الحلم الموءود الدكتور شيرزاد

د. آلان كيكاني

صبيحة العاشر من شباط 
كان ثمة مرضى ينتظرون شيرزاد
يأملون مجيئه ومعه العافية والشفاء .
إنها التاسعة صباحاً 
آنَ يدخل عليهم شيرزاد

ويلقي التحية والسلام
ويُدخِل الطمأنينة إلى قلوبهم الكسيرة من وطء العلل والسقام  
آنَ يلج الباب ويمد يده إلى أجسادهم ليدع فيها إكسير الحياة فتبرأ
ويضع سماعته على قلوبهم فيضخ فيها الدفء والأمل .
ولكنه ………….
لم يأت .
  *         *        *
على شرفة منزلٍ
فتاة تنظر بعيداً بعيداً  
متبرجة تنتظر حلماً أوشك أن يتحقق
فالربيع على الأبوب
ودنت ساعة الأقحوان أن يعبق
وأزف موعد النرجس أن يتفتق
وآن يوم الطيور أن تبني أعشاشها
وحان وقت شيرزاد أن يطل في آخر الشارع
يحمل في يده باقة ورود حمراء
يسعف قلب الفتاة بعيد القديس فالانتاين .
ولكنه …….
لم يأت .
    *        *       *
في البيت أم
غسلت ملابس ابنها وكوتها
ورتبت غرفته ونسقت كتبه
وجهزت له العشاء
ووضعت إبريق الشاي على النار
وأدارت التلفاز على قناته المفضلة
وجلست تنتظر
وتنتظر .
ولكن شيرزاد ….
لم يأت .
*       *       *
في علمدار
شيرزاد مسجى في دمائه
ذبلت مآقيه
وغاب نبض قلبه
في جيبه قلم .
وعلى عاتقه سماعة طبية .
وإلى جانبه
أم ثكلى تنوح
وأخت تولول
وخالة تنتحب
وأب يبكي
والناس في ذهول
يا لهول الفاجعة !
يا علم
ويا دار
يا علمدار !
*       *       *
وعلى الدِمَنِ
شبيحةٌ  يستطعمون .
خنافسٌ تفتش عن روث
زيزان وجعلان ينثرها جسم النظام النتن
أقمال وبراغيث تبحث عن قطرة دم .
قطط تنبش الركام تبحث عن موطئ قدم
أرذال يسترزقون بحرق أكباد الأمهات
*       *       *
شيرزاد
شمعة في حلكة الظلام وطأ عليها حافر ثور بليد
شيرزاد

حلم وُئِد على أعتاب تحققه .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…