السؤال الأول : أنكم غني عن التعريف ولكن الدافع الصحفي يشدّني أن أسألك من هو وليد كري وكيف نمى وماذا نطق وهل بلّغ الرسالة ؟
صديقي د . ياسين ..ولن أجاوبك بأنني وليد عبد القادر كري من ديركا حمكو ، أب لأربعة أولاد وخريج قسم الجغرافية من جامعة دمشق سنة 1979 .. الخ .. فقط سأذكربأنه الذي هو أنا عينه ذاك الطفل الذي فكّ الحرف في كتاتيب ـ ديركا حمكو ـ وبلولحة عصا ـ ملا محمدي خليفة ـ رحمه الله .. عينه ـ علو ـ الذي رافق ـ درو ـ لابل تجسّد إن لم يكن قد توحّد بوعي ولا وعي أيضا في كثير من منمنماته .. عينه ذاك التائه الذي صارت به دروب الواقعيّة في اللاوعي .. أي لحظة فقدان الوعي إن لظرف مرضيّ ، وهذا المرض قد يكون في تفسيره عضويّا أو نفسيا ، أو حتّى وضعية قمعيّة مثلا .. نعم !! أنا هو ـ علو ـ الذي جادل ـ آطاش ـ في تيه جنونه ، لابل استفزّه ويستفزّه لا كصبية ديريك وترنيماتهم بحق ـ درو ـ أو ـ قمو ـ المسكينة ، وإنما ليفرغ ما يختزنه في ذاكرته .. نفسه ـ علو ـ الشاهد الحيّ على مأساة ـ قمو ـ .. لابل مأساة كردستان الوطن بشعبها .. نعم نعم .. هي عينها مأساة ـ قمو ـ وعبث الجندرمة بجسدها الطاهر ، كما سكاكين الزاحفين على أرضها .. جسدها فتشطرها كأيّة فاكهة أربعا في أربع .. هو عينه ـ علو ـ الذي كثرت تأمّلاته كما حسراته مجرّد اقتعاده التلة في عين ديوار وهو يتأمّل نهر دجلة وخطّ الحدود الواهي / التائه المصطنع فيحلم ويحلم .. نعم يحلم ـ وأتمنى أن تقصف الثورة السورية عمر مانعي الحلم ، ولكنه خوفي أن يخطفها دعاة المواطنة المبسترة ـ فيضجّ بصراخ مقموع مكبوت لم يتجاوز حينها حتى حنجرته .. ترى هل سيأتي يوم ما ، ويستطيع التدحرج وهذه التلة فيصل هناك ، على مبعدة أمتار قليلة حيث بوطان دار عمّه ، ويلفّ بدوراته المعتادة حول مرقد ـ مم وزين ـ ويكمّلها بطواف قبر ـ بكو ـ ثلاثا في ثلاث ، وشكوه من بأس ما خلّف .. نعم .. صديقي العزيز ..هو ـ علو ـ بذاته الذي صرخ ومازال يصرخ … / .. هو عبق التاريخ وولاء آطاش لأميره الأزلي .. حكاية أرض وشعب .. بستان كما بيت وقد تشطّر ، لابل شطّروه وبات لدجلة ضفتين وقد .. ذقناه طعم الضفتين ، وما فعلتاه على مرّ السنين .. / .. نعم د . ياسين .. هذا هو ـ علو ـ أعني وليد التائه حتى بسنة مولده ، وإن كان يومه مؤكّد في يوم عرس المناضل الراحل ـ كنعان عكيد ـ و ـ روزا بر بيدي يي ـ وهذا موثق مائة بالمائة .. وأنا عينه ذلك المشاغب الذي ـ ياما ـ ضغط وأحرج الأمهات والجدّات وروايات القص الشعبي .. عشت في الأسطورة ومع الأسطورة وتنسّمت عبق التاريخ والوجدان والعشق ، شربت ماءا زلالا ، وكان أملي دائما هي تلك القطرة من ماء الحياة المتدفّق أزلا خلف ذلك الجبل الأشمّ وقد ضجّت الأمهات كما الجدّات من كثرة لجاجتي وإلحاحي عليهن في تكرار قصصهن .. هكذا نشأت ووعيت وأختزنت كما تفاعلت قدر استطاعتي مع عبق التاريخ ونشيج ـ ميثولوجيا ـ أرض المعارض ـ ميزوبوتاميا ـ الخالدة .. اما هل بلغت الرسالة ؟ فبكلّ تواضع أقول .. وهل بدأت حتى أكون قد أديت الرسالة ؟؟ .. نعم أقرّ وملء فمي بأنني مازلت أحفر في الحروف متعلما ، وأنسخ من بعضها عباراتا ، متأمّلا أن تسعى لإلقاء بعض من الضوء على حقيقة أرض وشعب جزّء ـ بضمّ الجيم وكسر الزين ـ بأسلاك شائكة فبات الوطن أوطانا !! …. والأسرة أسرا ، وما مضى جيلين ، لابل مازال بعض من الجيل الأوّل حيّ يرزق ، وهو ـ الجيل الأول ـ يحفر بمعول صلد ، حتّى لاينسى الأخوة أولاد بعضهم البعض .. وبالمختصر : عشقت الميثولوجيا والقص الشعبي ، لذا يندر أن تخلو منها ما أسطره ، وقد ساعدني عشقي للتاريخ وبالتالي سعيّ الحثيث لها وقراءتها وبالتالي اسقاطها على واقع شعبي كما وطني المجزأ ـ مع اعتذاري من حالة الزكام التي قد تصيب الذين لديهم حساسية مرضيّة إن من الجغرافية أو التاريخ الكردستانيتين !! ـ .. عاشق متيّم للميثولوجيا والتاريخ ما زلت …. هذا هو أنا وليد عبدالقادر كري التائه أبدا في ثنايا وبين صفحات التاريخ الضاجّ بإرثه وكنوزه ..
السؤال الثاني : … لنبدا بالحديث عن جديدك الأدبي .. هل هناك أعمال روائية جديدة لك قيد الطبع ؟ او النشر خاصة أننا سمعنا بأنك انتهيت من كتابة ثلاثة روايات .. / كاساني .. وملحمة درو ديني وليلاني / و / في التيه ومأساة قمو ديني / و / في دوّامة آطاش والجنون / ..
نعم لقد انتهيت من كتابة الروايات الثلاث التي ذكرتها أنت في سؤالك والتي أسميّها ـ بكلّ تواضع ـ بثلاثية التيه والجنون … / .. نعم ثلاثيّة الجنون المتلاحق أو المرتبط كلاّ في ثلاث .. بدأت ب ـ درو دينو ـ وعبرت تحاكي سيرة ـ قمو ديني ـ في تيهها ومأساتها ، وشاغبت آطاش في محنته .. / .. والأجزاء الثلاث جاهزة للطبع وقد عرضت عليّ مؤسسة أماراتية طبعها ونشرها ولأسباب محدّدة رفضّت العرض ، وأسعى جاهدا لنشرها بجهود خاصّة وقد تكفل أخي د . فرهاد حاج عبدالقادر مشكورا بطبعها على نفقته الخاصة ، كما وقد عرض عليّ وبمعرفة الفنان التشكيلي وليد توفيق بإحالة جزء من محنة ـ قمو ـ الى فيلم تلفزيوني يحاكي واقع الجزيرة العربية بعد تحوير الدراما ، وكان ذلك يعني بالتأكيد تغيير الواقع كما الأسماء وبالتالي لتبدو كقصّة اجتماعيّة محضة ، فرفضّت ذلك بشدّة ، على كل حال الى الآن ساهمم الصديق وليد توفيق بتصميم الأغلفة مما يحاكي كل قسم على حدة ، ومع هذا مازلت مقتنعا بجماهيريّة الكتابة وببساطة نشرها كما وفحواها وبرأيي أن الكاتب لايقيّم بتنميقات حروفه ولا عدد كتبه ، إن كان هو بالذات لايهمه منها سوى بهرجته الشخصيّة .. ومع هذا فأنا جاد خاصة وهذه الثلاثية والطبع
السؤال الثالث : هل لك أن تخبرنا عن هذه الروايات كلّ على حدة وبشيء من الإيجاز ؟ ويلاحط في رواياتك تداخل الفلسفة مع السياسة والإجتماع والحب مع الكره ، والقسوة واللامبالاة ، مع التخطيط والنظام وتداخل الخيال مع شخصيّات حقيقيّة ومعروفة والبعض منهم مازالوا أحياءا ، ألم تكن فيها خطورة على تقبّل الكلّ هذا النمط المتداخل ؟ وألم تكن جرأة غير محسوبة المخاطر من جانبك ؟ …
بالعكس هو التحدّي عينه ، أن تواجه حيّا بحقيقته سلبا أو ايجابا وأن تغامر في إعادة تشكيل نمط حياة شخصية كانت حتى بالأمس القريب كائنا محسوسا ، فالحالة هذه ستكون مغامرا فيما إذا جافيت الحقيقة ، وهنا د . ياسين عندما يكون المرء لذاته ومن ذاته كالمرآة بداية يعكس نفسه لا كعاشق نرجسي لذاتيته المتخمة ولربما المتعفّنة ايضا ، وإلا فمهما حاول لن يكون سوى قزما ، أما أن تكون صريحا وواضحا ، صافيا وزلالا كما ـ آفا كهنيا وانكي ـ حينها من تخاطب ؟ أو تجسّد فالأمر سيّان ، ومن هنا وعلى الخلاف من سؤالك ، لابل أسئلتك المتعددة وسياق هذا السؤال والذي سأبدأ في الأجابة من نهايته .. نعم أن تتلمّح أولئك الرجال وكثيرون منهم حقيقة كانت هاماتهم كالجبال ، وأقرّها بالعشرة .. هي جرأة ، خاصّة وأنّ المتداولين منهم من هم أحياء ومنهم من لم تزل أجسادهم الطاهرة طريّة في قبورها ، وقد تناولت الجانب الإيجابي منهم ولم أغفل السلبي مطلقا خاصّة منه ما يمسّ حقيقة الأرض والوطن ومن ثمّ القضيّة .. المعيار بالنسبة لي ولجيلي كما المقياس كان هو ـ وما زال ـ البعد القومي في مرحلة تطوّر الوعي إذا ما جاز التعبير ، ومن هنا كنت وسأظلّ قاسيا بقلمي على جميع الأنماط التي تستهدف كينونتي كما وانتمائي القومي ببعده الجغرافي الصارخ صرخة أنين وآلام ضحايا ضجّت بهم الذاكرة ومع هذا أقرّ أيضا بأنّني لن أفرض عليهم ـ وأقصد الآخرين ـ سويّتي وأفكاري كما ايديولوجيّتي وبالتالي طريقتي وأسلوبي في النضال القومي التحرري ، وإن كنت مقنعا حتى الصميم بأنّ اللاعنف هو السلاح الأجدى في المقاومة ، ومن هنا فصدري كما قلمي وصفحاتي هي مفتوحة ومكشوفة تسطّران بأصابعي ما أنا مقتنع به ، كما وأقلّب صفحات من يرى فيما لخّصته من آراء قد تصل الى حدّ الإتهام أو الإفتراء .. كلّ شيء مباح ، وأية وجهة نظر كما كتابة وبشرط واحد أحد : .. شريطة أن لا تكون تلك الكتابة مدفوعة الأجر ، ونوعية الأجور أيضا تختلف ،وقد لا تكون نقودا ، ولا حتّى كوبونات نفط !! .. وهنا أيضا تكمن المعضلة .. على كل حال لنعد الى الروايات الثلاث د . ياسين حتى لا ندخل فيماهو غير مباح وبالتالي تقام علينا قيامة رئيس دائرة الرقابة المبهم وغير المعلن بعد فيحجب ما نكتبه ويرونه من دون المقام .. أجل صديقي .. هذه الروايات تضجّ بجنونها .. هي فلسفة متداخلة بعنف وأريج الحياة الإجتماعيّة مبنيّة على متناقضة أساسية .. لابل يتجسّد فيها وبصورة واضحة النقيضين بدءا من تعاليم زرادشت ، فيتجلّى ـ أهريمن ـ وهو يشاغب لابل يعبث بشروره فيفسد نفحات الخير والودّ الذي ينثره في فضاءاته ـ أهوره مزدا ـ أو ـ يزدان ـ ، لابل أنّه متوالية ـ سريلي ـ أو ـ بيزوك ـ من ـ بيّز ـ أو ـ بهيز ـ الخريف وهو مصمّم على يباسه وبالتالي طرحه وحصاده لرونق كما واخضرار ـ بوهاريان ـ الربيع ، فتجلس ـ بيرا جيّايي ـ تلك العجوز الجبلية وبيدها ـ تشي ـ فتخيط ثوبا ولربما جوربا من الصوف لوحيدها يتحدّى به الثلج ببرودته القارس ، وهي ـ العجوز ـ تدندن في سرياليّة حزينة ـ دنيايي .. دنيايي .. ـ فتتذكّر ـ أنت ـ وبلوعة ـ مريما كورا ـ الرائعة .. فتتدفق الينابيع والأنهار في سلسلة لا متناهية من ـ سر بي ها تي يي وي ـ الأحداث ، لا تلبث الدموع المنهمرة أن تنساح ، فتتشكّل سواقي وأنهارا كجدائل تلك الكوجريّة ومن بخارها يصعّد ـ ممو إله الينابيع والوديان وخازن المياه العذبة السومري ـ منهاغماما فيكثّفها غيوما تهطل أمطارا وثلوجا ، فتنمّي بطاقتها ومن جديد ، تلك الحياة الزاخرة بزهورها وورودها ، نعم .. أنه الربيع من جديد صديقي العزيز د . ياسين .. وهي متوالية الكرد منذ الأزل ، لابل أنّ الكرد هم من الشّعوب الأساسيّة وإلى الآن لاتزال طقوسهم وإرثهم بتراثهم الرائع وفولكلورهم يستند في الأساس على هذه المتوالية .. الحياة / الموت .. الربيع / الخريف .. كانعكاس مركزيّ كما وبيئي لنمط معيشتهم والتي استندت أزلا على نمطي الحياة الزراعية والرعوية ، بخاصيّتها المميّزة لتلك المجتمعات ودورات الحياة فيها .. ومن هنا كان مفهوم الخلود ، أو استمراريّة الحياة / الموت ، وجدليّة التناقض / التضاد ، هي الحاضر ، لابل المنطلق ، كما القناعة / الأساس ، الذي ـ أرتكز شخصيا ـ عليها فيما أسطره من مواضيع ، والتي ـ هذه القناعات ـ لا تزال المحرّك إن لم تكن الدينامو الذي ـ أبني ـ عليه كلّ حياتي .. / … إلاّ أنها بيئتك هذه وانت العاشق الأبديّ لهكذا واقع ؟ّ .. … تحكي !! لابل لعلّك تصنّف الأمور متفلسفا !! .. نعم !! .. والله نعم !! هي كانت بوطان .. وذاك كان آطاش وكيل الأمير الكبير ، وهي كانت الجبال والأشجار .. .. هي عشق الذات المدمجة وسط بيئة تحاكي المجموع … هي سرّ الخلود ومفهوم الخلود كما وتتالي دورات الحياة ، من موت يلي الحياة الأولى ، الى يناع شرنقة جديدة وهكذا دواليك ، حتى تفاصيل رحلة البحث عن خلود ، أو بذرة تحفظ الشباب … هي إذن في المحصّلة : عشق النهر والجبل .. الحياة والموت كما الخريف وربيعه المتجدّد باستمرار …. / أمّا الروايات فكان من المفترض أن تتسلسل زمنيّا فتبدأ من ـ في دوّامة آطاش والجنون ـ تليها ـ في التيه ومأساة قمو ديني ـ وأخيرا ـ كاساني .. وملحمة درو دينو وليلاني ـ إلاّ أنها ولأسباب نفسيّة وخاصّة تداخلت عندي ـ فتكركبت معها السلسلة ، نعم فقد هزّني على الصعيد الشخصي رحيل أخي العزيز ـ هشيار أبا ميران ـ الذي كان له قصّته أيضا مع الراحل ـ درو ـ في عرس ـ سعيدي حسو يي عبدالغني ـ ممّا شكّل الدافع في هذا الخلل الزمني .. أمّا موجز أو توجيز الروايات فهي في الحقيقة صعبة جدا عليّ ، وبقدر ما أستطيع قوله إن ـ في دوّامة آطاش والجنون ـ تعني بفضاء وزمن هلاميّ مفتوح ولكنه قوميّ وعلى صعيد كردستان ، وتعني بنواة التحرر القومي الكردي ومبادراته الأولى فتشمل انتفاضات البدرخانيين الأولى ، وسعي الأمراء الكرد للإنعتاق ، وهذا لايعني السردية التاريخيّة الصرفة مطلقا .. وكذلك متلازمة ـ سينم ـ و ـ شيبانا ـ وبالتالي الدين والقوميّة وعقدة النقص المتأصّلة لدى بعضهم .. هذا البعض الذي يتوارى ـ بالرغم من تفوّقه في مجاله ـ بالإنتماء لغيره فقط ليسوّق نفسه .. وبالتحديد ـ أرد هنا ـ على أصحاب نزعة ـ الكامل في التاريخ وأبناء الأثير الجزريون الشيبانيّون المعرّبون ، فتتداخل وتتكامل هذه المترادفة مرارا في ـ كاساني .. وملحمة درو دينو وليلاني ـ أيضا والتي لربما يتكاثف فيه الوضع الكردي والكردستاني ومرحلة خمسينيّات وستينيّات القرن الماضي، حتى افتراق الحركة الكرديّة في سورية وتوجهها يمينا ويسارا ، فاتّجهت فيها هنا الى نوع من السرديّة المباشرة أيضا ـ كمجازفة أتحمّل مسؤوليتها ـ الى أوائل عام 1970 وبالتالي المخاض والإغتراب وبمفهوم أوسع انسلاخ بعضهم حتى عن جذورهم القوميّة بحجج ومبررات متعدّدة / الشيوعيون ومبرراتهم الأممية ـ والإسلامويون ـ ، لايسع المجال لذكرها هنا ، أو شرحها ، ولكنها تجسّدت من خلال إتجاهيّ ـ خالدي إيسو مطرب ـ الجذر والأساس و ـ خالدي جارو ـ المتحوّل سلبا ، وكذلك المعلم ـ عبداللطيفي صور ـ الشيوعي و ملا ـ بابله سيسك ـ … أمّا في ـ التيه ومأساة قمو ديني ـ فهي تحديدا تلامس مرحلة إتفاقات سايكس بيكو وتجزأة كردستان ، وبالتالي نواة تبلور الثورات القومّية بمفهومها المعاصر حتى وقتنا الحاضر ، ومن هنا كانت ـ قمري ـ هي الفتاة / الوطن الجميل ، المعطاءة والمتفانية الهادئة ، والذي / التي اغتصب / اغتصبت ومن ثمّ متوالية ـ ترحو ـ ومهنته الأزليّة ـ لي كه ر ـ المعمّر أو البناء … وبتلخيص شديد ، سيلاحظ القارئ لهذه الثلاثيّة مرحلة البعد القومي الكردي ـ الخاصوي ـ وبعصارة ميثولوجيّة مستندة ـ كما أسلفت سابقا ـ على النقيضين ، حيث في ـ في التيه ومأساة قمو ديني ركّزت على عادات الدفن وحالات الحداد ، وتقصّدت التعريف أو التأسيس التاريخي من خلال اسقاطات المواقع التاريخيّة في بوطان المدينة ، كإنعكاس حتمي لحالة الحزن واللوعة على تجزأة الوطن ، أما في ـ في دوّامة آطاش والجنون ـ فقد ركّزت على بعض من مظاهر الفرح كحفلات الخطوبة والزواج ، لتتدرّج في ـ كاساني .. وملحمة درو ديني وليلاني ـ الى حالات التيه والوعي بلاوعيه المضاد
السؤال الرابع : هل لك أن تخبرنا ؟ لماذا تعمّدت أن تكون جزء من عناوين الروايات أسماء لهم بصمة في تاريخ ديريك القديم ، خاصة وأن الجيل الجديد ربما لم يعد يتذكّرهم ؟
سؤالك يتضمّن جوابه مكثّفا ، ومع هذا سأحاول أن أعالج هذا التكثيف وبطريقتي ـ بعد إذنك ـ .. هو الشعار الثايت والمعكوس .. نعم ، خذوا الحكمة من أفواه المجانين ، وأقرّ ـ بأنني ـ لربما قد عكسته الى : خذوا الجنون من أفواه العقلاء !! .. ولكنهم يبقون هم المجانين ، كما وهم جزء اساسي من فولكلور وواقع أيّ مجتمع ، أو بيئة .. قرية .. مدينة.. حتّى أن كثيرا من التجمعات تعرف بإسم مجانينها ، وثق أخي د . ياسين .. لو أنّ هذان / وأعني تحديدا ـ درو ـ و ـ آطاش ـ / كانا في غير بيئتهما لصنّفا كفلاسفة … وهما الإثنان ، كانا يملكان من البراءة الى حدّ السذاجة ،لابل الى درجة العبث والجنون ، وهنا ـ أقرّبأنني ـ خالفت المثل الكردي القائل ـ هر كه س خوه يي ديني خوه يه ـ ، عندما تمرّدت بهم من وسط المدينة .. لابل في الحقيقة كان ـ درو ـ جوهرة عمّت ـ ديركا حمكو ـ كلّها ، وآطاش افتخرت بها بيوتات بوطان وعين ديوار بجموعها … أمّا ـ قمو ـ ، فهي حديث بذي شجون .. هي المأساة .. نعم .. قصّة امرأة حقيقيّة كانت اسمها ـ قمري ـ وقد اغتصبها في الواقع ـ الجندرمة ـ الأتراك ، كما الوطن الذي أبيح واستباح .. وهي ـ قمو ـ التي احتضنتها ـ ديركا حمكو ـ بكلّ وفاء .. ومن هنا ، كان وسيظلّ ، وكحق طبيعي لهم علينا ، وكإرث توحّدنا مع جنونهم وفق الفهم ـ الغفلويّ ـ إن لمسألة الوعي أو الجنون ، فكانت الإستعانة بهم ومن ثمّ توظيف جنونهم ، لقول ما لا يمكن أن نتقوّله ، أو نتجرّأه في صحوتنا اللاصاحية أبدا ، وبالتالي صرختهم في تلك البراري والسهوب ، فتتلقّطها الجبال وهي تنثر أصداءها وبالتالي تختزنها ذاكرة تنتقل من جيل الى آخر .. نعم هم المجانين الذين تشبثوا بالمكان ، ومصرّون نحن على ألاّ ندعهم يغادروننا الزمان ، ومن هنا كانت أزمنتي متلاعبة ـ نعم أقرّ بها ـ بالرغم من توحّد الهمّ والمكان ، فكان ما كان لحظة انتزاع ـ درو ـ من ديريك الى الشام ، حيث أسلم الروح ، وآطاش بقي ك ـ خمبابا ـ ذلك ال ـ ديو ـ العنيد ، حارسا للغابة أمينا .. لالا .. للسهول والينابيع والأنهار بجبالها الشاهقة الشامخة .. نعم د . ياسين .. لقد سمعته بأذنيّ يقول .. لابل ويشهد على ذلك الشاعر الرائع الراحل حامد بدرخان في مقطع لأحدى قصائده يقول ما معناه ـ أنّهم يقضمون أرضنا مثل الفئران .. ـ .. أولاد الكلب قالها ـ آطاش ـ وهو يقصد الجنود الترك في توسعتهم الأخيرة للحدود !! .. وهي قمو ما فتأت تكره العسكر .. نعم .. هم العسكر ، وكلّما مرّ معي ، وفي أيّة زاوية ذكر أو يذكر ـ سفيان الثوري ـ ومقولته المشهورة / إذا كنتم في المسجد ونودي للصلاة ، وكان هناك شرطيّ نائم ، فلا توقظوه لئلاّ يزعج المصلّين / .. هي تلك الإبتسامة التي ترتسم على وجهي .. فهي ـ قمو ـ التي تصرخ في النساء ، الفتيات ، ما أن تلمح أحدهم بزيّ عسكري ، وتقول / .. كه جي .. فا رومي ..هاتن / ورومي هم العسكر بمفاهيم جموعنا آنذاك … ومن هنا كان إلحاحي وتمسّكي الشديد بإبقائهم في حيّز الزمان طالما المكان لا يزال يصرخ ويضجّ وبقوة انتماءهم كما عمقه وبعده …
السؤال الخامس : الم تلاحظ معي ؟ أن كتاباتك عن ديريك وسردك لمعلومات دقيقة وكانت آيلة للنسيان بحاجة الى توضيح في أسفل الصفحة لهؤلاء القراء الذين لايعرفون ديريك ؟
د . ياسين .. شيئان أقرّ بهما … كسلي التاريخيّ في إعادة ولربما ترتيب ما أدّعي كتابته وبالتالي ينقيحه ، وهذا السؤال أتعرض له باستمرار ، وحجتي الجاهزة دوما هو بأنني سأتدارك هذا الأمر في الطباعة .. نعم هناك أمور كثيرة تحتاج الى الشرح كهوامش ضروريّة ، كما تحديد المسمّيات والمواقع لأن التعريب والتتريك ـ والعفو من جديد لأصحاب السورنة والتركنة ـ قد شمل الماء والجبل ، وحتى الصخر لم ينج منها ، وأعود لأتهرّب منك أيضا فأوعدك بتجاوزها ـ إنشاءالله ـ حين الطباعة ..
السؤال السادس : لك تجربة مع الكتابة والإقامة خارج الوطن فترة من الزمن ، وخاصة عن ديريك .. يبدو أنّك تركت ديريك في صباك جسديا ، ولكنك ماتزال تحملها في كل الأوطان ، ما سرّ ذلك ؟
هيّجت مشاعري ياصديقي !! وأحسستني كم أنا في شوّق لسماع أغنيتين رائعتين .. أجل .. أجل …/ هي لا لمن غريبي .. هي لا لته غريبي .. بي طلع و نصيبي خودي نه كي كس بي خويي بي / و … / أز غريبي ولاتامه … / هي الغربة بمعاولها تحفر فتنبثق الذكريات متدفّقة كسيلان ماء الينابيع .. نعم .. وهناك مسلمة ، لابل مقولة للكاتب والناقد البلغاري الرائع ـ إيفريم كارانفيلوف ـ في كتابه ـ الجذور والعجلات ـ يقول / من لا أوّل له لا آخر له /
وهو عينه المثل الكردي القائل / يي با شي يي وي نبن بي شي يي وي زي نينن / .. نعم لقد غادرت ديريك بالفعل جسدا ، وأنا فتا يافع ، ولتوّه تخطّى الأول الثانوي ، أي منذ حوالي أربعين سنة مضت ومع هذا لا أزال أعيش لحظاتها كما وألمسها ، ونفس نبضات قلبي كما وحزني بتشنّجاتها ، دقائق كثيرة وبلحظاتها الحزينة ، ولكن !! هل يستطيع واحدنا نسيان / كاني هزيري ـ كفري حارو ـ كانيا عسكرييه ـ بخجي جرمودي ـ كانيا مالا محميدي شمي ـ بركا أجدان علي / .. أمور كثيرة تتعانق في فضاءات الوعي لابل حتى في اللاوعي أيضا !! .. وحتّى هنا .. نعم على شواطئ الخليج … أتدري د . ياسين ؟ !! .. أتأمّل الماء المتدفّق وأتنسّم فيها بعضا من أريج دجلة الممتزجة ماءها من جملة جداول وسواقي بقاع ديريك الرائعة ، فأتأمّل ، علّها بقايا زهرة أو نرجسة وقد تخطّت الأمواج فترتطم بهذه الصخور لإتنسّمها رائحة معطّرة إن لنرجس ـ باجريق ـ أو ـ بورز ـ .. هو المكان عندما يتلبّسك وتعشقه ، فتفرض ذاتيّتها بفراغاتها الممتلئة حنانا وحبّا برباط أزليّ ، فتأبى النفس السكينة حتّى وإن كنت في جنان حقيقيّة .. من هنا نرى الكثيرين يكتبون وصاياهم بأن تعاد جثامينهم الى بقاعهم إذا ما توفّوا بعيدين عنها .. وهنا يجدر بي أن أوضّح نقطة جدّ هامة وهو أن فضاء ـ ديريك ـ و ـ عين ديوار ـ و ـ بوطان ـ هي واحدة ، لابل إنّ الإثنتين هما امتداد عمقي كما وانتماء ل ـ بوطان ـ الأمارة ف … / .. هي كانت بوطان السّرد والتاريخ ، كما وهي الأسطورة المعجزة … صدّقوني !! .. هي بوطان مرتع العشق الأزلي ، ومن لا يحسّ بعنف دقّات قلبه متتاليا ، أو لا يرتهب وهو يرتجف أمام بوّابتها ، فهو حتما لايعرف للعشق معانيا … أن تقف على الشّط ، أو على تلك الرابية ، أو تخطو صوب ثقلانا … فتأكّد بأنّك ستشارك عبق التاريخ ، وتلامس ذرّات التراب والحجارة ، لابل حتى الصخور ، ولربما هي عينها نسمات الهواء في دوران تيّاراتها كما وانسياب ماء دجلة ، فصيغت وابتسمت كما ناجت آهات ـ مم وزين ـ … / .. ومع كلّ هذا !! أما زلت تريدني أن أتناسى ديريك الرائعة ؟ !! …
السؤال السابع : المتتبع لسلسلة مقالاتك الأخيرة وكذلك رواياتك ، يلاحظ بأنّك تطلق عياراتك النّاريّية في كلّ اتجاه . هل لك خصومة مع الواقع ، وخاصّة لا تخلو أيّ منها من الأمثال والحكم الكرديّة الهادفة ، أو بالأخرى الداعية الى التغيير مع الخفاظ على القديم القيّم
نعم هذا صحيح وأقصد الشطر الأخير من سؤالك ، لنّك تستطيع أن تهدم بناية وتعيد إعمار إخرى مكانها ، ولكنك لا تستطيع استئصال ثقافة شعب كامل هكذا كورم أو شجرة فتقتلعها ن ولكن ما أحبّ أن أطلعك عليه هو التالي .. نعم .. أنا لا أحبّ إطلاق النار بالمطلق ، ولا أستسيغه ، بل أؤمن جدا بالسلم والسلام كما الحوار الهادئ الهادف ، ولكننّي أنتقد وبعنف لفظي شديد حالات الإستغباء كما ونجاهل وعي أو ذاكرة القرّاء ، خصوصا أولئك المتقوّلين شيئا والممارسين أو حتى المنفّذين لأمر آخر ، ولا أنكر أبدا خصومتي مع الواقع ، لأنّه لو كان الواقع مثلما نتمنّاه ، لما استوجب منّا وبالضرورة ، أو لاستوفى حاجته لنا إن كأشخاص أو كتوجّهات فكريّة وسياسيّة ، وبالتالي حتى كرؤى شخصيّة .. ومع هذا فأنا لا أعتبر هذا الأمر خصومة ، لأنّ هذا الواقع هو بالذات ما أستخدمه إن كوسائل أو مواقف ، لابل وحتّى كعبارات ومسمّيات ، وبالتالي أتفاعل مع شخوصه ورجالاته الأسوياء منهم والمرضى ، ومن أتوقّع منه الصواب أتوجّه إليه فأتخذه معلّما ولربما قائدا ، وآخر كأنمزج محدّد ، أي نقطة ارتكاز للتغيير المتوخاة والمتوقع مسلكا وموقفا ، وكوني إبن بيئتي وشعبي وانتمي الى ثقافتها والتي على الرغم من الظروف القاسية التي مرّت بها وما تزال ، إلاّ أنّ هذه الثقافة ومن جديد بالرغم من شفاهتها ، إلاّ أنها ينبوع متدفّق من الحكم والأمثال ، كما التجارب ، والتي تمازجت مع ثقافات العالم أيضا ، من هنا كان تغيير الواقع من الأمور المهمّة ، أمّا هذا التغيير فحتمي أن يستند الى قديمه وعلى أساسه ينطلق …
السؤال الثامن : يبدو لنا أنّ الهمّ السياسي شاغل اساسيّ لك ، وأنّ أعمالك الأدبية ليست كلّ ما يحرّك الطاقة الخاصّة بك ؟
قد يبدو هذا فيه بعض من الصّحة وإن كان بعض من ألأصدقاء قد عاتبوني مؤخّرا لقلّة نشري مقالات سياسيّة تعني بالشأن اليوميّ ، خاصّة ومجريات الثورة السوريّة المباركة ، هذه الثورة التي لا أتفاجأ بها وبعظمتها !! .. كما وتنوّع أدوات نضالها .. أوليس جميلا أن ترقص وأنت تتلقّى الرصاص ؟ .. لابل وتصرّ أن تموت وأنت ترقص .. إذن هنا ؟ أوليست الرقصة سياسة ؟ .. وهكذا الرواية وأية كتابة كانت ؟!! .. وقد ثبت لي ومع مجريات الثورة السوريّة وتلك الحواجز التي أزالتها صرخات الحريّة المتماوجة مع آزادي .. كم نحن بحاجة الى تعريف ذواتنا في المبتدأ بأصول وجذور قضيّتنا فننطلق منها لمحو أميّة شركاءنا في الوطن فيفهموا حقيقة وعدالة قضيتنا قضية الشعب الكردي وحقوقه القوميّة المشروعة ، على الرغم من تهافت المتسلّقين والذين يخضعون كلّ شيء الى منطق البازار كما المساومة ، … في سؤالك السابق ، أنت بنفسك قلت بأنّني أدعو الى التغيير .. إذن هناك فعل ؟ !! .. نعم وهذا الفعل دافعه هو التغيير ، وهذا التغيير أفسّره ـ أنا ـ بإعادة الأمور الى نصابها .. نعم وطن جزء ـ بضم الجيم ـ وشعب قسّم ، وقد يكون هذا حلم لازورديّ أو مخمليّ .. بنفسجيّ لايهم ، أو قد يراه هواة المواطنة / اللغز ، والتي لربما سيختزلونها لنا ـ بعضهم ـ من خمسة سنوات الى ثلاثة سنوات ويستبدلون كلمة مواطن عربي سوري الى مواطن في الجمهوريّة العربيّة السوريّة !! … الخ .. د . ياسين .. لو خرجنا من جلدتنا لبقينا نمارس السياسة ، كما هو الأدب بعينه والمفضي بكلّ طاقته الى السياسة ، فالسياسة تجاوزت فن الممكن الى مفاهيم جديدة قد تكون عبارة الحراك والعمل على التغيير ، او لنسمّه بما نشاء .. ومن هنا ترى ذلك التشابك الذي ـ اقر ـ بأنني لم أستطع التخلّص منه بعد ، وبالتالي تلك النرفزة وحالة الإنفعال ، لربما ـ خاصّة ـ في وجه أولئك المتلوّنين منذ أيّامات جدّ جدّ الأمير الكبير على حدّ قول ـ آطاش ـ وتدثّرهم بقناع ـ الكامل في التاريخ ـ فتتسربل .. لالا .. فتتغربل لتصل الى ـ خالدي جارو ـ ابن ذلك الحجّار الرائع كان والده ، والذي سقى بعرقه شتلات كثيرة من نرجس ـ كفري حارو ـ ، فينسلخ من قوميّته مدّعيا نسلويّته ل ـ خالد بن الوليد ـ على سبيل المثال .. وبالمختصر فإنّ الفعل السياسي هو عينه الفعل الثقافي ولشدّ ما احتقرت المدّعين امرا ومن ثمّ ممارسين عكسه ، كما المماهاة أو التلاعب بالألفاظ والمواقف … خاصة وأنا أردّ على أسئلتك وبين يديّ نسخة مما يسمّى بميثاق العهد الوطني وفيها مافيها من ـ بلاوي ومآخذ ـ وسط أريحيّة البال للممثلين ـ الكرد المفترضين !! ـ في المجلس الوطني السوري ، لابل وحتى الرئيس منهم !! ..أولسنا والحالة هذه بحاجة الى فتح دورات تعريفيّة لأمثالهم في بديهيات تعاريف الشعوب ومفهوم الأقليات وبالتاي كم سيكون حاجتنا الى ما ـ أدّعي ـ بأنني قد تعرّضّت له !! أو إذا ما صرخت بالفنّان نصر أو يحيى السلو ، فهل تظنّهما سيسرعان الى رسم كاريكاتير لأولئك النماذج وهم يجلسون الى طاولة فيمدّون بيد من فوق الطاولة كتبت عليها استقالة ، ومن تحت الطاولة رسالة اخرى يرجون فيها بعدم الإكتراث بها !!!
السؤال التاسع : أخيرا كشخصيّة سياسية وثقافية ذو رؤية واضحة ، هل لك أن تحدّثنا عن تجربتك الشخصيّة في توظيف الطاقات السياسية والثقافية في خدمة الشباب الكورد المتحمسين لرؤية الكيان الكردي القادم ؟
أن تكون من بيئة كتلك التي أسلفتها لك سابقا ، فلا بد أن تتبلور لديك قضايا ومفاهيم ، وبالتالي تنمّي لك وفيك دروب الحياة كما دروسا وتجاربا ، وأن تؤمن بشعبك وحقيقة كينونته ، وبالرغم من الحصار التاريخي وكمرض مزمن ، أو طوق ولنسمه باسمه الصريح ، كحجر صحيّ وقد فرض على شعبك وثقافته ، ومع هذا ومن خلال ذاكرة كما أفواه الأمهات والجدّات ، الآباء والأجداد ، فتناقلتها الألسن وخزنتها كأيّة مؤونة استراتيجيّة .. نعم .. أخي العزيز .. فنحن مازلنا كذوي الإحتياجات الخاصّة ـ مع اعتذاري الشديدي وأسفي لأصحابها وبالتالي استخدامها كمصطلح ـ فنحن من الشعوب التي لاتزال ثقافتنا جلّها شفهيّة ، أو غير مدوّنة ، وهذا يلقي على عاتقنا جميعا السعي الحثيث ، لابل بذل مجهودات كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ومن هنا أكرّر نداءا وجهته مرارا ـ لأهل ديريك بشكل خاص ـ من كان لا يزال يحفظ أو يتذكر قصّتي ـ هيشمراري ـ أو ـ زا له بن عبا ـ أن يدوّنها وبأيّة صيغة تكن ، أو ليسجّلها بصوته ، وهكذا الكثير من الأمور والمرادفات كما الكلمات والأمثلة والمواقع … / كجكا جل كزي .. دارا لاوك و كجكي … دارا مرادا … شكفتا زمبيل فروش ل شكر خاجي .. كوجي أو .. شكيرا بوك و زافي ل موزلاني … / اسماء القرى والمناطق والتلال .. الخ .. كلّ هذه الأمور تنمّي الإنتماء وإن كانت ستغيظ ـ دعاة المواطنة !! ـ وبالتالي الترابط ومن ثم ايجاد نقطة الإرتكاز ، او لنسمّها الإنطلاقة ـ في فهم الخاصيّة القوميّة كما وعظمة الشعب الكردي المقاوم والصلد كجباله وصخوره أمام زحف موجات تغريبه عن ذاته .. لالا .. انسلاخه وقلعه من جذوره وبالتالي تعريبه أو تتريكه أو تفريسه .. نعم .. هو الفولكلور .. هي تلك الثقافة الشفهيّة الممارسة عبر الدهور .. هو ذلك الموّال الجبلي .. تلك الترنيمة سواءا أكانت .. / .. هري شاهينو .. / أو … / وره لاوك / .. أو / زارو حيران أز زه كولّكي ته دمّرم / .. وقد تنهتي ب / لاوكي متيني .. / ..الخ نعم هو عينه الطنبور الذي أصبح كمدفع رشاّش في مواجهة كلّ أساليب السلخ ومعها وبسطوتها كلّ أشكال وأنواع السلاح وقابلها ، نعم ويقابلها كما سيقابلهاذلك الهتاف / الأغنية الرائعة التي لربما تجسّد أكثر من الإنتماء .. نعم صديقي د. ياسين … فأنا وأنت .. أنتم جميعا تعون في المحصّلة ما تقصده كلمات أغنية ـ هزبرا لاطيما … لي لي لي لي لي..دلالا لاطيما .. / الخ .. هو التراث كما الإنتماء الواجب علينا أن نحافظ عليه ، ومنه ننطلق صوب آفاقنا وآمالنا وبالتالي .. أحلامنا !! .. وقطعي في تلازم حقيقي إن لمفهوم الثقافة كبعد عام وتقاطعه ومنطق السياسة وطبيعي ، فأنا لاأعني ترّهات ـ بكو ـ ولا تعنيني أحاييله ولا حتى تلويناته الأفّاقة !! ، إن في تزييّف الأمور أو حتى تمييعها ، ويأسه المتأزّم أصلا في اصطفافه في الضد من أنبل وأعظم الحقوق والمشاعر ـ وهنا لاأشخصن بقدر ما أحدّد الظاهرة كإنموذج أصحابها يعرفون ذواتهم أصلا !! ـ .. وبالمختصر فإن الإنطلاقة من البيئة والواقع وبالتالي توظيفها للإنتقال والإرتقاء نحو الأفضل .. هي الذات المضمّخة وعيا اجتماعيا للحفاظ على ذلك الوعي الثقافي الجمعي .. صدّقني صديقي .. هي القاعدة / الأساس ، ومنها سنستمد خاصيّة الصمود من جهة والتدرّج لنيل الحقوق أيضا …
السؤال العاشر : هل تعتقد أن الثقافة فعلا ما يزال في وسعها أن تلعب دورا في التغيير الإجتماعي ، وفي تحرير العقل من أزمته الحاضرة ؟
أن تعي الواقع وتتلمّس سلبياته فتشخّصه ومن ثمّ تثوّره ـ من الثورة ـ مسلّطا الأضواء ، إن عليها ، أو طرائق التخلّص منها ، ومهما كانت أساليبك ـ وأعني هنا ومنطق أخلاقيات الثوار ـ وقد قلتها سابقا أيضا ، لربما تكون رقصة ، أو معزوفة ، وحتى لوحة ، وكلنا يتذكّر ما فعلته الطغمة العسكريّة في تشيلي بالمغني ـ فكتور جارا ـ ، و والنظام السوري بالرائع علي فرزات ، كما وستظل حنجرة القاشوش ، مفخرة السوريين تضج كوابيسا ترعب الطغاة حتى وهم نيام .. ذلك الوعي وهذه الممارسة التي اوصلت بهؤلاء المناضلين الى هذه السويّة هي مـ أدعوه بتواضع ـ بالثقافة ، وهنا من المفترض ان يكون المثقف هو الشخص كما والمحرك إن لآلية أو طريقة التغيير ، هذا إذا ما كان ـ المثقف ـ وقد تقصدت في وضع الكلمة بين قوسين ، مؤمنا فعلا بقضاياه وممارسا فعلا لها ، وبالتالي يتحلّى بنكران ذات مشهودة له عمليا ، لا أن يسعى الى التنظير أو على هدي قول جموع ـ ملالينا ـ / به كوتني مه بكن لي بكاري مه نكن / .. نفذوا أقوالنا ولاتتبعوا اعمالنا … أما ذلك المثقف وتلك الثقافة الجادة ، فهي المؤسسة الحقيقية ن لابل النبراس كما المعول الأساس في السعي نحو التغيير كما وإنجازه ..
السؤال الحادي عشر : هل من دور للمثقف حيال الأزمة السياسية الحالية في المنطقة ؟ ماهو تصوّرك للخروج من الأزمة الراهنة ؟..
المثقف والثقافة هما جزء من الأزمة ، إن لم تكن في الأصل هي الأزمة بمفاهيمها وأنماط وعيها ، ومن دون الدخول في متاهات المصطلحات والتعاريف .. أوليس مصطلح الإعتراف بالآخر كمفهوم نظري وتعاملي ثقافة ؟ وكذلك مسألة كما وفهم أو استيعاب الديمقراطية كمسلك نظري ومعاملاتي أيضا ؟ .. أن نعي الأزمة ونحللها الى عواملها الأولية وبالتالي وسائل معالجتها ، وإيجاد الحلول ، كما البرامج الناجعة لها ، بروح من نكران الذات ، وبعيدا عن ومن آفاق وكمّاشات السلطة بأنواعها الترغيبية منها والترهيبية ، وبالتالي عودة المثقف الى خندقه ـ الأساس ـ وبمعنى أوضح ن فكّ الإرتباط ما بين ـ المثقف ـ ودواوين السلطان المستبد والنزول الى الشارع ، الى القاع وتلمّس قضايا المجتمع ، كما والهبوط من تلك الأبراج العاجية الواهية والمعشعشة كسرطان سيودي بصاحبه المتعجرف أوّلا وأخيرا … حين تستطيع أن تقول بأن ذلك المثقف فعلا يسعى الى التغيير وبالتالي ملتزم بقضايا أهله ومجتمعه .. أما أن يكون أوّل اللاهثين وبالتالي في كلّ دورة اولمبياد ـ ـ أو حلقة له هرولىة !! ..نعم .. ولعلك لاحظت معي د . ياسين .. فمنذ انطلاقة الثورة السورية المجيدة وذلك اللهاث الذي كاد أن يقطع أنفاس ـ بعضهم ـ أمام أية تشكيلة !! وأعني بها أية تشكيلة وتلك الومضات الباهتة والمتدرجة تصاعدا حينا وغموضا حينا آخرا ، وذلك فقط لإيجاد موطئ قدم !! ليس إلا .. هؤلاء مهما برعت ـ أقلامهم ـ في صياغاتها المبتورة سيكون مثلهم مثل علي عقلة عرسان أو جابر عصفور على أقل تقديلر .. لابل لقد كشفت أوراقهم وتساقطت في خريف مبكر جدا .. أما آلية وكيفية الخروج من الأزمة الراهنة .. فعلى الأنظمة أن تعي بأن الجماهير خرجت وحطّمت كل حواجز الخوف ، وهاهي المدن السورية تتعانق في نشيج راقص تنتشر حلقاتها وتتوسع فتغطي شوارع حمص وقامشلو وغدلب .. هذه الجماهير خرجت ولن تعود غلا وحريتها كما وراية النصر قد خفقت في يدها ، هذا من جهة ومن جهة أخرى الوضوح في الموقف كما والممارسة وبالتالي عدم التلاعب بالألفاظ والمواقف ، مرة هنا ومرة هناك .. وكرديّا .. ستفشل كل التصورات والتوصيفات كما المواقف التي تحاول جرجرة الشعب الكردي اليها ن وأي حلّ لقضية الشعب الكردي ستبقى ضحكة على اللحى ، إن لم تستند على قاعدة الإقرار الدستوري والإعتراف بالشعب الكردي في سورية ، وأنا أعي ما أقول ، وأتمسّك بمقولة الشعب وعلى الأرض التاريخية ، كما وتزئة كردستان بموجب اتفاق سايكس بيكو .. أجل أتمسّك بمقولة الشعب في مواجهة ـ المواطنة ـ هذه الكلمة المظلومة في سابقة للفصل قبل أن تكون ظالمة …
السؤال الثاني عشر : سؤال شخصي .. كوني من أبناء كاسان .. هل لك أن تحدّثنا عن تجربتك مع قرية كاسان التي استحوذت عنوان رواية لك .. أم لإرتباطها مع ـ درو دينو ـ وحبّه لها وانزعاجه لما يصدر من أفواه ابناء ديريك …
عزيزي الدكتور ياسين .. هو ببساطة شديدة الربط بين كاسان والتاريخ .. المجد الإمبراطوري وبالتالي / .. ىجوم .. ملك كاردونياش وأكاد وبابل وجهات العالم الرابع / .ز هم الكاشيون أو كما تقول مصادر أخرى ال ـ كاسيون ـ .. نعم نعم .. كاردونياش .ز أو .. / كاردو سري دجلات ـ الإسم التاريخي ل ـ بوطان ـ المدينة .. مرورا الى ليلان ـ كري ليلان ـ كموطن تاريخي وقد أثبت بالفعل ، ولعلها من بدايات أو التصورات العلمية المحققة ونزوح السومريين من جبال كردستان متدرجين صوب انسياح نهري جقجق والخابور الى وسط العراق بعد موجة البراكين العنيفة التي ضربت المنطقة وجعلتها منطقة عجاف وجفاف .. وهذه تقولها المكتشفات الأثرية .. هي ليلان .. الحلم .. العشيقة والحبيبة .. هي كاسان كانت كما الأزل .. وليلان غدت كما الحلم ونرجسة يانعة وقد انبثقت شتلتها في تربة كردستان الخصبة … / الا تلاحظ معي صديقي وعظمة كما جرس هذا الإسم الرائع وهم يحاولون اغتصابها … نعم شطبها غصبا ومن ذاكرتنا / .. وسأختصر في هذا الجواب المشوب بىهة وتذكّر أحبة أعزهم كنت وما زلت وطبيعي أنها ما ابتدأت بالرائع الراحل أخيك فخري وأديب وأنت والاخرين ..فقط سأهرب الى مقطع صغير من خاتمة الرواية / … كبر الهمّ ، وكبر درو ، وبقي ذلك اللحن يترنم كنشيد ، كأي ترتيل مقدّس ، فتتنقل وبأريحيّة وجرس موسيقي خارق ، لابل ، بلغة ومفهوم جديدين أعيد ويعاد صياغتها بحسب ظروفها وأمكنتها .. لابل لعله الأصح حيث يعاد ترتيب حروفها ، ومن جديد ، مثلما كانت في الأزل ، أو لعلها كما الأزل في بداياتها .. هي كانت ت كاسان ـ ومن ـ جمّ ـ ها كانت الساقية وماءها التي أطاحت بثبات وسكون الحجر ، فتدحرجت ـ دنكا ـ حجرة رحى متينة ، دارت ، ومن جملة دورانها ن طحنت تلك الحبيبات من القمح أو ما شابه ، ليلتمّ حولها مجموعة من البشر ملّت الترحال ، وبنت بيوتات ، وهذه البيوت بمجموعها اصبحت تدعى ـ كاسان ـ وأهلها تسمّوا ب / الكاسانيين / ، ولعلها منها وإليها .. لابل واحدة منها .. من تلك الأسر .. إمرأة ما ، ولدت طفلة رائعة كانت ، فيها كلّ سمات الجمال الجبلي الأخاذ ، بشرة بيضاء .. عيون تاهت فيها الألوان بتماوج موشوري رائع خلاّب .. وشعر طويل كثيف مالبث أن تجدّل .. و .. انطلقت الى البئر .. نعم الى البئر ، ولعلها هنا هي المعادلة ، ومن البئر ملأت الجرّة .. ف .. لمحها صديقنا ـ درو ـ .. نعم لمحها .. يلمحها .. لمحها .. ضاعت الأفعال في أزمانها وتسابق الماضي فيها يلاحق الحاضر ومن ثمّ يختزل أولويّاته نحو المستقبل .. ولكنه كان .. نعم قد لمحها .. أو .. ف .. يلمحها ومن جديد كانت أو … وأيضا منها بدأت الدوّامة .. عشقها وعشقها .. نعم عشقها .. فالأمر كما هو العشق هنا مختلف ، لأنّه ، وفي عمره ما احتوى العشق في مرادفته لزمن وإن تسمّى ـ هذا العشق ـ بإسم أو مكان … / .. نعم د. ياسين .. هذا هو مقصدي ن وذلك هو الإسقاط التاريخي الهام جدا .. نعم أنهم الكاسيون أو الكاشيّون وما يقوله المختصّون تاريخّيا في مرحلتهم ـ وحسب الصحافة الرسميّة السورية ـ فالآثاريون المختصون يحدّدون انطلاقتهم ـ الكاشيون ـ من ثلاثة مراكز أو مواقع اساسية ـ كشكشوكي ـ من قرى الدرباسية .. و ـ كيشكي قري ديريك و ـ كاردو سري دجلات ـ أي بوطان ، ومع هذا يبقى اسم كاسان أقرب إن الى الأصل أو الى بوطان ، وأقله فهو إسم كما وموقع يدغدغ مني العقل كما والذاكرة …
السؤال الثالث عشر : كلمة أخيرة لقراء موقع ـ صوت ديريك ـ
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من الإعتذار على الإطالة د . ياسين … فقد حاصرتني ـ بجد ـ وهذا السيل من الأسئلة فشكرا جزيلا لك وللصوت الصارخ الذي تصر أن تتبناه وأعني به ـ موقعك ـ متمنيا لك التقدم والنجاح ولقراء الموقع الكرام ، كما ولجميع القراء أقول .. خاصة من ابناء شعبنا الكردي .. الدوّامة كما العوّامة ـ وأقصد بها با بله سيسك ـ قد بدأت وهاهي تباشير ما يسمى بوثيقة العهد الوطني قد أزيح عنها الستار ولم ـ يبقى لنا نحن الشعب الكردي ـ إلا ذواتنا .. الذات الكردية التي تجب علينا والتشبّث بها .. عودوا الى التراث والثقافة الكرديتين .. واعملوا بجدّ في هذا الجانب واجمعوا ما يمكن جمعه ودوّنوه بأيّة وسيلة كانت .. حافظوا على ثقافتكم من الضياع والذوبان .. أجدادكم وآباؤكم ، ما كان باستطاعتهم حتى فكّ الحرف ، وأوصلوها ـ تلك الثقافة الرائعة ـ اليكم .. .. عودوا الى لغتكم ونقاءها .. أصيغوا السمع الى أغاني الفولكلور لتعلموا كم هي لغتكم جميلة وغنية بمفرداتها الرائعة السلسة .. وفي الختام أتمنى لكم جميعا التقدم والإزدهار ولشعبنا الكردي نيلع لحقوقه الكاملة في جميع اجزاء كردستان .. وللثورة السورية المباركة النصر الأكيد …
أشکرکم من کل قلبي علی اتاحتکم الفرصة لي ولصراحتکم في سرد الاجابات نتمنی لکم کل التوفیق …