المثقف..!! من يبغي الإصلاح والرقي «لنفسه وللمجتمعات»

بقلم: خليل مصطفى

المشاعر والعواطف الجيَّاشة رُبَّما ( ويغلب عليها التأكيد ) قد تُعبِّر عن محبة صاحبها للآخر ، ولكنها ليست وحدها دليلاً على المحبة الصادقة (للإنسان) تجاه الآخر (فحسب).!؟ بل لا بد وأن ترافقها مبادرات عملية خيريَّة (متتالية)، ليتحقق البرهان على مصداقية المُحبْ في محبته للآخر ..!! فالمحبة ( كمكنون ايجابي ) تعبير عن تلازم واندماج لأقوال المُحِبْ مع أفعاله تجاه من يُحبْ.! فالمحبة = طاقة الأقوال + طاقة الأفعال .! تلك هي معادلة المحبة الصحيحة، والطاقتان تعني: الطاقة المعنوية المباحة (الأقوال) والطاقة المادية المباحة (الأفعال)، وهما متلازمتان وأصحابها يُحمدون عليهما في الدنيا والآخرة، ويرضاهما الإنسان ويحبهما لنفسه ولغيره (الآخر) ..!! وهما تتجسدان (فعلياً) على أرض الواقع ، من خلال كف يده عن أخذ حقوق الغير ، وعدم حسده لهم ، وكف بصره ولسانه عن أعراضهم ، وعما يؤذيهم (يغضبهم) .!؟
وعلى ذلك فالإنسان المثقف (الواعي) المُحب ، لا يرضى ببقاء الآخر (غيره) عنصراً سلبياً في مجتمعه ، كأن يكون منزوياً، أو حاضراً وغير مبادر، أو فاقداً لأيِّة قدرة فعل ايجابية تخدم الجماعة التي يعيش معها .! بل يكون ( المثقف) البادئ والمثابر على إرشاد أفراد مجتمعه ، والعامل ( كالمهماز ) المُجدّ والنشيط ، لتحقيق أفضل مستلزمات العيش المشترك الآمن لأبناء مجتمعه ، ومنطلقاته ملكاته الخيريِّة ( إيمانه ) ، وبالتأكيد يكون مُبادر اللحظة (الأولى) في الوقوف بالمرصاد بوجه نوازع الشر ، ويُملي ( بحكمته ) النصح الصادق ( الحسن) أو الرأي السديد ، في الوقت والمكان (حيث هو فيه) ..!! تلك حقيقة التوصيف الطبيعي ( الحقيقي ) للأدوار المناطة بالمثقف الواعي المُحب لكل أفراد مجتمعه (المثقفين ــ في حالة الجمع ــ) ..!!
ولكن كيف هي حالة الإنسان المثقف (المثقفين) في واقع مجتمعات الشرق أوسطية ( الحالية ) ..!؟ فحال الأغلبية منهم  تشبه حالة غالبية الشعراء الهائمين في بحر أحلامهم ( يقولون ما لا يفعلون ) .!؟ وهم بعباءة الكبر ( الخُيلاء )  يتدثرون ، وضربوا على أنفسهم طوق النفاق ( ربطاً ) ، فباتت أقوالهم تطغى على أفعالهم ، وأصبح الناصح ( منهم ) غير منصوح (بحد ذاته) .!؟  فَيُعْجَبُ السامع لأقوالهم أو القارئ لكتاباتهم فيظن بالملائكة وقد تقمصتهم ، ثم ( بُعيد حين ) يُصْدَمُ السامع والقارئ، ليجدهم قد فارقوا ( بعناد ) كل مبادئ القول الحسن والنصح الصادق ( في تعاطيهم اليومي )، بل نحروا بخبثهم جمال القيم الإنسانية .!؟
وبالمحصلة : فغالبية النخب المثقفة ( الحالية ) في مجتمعات الشرق الأوسط ، لا معنى لوجودهم ( بصورتهم الواقعية ) ، فهم أنفسهم أهملوا ( بل هدَّموا) قواعد الثقافة ، والتطور ، والرقي . فالكلمات المنمقة والشعارات الطنَّانة التي تلهب مشاعر الجماهير (البسيطة ) وتدغدغها ، هي في حقيقة الواقع لا تنمي ثقافة الأفراد ، وبالتالي لن ترتقي بالمجتمعات الشرق أوسطية إلى مراتب الثقافة الرفيعة ، وعلى ما سبق :  لعلَّ غالبية نخب المجتمعات الحالية (المثقفة) ، لم تر ولم تستمع ( لما حولها ) ممن على الأرض التي تسير عليها ، فتُعقل قلوبها وتسمع آذانها .!؟ ولأنها تُدْرِكُ حقيقة رغباتها الهادفة لتحقيق شهواتها ، لذلك يصعب عليها الجهر بمكنوناتها ، التي تدفعها للسعي إلى كسب الشهرة ، فقط لتتخذ لشخوصها قاعدة شعبية من المُتخلفين ، تستند عليها ( تمطيها) للعبور إلى طموحاتها ( السياسية ، وأهدافها المادية ) ..!؟ وعقلاء المجتمعات من المراقبين يؤكدون (وأشاطرهم الرأي) على حقيقة أنَّ (أغلبية النخب المثقفة الحالية) أصبحت في أمسّ الحاجة إلى من ينصحها ويرشدها (إن قَبِلَتْ ..!؟) ، إلى السبل النبيلة (المواصفات) التي تميز المثقف (الناضج والصادق والواعي) ، الذي يبغي الإصلاح والرقي لنفسه وللمجتمعات ..!؟

  11 / 10 / 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…