الرواية والحياة

  دلاور زنكي

الرواية والحياة كلمتان فيهما معاني العذوبة والطلاوة. وتتأتى عذوبة الرواية من أنها أو بالأحرى قراءتها جزء من حياة الإنسان. أو أنها تمنح الحياة النكهة والطعم والرفاهية والحبور فتجعلها أكثر رونقاً ولذةً. ولكل رواية عالم خاص وما مفتاح دخولها إلا القراءة، فإذا قرأها القارئون ولجوا عالمها فشاهدوا ما في أرجاء هذا العالم من عجائب وغرائب، ورأوا ما لم يروا وسمعوا ما لم تسمع به آذانهم من ذي قبل. والروايات إنما تكون أنماطاً وأصنافاً.. كالرواية التاريخية، أو الخيالية.. والرواية الغرامية أو كالرواية التي تعالج أمور الجاسوسية أو أحداثا شخصية. وكثيراً ما نقرأ روايات مدهشة. تشدنا إليها وتقسرنا على متابعة القراءة حتى الخاتمة، أو نقرأ روايات اجتماعية تضعنا أمام فيض من الأسئلة والاستفسارات وترغمنا على التفكير، أو روايات في الفلسفة تشحذ الأذهان، وروايات عن العالم وأحواله وأحلامه وتمنيات الناس ورغائبهم.
وللرواية لغتها الخاصة.. اللغة الأدبية.. إنها تحرك في أحاسيسنا وتوزع في مهجنا النشوة والمسرة.. حيث تكون هذه اللغة جسداً وروحاً ولا نشك أن لغة الرواية هي التي تجلب لللغة ثراءها وبلاغتها، ونعني بها اللغة الأدبية.
وقراءة الرواية سبيل طويل ورحلة بعيدة، أي أن المرء يسافر في الرواية عند قراءتها في عالم جديد حيث يرى ويجد أشياء لا تعد ولا تحصى يتعلم منها. وقد نطالع صفحات رواية خيالية فنثمل بها وتنتشي أرواحنا الظامئة وترتوي. لنفترض أو نقل جدلاً: إن حدثاً شديد الغرابة جرى في رقعة من الأرض وإن كاتباً من كتاب الرواية يرغب في التحدث عن ذلك الحدث الغريب وسوف يكون حديثه شائقاً وممتعاً لأن الحدث في ذاته ممتع وشائق ولكن هذا الروائي يستطيع أن يؤدي هذه الوظيفة بأسلوبه الخاص وطريقته التي تعتمد على التخيل وعندئذ ستكون الرواية أكثر إمتاعاً وتشويقاً وجاذبية.

وعلى صعيد الرواية توجد رواياتٌ محكمة السبك متينة البناء عن ثورة من الثورات اذا استرسلت في قراءتها حسبت نفسك أحد رجالها وأن الثوار هم رفاقك في حركاتهم وسكناتهم، غدوّهم و رواحهم. تتألم لألمهم وترتاح لفرحهم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…

ميران أحمد

أصدرت دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع مؤخراً المجموعة الشعرية الأولى، للشاعر الإيزيدي سرمد سليم، التي حملت عنوان: «ملاحظات من الصفحة 28»، وجاءت في 88 صفحة من القطع المتوسط.

تأتي هذه المجموعة بوصفها التجربة الأولى للشاعر، لتفتح باباً على صوت جديد من شنكال، يكتب من هوامش الألم والذاكرة الممزقة، بلغة جريئة تشبه اعترافاً مفتوحاً على الحياة…

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…