تقديم المترجم
توقفت عند مقدمة الكاتب الكردي ياقوب تيل أرمني” تولد 1972″ Yaqob Tilermenî، في مجموعته القصصية الكردية (بالمقلوب- منشورات سي-2002: (Bermeqlûb
حيث إنه يتطرق إلى التفريق بين الذي يتداول في وسطنا اللغوي والثقافي بمعنى ” الحكاية” أو” القصة الشعبية”
Çîrok
يبقى أن من المهم الاطلاع على مقدمة تل أرمني، رغم أنها قصيرة، ولكنها ترسم تصورات وتغري بالبحث عما كتبه أكثر، ومن باب التفاعل والتواصل رغم أنها قصيرة، خصوصاً وأن إيلاء القصة المزيد من الاهتمام يثري الأدب عموماً والقصة بالذات خصوصاً، ويعمّق عالم الكاتب، من خلال اقتصاد اللغة، حيث يتطلب منه الهم القصصي المزيد من الدقة في التعبير والتكثيف شرطاً لكتابة قصة ناجحة.
ثمة ملاحظة لا بد من التنبه إليها، وهي أن الكاتب يمزج بين الجانب التفسيري لمفهوم القصة بمعنييها: القديم: الحكاية على الأقل، والقصة بمعناها الحديث: القصة القصيرة، وثمة الجانب الوصفي” الدلالي” من خلال علاقة الناس بالراوي أو الحكواتي ومقام القصة والمستجدات وتحولات الناس، حيث يتداخل النوعان، لتكون المقدمة ذاتها أشبه بقصة يمكن قراءتها من أكثر من زاوية، وفي وسع القارىء أن يلاحظ ذلك، تبعاً لذوقه الأدبي.
مقدمة” بالمقلوب” أو” بالعكس”
يجب علينا أن نميّز بين القَصَص الشعبي والقِصص القصيرة أو القصص الحديثة.. يجب ألا نخلط فيما بينهما. في القصص الشعبي، ثمة المصروف موجود، الماء موجود،وكل وسائل الصيانة موجودة. ومن أجل العمل المطلوب، كل ما هو لازم يكون تحت اليد. بصدد القصص الحديثة، ثمة ما هو مختلف يتراءى أمامنا: إننا نجهز المصروف بأنفسنا، نسحب الماء من البئر بأنفسنا، ونشكّل ما هو مطلوب بأنفسنا، بعدها يغدو كل ما هو مطلوب كما لو أنه جرعة ماء.
لهذه الأسباب، يجب عدم الخلط بين القصص الشعبي والقصص الحديثة. من أين يأتي المشكل؟
عندما عندما يقول الكرد” قصة “، ثمة شيء واحد يتجلى لهم” كان يا ما كان”. عندما أُسأَل: ماذا تكتب؟ وأجيب: أكتب قصصاً! حينها يُطرَح سؤال آخر: أهي قصصك؟ هنا أصطدم بالسؤال، وأستدعي لغات أخرى لنجدتي:
Novel, Story, Short Story, Tahkiye, Öykü.
اليوم، بالنسبة للمنهمين بالأدب الكردي، وخصوصاً هنا، المعنيين بالقصة الحديثة، فإن ثمة حمْلاً ثقيلاً على عاتقهم، إضافة إلى أعباء الطريق الذي سيسلكونه، وهو ليس واضحاً.
الأدباء سيظهرون أصول فنهم، وسيناقشون مفاهيم الحداثة نقاشاً متشعباً وإشكالياً.
بهذا المقصد يستطيعون وضع مفهوم جديد لنوع القصة، إن لم يوجد هذا النوع في اللغة.
ويمكن القول أنه في الثقافة والفن الكرديين، يوجد أساس قوي، في المضافات الكبرى، ثمة العشرات من الوجهاء، والأمراء، وملاّك القرى، كانوا يولُون اهتماماً لقَصص المغنيين الحكواتيين ويصغون إليهم. والذين كانوا يمارسون هذا النوع من العمل، وقبل أن يغنُّوا، كان لديهم عمل حكائي.
هؤلاء الحكواتيون كانوا يبنون حكاياتهم أو ملاحمهم، أو ينسجون قَصصاً على أحداث جارية.
وبقدر ما كان يتوافر هذا العمل مثل سرد الحكاية أو الغناء في هذا المضمار، بقدر ما يمكن إطلاق اسم اسم القصة عليها.
ثمة امرؤ في عمر الخمسين سنة تقريباً يجلس أسفل شجرة، شجرة عارية من الأوراق تماماً. والذين في الجوار ذاك، ما كانوا يعلمون من أين جاء عبد الله، ولا كانوا يعرفون اسمه. كل واحد كان يناديه بـ: يا عم، العم الحكواتي ، تبعاً لعمره القصير، مثل شيخ يبدو في عمر السبعين من عمره. عينه اليمنى لا تبصر كسابق عهدها.
عندما ينظر إلى من هو نظير له، فهو يغمض عينه اليمنى، حيث يخيَّل إلى أن ثمة بندقية في يده، وهو يسدد على هدف محدد. وليس من شعرة سوداء في شعره، لهذا السبب أيضاً، فإن الأطفال وحتى العجائز، الجميع ينادونه بـ” العم الحكواتي”. والحكواتي المتواضع والأليف، ليس متضايقاً من هذا الذي يجري. إنه يتمنى أكثر، لو أن الناس يقصدون الشجرة العارية أكثر، ويصيخون السمع إلى قصصه تحت الشجرة .
أمضى الذين عاشوا مع قصصه زمناً طويلاً وهم يتحلقون حوله قياماً وقعوداً. وعندما تحول الزمن، استكثر عليه الناس سلام الله. عندها أخذ الحكواتي قصصه إلى حيث يكون الناس العاديون، وهذه أيضاً لم تدم طويلاً. العم الحكواتي أوجد طريقاً جديدة. لقد زرع في الصحراء شجرة، واتخذ أسفل الشجرة مأوى له. عندها كان يسرد حكاياته للشجرة ليل نهار، تعرَّت الشجرة من أوراقها، ولم يبصر أحد ورقاً لتلك الشجرة ثانية. عدة نساء رغبن أن يربطن إلى أغصان الشجرة أوشحة وقطع قماش، لكن العم الحكواتي وقف لهن بالمرصاد، وحمَى الشجرة العارية من الزيارات الدينية.
أقبل اليوم الذي قصد فيه أولئك الذين يتألمون على الأدب، تلك الشجرة العارية من الأوراق والعم الحكواتي. وفي البداية أصاخوا السمع بتركيز إلى العم الحكواتي، وفي النهاية، سردوا هم له قصصهم. استحال أسفل الشجرة محطَّة زيارة، ولقد أصبح ممن تتراوح أعمارهم بين أحد عشر عاماً، وهم من الأطفال، وعشرين عاماً، وهم من فئة الشباب، هواة القصص الحداثية.
وفق هذا الانجذاب، خرج العم الحكواتي بمقترح إزاء كتاب القصة.
بحسب اقتراحه، سيكون هناك تقديم نشاط قصصي، حيث يكون هناك ثلاثة من المعروفين في كتابة القصة، وعلى مدى ثلاثة أيام متواصلة، وكل قاص سيقرأ لجمهوره ثلاثاً من قصصه. وقبل البدء بقراءة القصص، سيحاول كل منهم، التعبير عن فكره في هذا الشأن أيضاً. وسيشرح كذلك مسيرته الإبداعية لمستمعيه.
تم تبنّي المقترح في الحال، وقرّر البدء بالنشاط.
ثلاثة أشخاص بأسماء جكرخوين: الجريء، جكرنار: مرهف الإحساس، جكردار: الشجاع، تم انتقاءهم من منظور العم الحكواتي، ككتاب قصة الأكثر حضوراً في الساحة، وقد تمت الدعاية لهذا النشاط في بطاقات في أرجاء المنطقة قاطبة. وتضمّنت النشرة الموزعة جائزة مهرجان القصص القصيرة.
بهذه الطريقة ثبّت برنامج المهرجان وتم توزيعه.
في اليوم الأول، يفتتح المهرجان بكلمة العم الحكواتي. العم الحكواتي، بعد كلمته الافتتاحية، سيقرأ قصة له للجمهور. وفي كل الأيام، سيتكلم عن كاتب القصة، وسيقدّم أولاً ثلاثاً من قصصه.
في اليوم الثاني، سيعرّف جكرنار بنفسه، وسيقدم ثلاثاً من قصصه للجمهور.
في اليوم الثالث، سيطل جكردار عبر نافذة القصة القصيرة من الخارج، وسيقدّم ثلاثاً من قصصه للجمهور.