إعداد وتقديم: خورشيد عليكا
كُثر الجدل واحتدم النقاش حول سوريا المستقبل هل ستبقى دولة بسيطة موحدة كما كانت عليه، وبالتالي جميع مؤسسات وهيئات الدولة وسلطاتها الثلاث (التشريعية –والتنفيذية- والقضائية) خاضعة للمركز أم أنها ستتحول إلى دولة مركبة (دولة اتحادية) لا مركزية وما نوع تلك اللامركزية أو شكل هذه الدولة (الاتحادية).
وقد أثير هذا الجدل وأشتد النقاش في الوسط الكردي أكثر خاصة بعد انعقاد مؤتمر المجلس الوطني الكردي بتاريخ 26 تشرين الأول 2011 وإصداره البيان الختامي للمؤتمر وما دار حول مسألة حق
كما تعددت الآراء والتفسيرات حول مفاهيم شكل الدولة اللامركزية وحول حق تقرير المصير وكل حسب وجهة نظره ووفق أجندته الخاصة دون استثناء أو تبيان ما المقصود بتلك المفاهيم حسب ما هو وارد في القانون الدولي لهذه المفاهيم لذلك كان هذا الجهد المتواضع للأستاذ صبري ميرزا لبيان وجهة نظر القانون الدولي لهذه المفاهيم وليس في هذا أي أبداع فكردي أو سياسي وإنما هو توضيح وبيان لرأي القانون الدولي والذي كان يصعب لكل شخص الاطلاع عليه لبعثرتها وتشعبها في بطون كتب عدة – محاولن قدر المستطاع تقديمها بأسلوب مبسط ليتمكن القارئ من فهمها بكل يسر وسهولة.
ثم حاول بعد ذلك بيان مدى مطابقتها للواقع الكردي في سوريا وبيان ما يحق للكرد وعلى ضوئها المطالبة بالحقوق ووفق تلك القوانين والقرارات والمواثيق الدولية بغية سد الطريق أمام كل محاولة لتشويه أو تقزيم سقف المطالب أو الغلو بها حسب نظرة صاحبها وتوجهاته.
وكذلك حاول قدر الإمكان ترتيب هذه المفاهيم وتسلسلها بحيث يمكن استيعابها وإدراكها بشكل أفضل- فبدأ بتعريف الدولة ونشوئها وكذلك أنواع الدول من حيث التكوين ثم أوضح حق تقرير المصير (حق الشعوب في تقرير مصيرها) ومدى مطابقته لشكل دولة المستقبل (سوريا) ثم بحث في حقوق الأقليات وحقوق الشعوب الأصلية كما وردت في إعلان الامم المتحدة (دون أي تعليق) وبين موقع الشعب الكردي في سوريا وأحقية مطالبه على ضوء المواثيق والقوانين كونه شعباً أصيلاً يعيش على أرضه التاريخية وتناول حقيقة وجود الشعب الكردي في الرقعة الجغرافية التي يقطنها أباً عن جد.
وتحدث الأستاذ صبري ميرزا عن شكل الفيدرالية التي يطالب بها الكرد على أرض الواقع وفي الظروف الملموسة لسوريا؟ وبأن التقسيمات الإدارية الحالية قد ألحقت ضرراً كبيراً بقضية الشعب الكردي أضيف إلى الغبن التاريخي الذي ألحقته الدول الاستعمارية بعد تجزئة بلاد الكرد (كردستان) وتقسيمها إلى أربعة أجزاء بين (تركيا –إيران –العراق -سوريا) بموجب اتفاقية سايكس بيكو وملحقاتها.
فقد أقدمت فرنسا – الدولة المنتدبة على سوريا على تقسيم المنطقة الكردية إلى ثلاثة أجزاء وألحقت كل جزء بإحدى المحافظات (عفرين -حلب) و(كوباني -الرقة) و(الجزيرة -الحسكة) وتعادل مساحة الحسكة ضعفي ونيف مساحة لبنان، وذلك تحت الضغط التركي، تركية التي كانت تعارض قيام أي كيان كردي في سوريا وكانت تهدد الغرب دوماً في حال عدم استجابة مطالبها فإنها ستلجأ إلى الاتحاد السوفييتي حيث الشبح الشيوعي الذي يرعب بها الغرب.
ومن الملفت للنظر بان المسافة بين محافظتي حمص وحماة أقل من 50 كم وكذلك بين اللاذقية وطرطوس وكل منها محافظة، بينما المسافة بين القامشلي والحسكة 85 كم والمسافة بين الحسكة والمالكية (ديريك) أكثر من 200 كم وهاتان المدينتان مناطق تابعة للحسكة.
فمن حق المرء التساؤل لماذا لا يعاد النظر في هذه التقسيمات الإدارية، فلو كانت مدينة القامشلي مركز محافظة تضم (ديريك –جلاغا –تربة سبي –عامودا –درباسية –رأس العين) وعلى نفس المنوال –كوباني وعفرين لكانت المنطقة الكردية (كردستان الجنوبية الغربية) واضحة المعالم والجغرافية، ولما كان هناك أي داع لمثل هذه التساؤلات.
لذا فقد رأس الكاتب أنه يتوجب على الساسة الكرد والحركة الوطنية الكردية المطالبة في سوريا المستقبل وبقوة برفع هذا الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الكردي في سوريا وقضيته كشعب يعيش على أرضه التاريخية وإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية الحالية لإعادة ترسيم المنطقة الكردية – الإقليم الكردي –هذه المهمة التي لا تضاهيها أي مهمة.
ويقال حينا إن منطقة تل أبيض ذات أغلبية عربية وتفصل الكرد شرقاً وغرباً إلا أن هذا الأمر بعيد عن الصحة وقول مردود للأسباب التالية:
1. إن بلدة تل أبيض يشكل الكرد نصف سكانها.
2.إن القرى الكردية المحيطة بالبلدة من الحدود التركية وبعمق أكثر من 5 كم داخل الأراضي السورية وعلى جانبي البلدة قرى كردية (سكانها من الكرد).
3.كما قد بين الكاتب في مسألة الإقليم –بأنه ليس من الضرورة أن يكون الإقليم متصلاً جغرافياً، حسب وجهة نظر القانون الدولي، فالجغرافية السياسية قدمت لنا أمثلة على هذا الصعيد منها على سبيل المثال لا الحصر: باكستان الشرقية والغربية، كانت تفصل بينهما مسافات تجاوزت آلاف الكيلومترات. والوحدة بين مصر وسوريا، لم تعق المسافات الشاسعة التي تفصل بين الكيانين من تحقيق الوحدة بينهما، أضف إلى ذاك الدول الجزرية مثل اليابان –إندونيسيا –الفلبين…
4.بلدة تل ابيض يمكن أن تبقى ضمن الإقليم الكردي –على شاكلة مدينة كركوك الكردستانية وماردين ففي هذه المدن يعيش إلى جانب الكرد –العرب –التركمان.
5.ليس بالضرورة أن يكون شعب الإقليم متجانساً والدليل على هذا القول نشوء الكيان السوري دون إيلاء مشكلة التجانس أي أهمية.
وأخيراً أكد الكاتب بأنه لم يشهد التاريخ يوماً على وجود صراع كردي –عربي، بل كان هناك صراع كردي –تركي، عربي –تركي، كردي –فارسي، عربي –فارسي، مع انتفاء أي إشارة إلى وجود صراع كردي –عربي، وكان يسود هذه العلاقة على مر التاريخ جو من المحبة والتآخي السائد بين الشعبين باستثناء ما أثير من بعض حساسيات في أواسط القرن الماضي. وعلى أيدي أنظمة قمعية كانت تقمع الشعبين معاً لخدمة أجندته ومصالحه الخاصة –فمصلحة الشعبين في وحدتهم وتلاحنهم للصمود أمام تحديات المستقبل.
وأكد الكاتب بأنه لا بد من العمل على تمتين العلاقة الأخوية والمحافظة على الوحدة الوطنية –الوحدة الوطنية الحقيقية، وبانه لا بد من احترام خصوصية البعض وبناء سورية الغد سوريا لجميع أبناءها –فالأوطان لا يحميها إلا شعوبها. (وطن حر لا يصونه إلا المواطنون الأحرار).
والكتاب عبارة عن 96 صفحة من القياس المتوسط وستكون أضافة قيمة للمكتبة الكردية ولا بد لجميع المثقفين وأطراف الحركة السياسية الكردية الاطلاع عليه لما له من رؤية حقيقية توضح الحل الفيدرالي للمنطقة الكردية في كردستان سوريا.