نبذة من مقدمة كتاب (مملكة ميديا):
كتابة التاريخ شيء، وقراءة التاريخ شيء آخر، مهمّة كاتب التاريخ هي رصد الأحداث، وتسجيلها وتوثيقها، والمفترض أن يكون التسجيل دقيقاً والتوثيق أميناً. أما قارئ التاريخ فمهمّته العودةُ إلى ما كتبه المؤرخون، وقراءتُه قراءة متفحّصة ودقيقة وعميقة وشاملة، ورصدُ الأحداث، وتمييزُ ما هو واقعي مما هو خرافي، وتصنيفُها، ومقارنتُها، وتحليلُها، واستكشافُ ما بين الأحداث من ترابطات وعلاقات بنيوية، والبحثُ عن الدوافع والعوامل، وتأكيدُ ما يستحق التأكيد، وترجيحُ ما يستحق الترجيح، واستبعادُ ما لا يقبله منطق العقل، وما يتعارض مع حقائق الواقع.
وكاتب التاريخ وقارئ التاريخ أحد رجلين:
* إما أنه ينطلق في كتابته وقراءته من رؤية أيديولوجية معيّنة ( قبَلية، قومية، دينية، مذهبية، سياسية، إلخ )، فيحرص في كل حركة وسَكَنة على إبراز ما يتوافق مع خطه الأيديولوجي، وتغييب كل ما لا يتوافق معه.
* وإما أن ينطلق في قراءته من رؤية معرفية موضوعية نقية ونبيلة، ويكون هدفه الأساسي خدمة التراث البشري والثقافة الإنسانية عامة، فيحرص على تقديم الحقائق كما هي، من غير تحريف ولا تزييف، ومن غير تفخيم ولا تقزيم.
والحقيقة أنني في هذا الكتاب قارئ للتاريخ، وباحث عن المعلومات، وساعٍ إلى معرفة الحقائق كما هي، وصحيح أن قراءتي تنصبّ في الدرجة الأولى على تاريخ الكرد في غربي آسيا، لكن حرصت جَهدي على ألاّ أقع في فخّ (النرجسية القومية)، ولا أفسّر تاريخ هذه المنطقة كردياً، ولا أصرف النظر عن التلاحم الوثيق بين تاريخ الكرد وتواريخ الشعوب الأخرى في المنطقة، كما أنه لم يكن في نيّتي قطّ- ولن يكون- أن أجعل الكرد محور حركة التاريخ في المنطقة، وأضع الأكّاديين والبابليين والآشوريين والسريان والفرس والعرب والأرمن والترك على الهامش.
وقد توجّه اهتمامي في هذا الكتاب إلى الميديين، لأنهم أحد الفروع الكبيرة التي تشكّل منها الشعب الكردي بتكوينه القومي والثقافي، وهذه حقيقة تاريخية اتفق عليها معظم المؤرخين المهتمين بتاريخ غربي آسيا. وصحيح أن فترة الحكم الميدي كانت أقصر من فترة حكم الفروع الأخرى من أسلاف الكرد (لوللو، گوتي، كاشّو، سوبارتو، مِيتّاني، مانناي، خَلْدي)، لكن أهمية مملكة ميديا ناجمة عن أهمية الدور الذي قامت به في توحيد الجغرافيا الكردستانية، وأيضاً في تحقيق تجانس كبير على صعيد الثقافة.
وفي التاريخ الميدي انصبّ اهتمامي على ملوك ميديا ورجالاتها الآخرين، وقد قدّمتهم بحسب ترتيب وَفَياتهم، وصحيح أن صناعة أحداث التاريخ لا تقتصر على طبقة النخبة (ملوك، أمراء، قُوّاد، زعماء)، لكن الحقيقة أن النخبة في كل عصر هم قادة الشعوب في دروب التاريخ، ولا سيّما في العصور القديمة، وغالباً ما تكون الأحداث الكبرى من صنعهم، حينما يرتقون إلى مستوى التعبير الدقيق عن الجماهير، وعن الأهداف الوطنية والقومية.
د. أحمد محمود الخليل
* وإما أن ينطلق في قراءته من رؤية معرفية موضوعية نقية ونبيلة، ويكون هدفه الأساسي خدمة التراث البشري والثقافة الإنسانية عامة، فيحرص على تقديم الحقائق كما هي، من غير تحريف ولا تزييف، ومن غير تفخيم ولا تقزيم.
والحقيقة أنني في هذا الكتاب قارئ للتاريخ، وباحث عن المعلومات، وساعٍ إلى معرفة الحقائق كما هي، وصحيح أن قراءتي تنصبّ في الدرجة الأولى على تاريخ الكرد في غربي آسيا، لكن حرصت جَهدي على ألاّ أقع في فخّ (النرجسية القومية)، ولا أفسّر تاريخ هذه المنطقة كردياً، ولا أصرف النظر عن التلاحم الوثيق بين تاريخ الكرد وتواريخ الشعوب الأخرى في المنطقة، كما أنه لم يكن في نيّتي قطّ- ولن يكون- أن أجعل الكرد محور حركة التاريخ في المنطقة، وأضع الأكّاديين والبابليين والآشوريين والسريان والفرس والعرب والأرمن والترك على الهامش.
وقد توجّه اهتمامي في هذا الكتاب إلى الميديين، لأنهم أحد الفروع الكبيرة التي تشكّل منها الشعب الكردي بتكوينه القومي والثقافي، وهذه حقيقة تاريخية اتفق عليها معظم المؤرخين المهتمين بتاريخ غربي آسيا. وصحيح أن فترة الحكم الميدي كانت أقصر من فترة حكم الفروع الأخرى من أسلاف الكرد (لوللو، گوتي، كاشّو، سوبارتو، مِيتّاني، مانناي، خَلْدي)، لكن أهمية مملكة ميديا ناجمة عن أهمية الدور الذي قامت به في توحيد الجغرافيا الكردستانية، وأيضاً في تحقيق تجانس كبير على صعيد الثقافة.
وفي التاريخ الميدي انصبّ اهتمامي على ملوك ميديا ورجالاتها الآخرين، وقد قدّمتهم بحسب ترتيب وَفَياتهم، وصحيح أن صناعة أحداث التاريخ لا تقتصر على طبقة النخبة (ملوك، أمراء، قُوّاد، زعماء)، لكن الحقيقة أن النخبة في كل عصر هم قادة الشعوب في دروب التاريخ، ولا سيّما في العصور القديمة، وغالباً ما تكون الأحداث الكبرى من صنعهم، حينما يرتقون إلى مستوى التعبير الدقيق عن الجماهير، وعن الأهداف الوطنية والقومية.
د. أحمد محمود الخليل