره تُساقُ
أملي ربيعٌ كم رمتُ قُدومه
رانه الأنا أسفي و كثُرَ النفاقُ
حبيبتي إن رحلت عنك جسداً
فروحي فيك يُزهَقُ و دمي يُراقُ
لا ليلي ليلٌ و لا نهاري نهارٌ
و الدمع مسفوحٌ و في الأهداب حرّاقُ
ليت ما بيننا من عهودٍ وجبت
صيغت أفعالاً لا حشت بها أوراقُ
ألا يا مجاميعَ كيفما تقاطرتْ
الحقَّ ترنونَ أم جُبّلت أذواقُ ؟
الربيع خضارٌ و نسيمٌ و صواعقُ
طوبى لمن احتسبَ و للخيرِ سبّاقُ
حبيتي أهفو لا زُلفى و لا ملقا
إلى دفيء أحضانك كم أنا أشتاقُ
أطرق حبي إذْ ملّني الإطراقُ
أبكي و أنوحُ إذْ جفّتِ الأحداقُ
قولي ما شئتِ فكلي عناقٌ
وعذاب الحبِ شرعةٌ و ميثاقُ

       مكة /25/2/1433/  — /19/1/2012

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…

فراس حج محمد| فلسطين

المقدمة

تُمثّل رواية “ميثاق النساء” للروائية والشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الآداب عام 2023، إضافة نوعية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. لقد نجحت الكاتبة في تقديم عمل أدبي عميق يتجاوز كونه سرداً فنياً ليلامس قضايا اجتماعية ونفسية حساسة، خاصة في مجتمع يتسم بالخصوصية والانغلاق مثل المجتمع الدرزي في…

فواز عبدي

إلى أخي آزاد؛ سيد العبث الجميل

في مدينة قامشلو، تلك المدينة التي يحل فيها الغبار ضيفاً دائم الإقامة، وحيث الحمير تعرف مواعيد الصلاة أكثر من بعض البشر، وبدأت الهواتف المحمولة بالزحف إلى المدينة، بعد أن كانت تُعامل ككائنات فضائية تحتاج إلى تأشيرة دخول، قرر آزاد، المعروف بين أصدقائه بالمزاج الشقي، أن يعبث قليلاً ويترك بصمة…