معايدات قرابين الأضحى

إبراهيم اليوسف

يقرع الأضحى الباب السوري، يدفن رأسه في طين خجله، وهويستعرض رائحة الدم على حبال غسيل الحرية، بين يديه قوائم بأسماء الشهداء، والجرحى، والأسرى، والمهجَّرين، يتمتم على استحياء: لم أكن أقصد كل هذا، أي سهوارتمى في دبقه الجزَّار، وهويمارس لعبة الدم، كي يتجاوزأباه في امتحان الذبح، والتجويع، والخراب، ليؤكد أنه من صلب اللوثة ذاتها، اللوثة التي كانت درس الأبوين الأول، مع الحليب، والإيماءة، واللعبة الأولى:
 كم قتلت؟
سؤال الأسرة الساحر، تتدحرج صوبه الإجابات، من كل لدن، كي يزفَّ بشارته السوداء، في ثوب الخيلاء:هاأنا، وتظلَّ دماء المجازتقطرمن بين أصابعه، ومن فمه، ومن عينيه، ومن خطواته، ومن حديثه الكريه، ومرآه، أنى عادإلى صفحة المرآة، يحقق الحلم ذاته، حلم الطفولة الأول، كي يبزَّأبطال قتلة الأسطورة، وأفلام العنف، يسوِّي ياقته، يسوِّي جلسته، وهويتابع مؤشِّر”شلال الدم اليومي”، متنفساً الصعداء، كلما تجاوزت أرقام اليوم الأمس.
قرابين
قرابين
قرابين
من عين ديوارإلى نوى، القاتل واحدٌ، والضحية واحدٌ، والوطن واحدٌ، والحلم واحدٌ، ودرب الحرية واحد..!
سوريا:
أينما كان السوري، فهو يفتح روزنامته، الليلة، الساعة12 مساء، كي يستعدَّ أن يكون في حرم عيد أضحى ثان، وسنة ثانية، تكاد تجر أذيالها، مدماة،  ليكون وطنه الجريح، بهذا،مهاد أنبل، وأعظم، وأطول، ثورة، في المنطقة، قاطبة، وهو موقنٌ في قرارته أن مفردة”العيد” باتت تسجل اغترابها من روحه، إلى الدرجة التي يكاد ألا يعرفها، والسوريُّ أياً كان اسمه، أحمد، أو آزاد، أو جورج، أو غيرهم، كلهم مطلوب للألم، وإن راحوا يشرعون نوافذ الأمل، في انتظارأن تنهض شجرة الحرية، تفكّ عن جذعها، وأفنانها، حبال السفاح، وهي تلتف حولها، في هيئة أفعوان، بات يدرك أن لامكان له البتة، بعد أن قرأت سمومه في كل حدب وصوب. سفَّاح، تضيق به الأرض، كلما وسع دائرة الدم، لأن المكان الموسوم”سوريا”، لن يرتاح على ترابه قاتل، ولن تطول له سلطة، مادام أنه خان الجهات جميعها، خان عهداً صعد على سلالمه، وهو يظن أن الملك حيث حلمه السرطانيّ، بيد أنه خاسراً، مدحوراً، يسقط إلى القرارة، كما هو قرار وطن جريح، ومواطن ثائر..!.

شبَّال إبراهيم:
عام ونيِّف
عام  ونيِّف على ذبذبات الضحكة الأخيرة التي سجلها ألند
عام ونيف  على صورة ألين
عام ونيِّف  على  تلويحة لوند
عام  ونيِّف على سيماء الزوجة الصابرة
ابنة النهر والجبل الكرديين
عام ونيِّف على المظاهرة الأخيرة
عام ونيِّف على الخطوات بين حيّ قدوربك  والحيّ الغربي
وثمة صوت
لايزال
يسير على الأرصفة
أمام جامع قاسمو..!

حسين عيسو:
الكتاب مغلق على الصفحة2011
ثمة حبر قليل
كي تصل القصيدة إلى أوّلها
أخبار كثيرة:
رحيل صديق
استشهاد بطل
مجازر
قوس قزح
وأشجار
تطلع بين تل حجر والصالحية وغويران
تعلِّق على أغصانها
كواكبَ بأسماء بيضاء.

جكرخوين ملا أحمد:
قائمة أسماء المعتقلين
لاتزال ترددها
ناسياً
اسمك
وتاريخ الولادة الجديدة
بمايشبه صورة ذلك البيت في الحي الشرقي
من مدينة
اسمها قامشلو
تفرد أجنحتها
في انتظارك..!.

دارانواف عبدالله:

بين قرية موغلة في أشجارها

وزرقة الصباح
في الحي الشرقي بقامشلو
ودمشق
مسافة
من حبر
وحلم
وشاشة كمبيوتر
وكيبورد
وأم
حنون
لاتزال
تنتظر..!

آزاد محمد عطا:
تقهقه في أعماقك
وأنا أسمي خاطفك
خطأ:
– هل تلتقي هناك بأبي عادل؟
– هل تلتقي هناك ببهزاد دورسن؟
قل لي ياعزيزي..!:
هل ثمة أسماء أخرى
نسيتها
وهي تشرب معك شاي ليلة العيد
في انتظار إشارة من سجان
لا يحتاج ألمك
إلى ترجمة
كي يفهمه..؟!

في بقية حبر الضوء:
أسماؤكم كثيرة
ها أنا أحرِّرها
في سرب كامل
يحلق
عالياً
بين جهات خريطة سوريا
كلها
تبصق في وجه ذلك الطيار
وهو يضغط بأصبعه
اللئيمة
على زرِّ الخيانة..!

25-10-2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…