يحدث في الظلام ..؟!

داريوس داري
Daryos55@nefel.com

دعونا نعترف – ولو ضمنا – بأننا عاجزون عن توحيد خطابنا الإعلامي لما فيه مصلحة شعبنا ومجتمعنا . بعيدا عن كل الشعارات الترويجية التي لا تسمن ولا تغني من جوع . لقد حان الوقت لينتهي زمن النرجسية .
ليبقى لنا زمن مشرق
 الزمن الذي يجسد حقيقة الأعلام الحر في ضوء .. فقط ..؟

في الظلام كل الكائنات سواء. . لا فرق بين ابن أدم وابن أوى ..
في الظلام لا فرق بين عيون اللواحظ وعيون الجواحظ .  
في الظلام لا فرق بين وجه ضامر بالتراكم ا لعقود , أو وجه محتقن بالغدر والخيانة
لا فرق بين وجه يشع منه النبل والترف , ووجه جائع مرتعش ..
في الظلام لا فرق بين وجه على ملامحه قسوة مخلدة , ووجه يشع منها  نور.
في الظلام كل الوجوه تتشابه : المجروح والجارح , الغدار والمسالم ,المؤمن  والكافر, الطاعن والمطعون, الرعديد الخائف المرتعش , والصنديد الشجاع المقدام..
في الظلام لا فرق بين الأبيض المطلي بالسواد والأسود المطلي بلون الدم  ..
في الظلام لا فرق بين  الشرير القاتل , والضعيف المقتول .. و الجبان الذي يختبئ خلف ظله , والشجاع الذي لا يهاب التنين المفزع ..
 في الظلام كل الاكف مرتفعة ومستعدة لإطلاق الصفعات أوصد الصفعات الآتية من المارد القادم من وراء المحيط .
في الظلام كل الأذرع تتعارك دون هزيمة , أو بنصر دون غالب  ومغلوب .
في الظلام الحالك لا تتصافح الأيدي , ولا تمتد لمبادرة بالسلام ولا تنتظر سلاما ,  إنما الخوف كله من الشبح القادم من جهات الأربعة .
في الظلام الدامس ,لا تتلاقى القلوب الدافئة مع القلوب الباردة .
في الظلام صرخة جريح لا يعرف القمر,إنما  كفيلة بأن تشعل قتالا ضاريا بين كلاب جائعة و ابن أوى .
في الظلام لا فضل لقوي على ضعيف , إلا بما يمتلك من مساحة يحشر فيها جمجمته , أو مساحة صغيرة يغرس فيها أصابع قدميه .
في الظلام حتى أصحاب البصيرة النيرة الذين يخشون دهس الضعفاء يتجنبون الحراك , أو الدفاع عن أحد غير أنفسهم , إذ هم على يقين بان أقدام الغول ستدهسهم إن لم يبادروا ببترها ودفنها تحت الأرض ولكي لا تنبت في عصور قادمة ليضعوا فوقها قليلا من اليورانيوم  ليضمنوا ولو بشكل وهمي بأنه لا ينبت قطعا  .
في الظلام السواد ملتف حول أعناق البشر, وسيول كاثرينا وتسونا مي قادمة إلينا لا محال  .
 في الظلام لا أحد يفكر ابعد من انفه, ولا أحد يدافع ابعد من ظله .
في الظلام حتى القمر تخاف البشر بان  يتهموها بالإرهاب .
في الظلام إما أن تكون قويا شجاعا وتقتل, أو ضعيفا جبانا تدهس.
 ولا خيار ثالث إذ لا تتعدد الخيارات إلا في النور .
وفي ضوء الشمس تخاف العيون من العيون , وتكثر التحيات وتزداد الابتسامات و                الشعارات الطنانة ومسح الجوخ , وتقبيل اللحى .  فالضوء وحده كفيل بحماية الضعفاء من التزلج على الهواء  .
في الضوء يلدغ المؤمن ألف مرا , أم الحمار فلا يلدغ سوى مرا .
في الضوء المجانين فقط يميزون , الخيط الأبيض من  الخيط الأسود , والألوان القوس والقزح .
في الضوء لا يكفينا ألف شعاع , ليقضي على الظلام الذي يخيم علينا  ..؟!  
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…