آرشف أوسكان يعيد النص إلى لغته

كتابة: إبراهيم اليوسف
 
على أية صورة أخيرة
أغمضت عيناالشاعر
 في هذا المساء
الباهت
حيث جسرتنسى ذاكرته الجهات
حيث قارة تتدرحرج على الرصيف الخجول

حيث صراخ يحتاج إلى ترجمان غير محلف
حيث كردية باهظة الدم
باهظة الأساطير
باهظة التواريخ
باهظة الأسئلة
حيث سماء تتكوَّم عند باب شقة مرتبكة
حيث قصائد في منتصف الحبر
مسجّل صغير
وطاولة
ومناديل مؤجلة الورد
حيث  رفيقة درب الشاعر
تهتدي إليه في “هامبورغ”
مع السرب المتأخر عنه
قليلاً
 حيث درباسيته
ذاتها
تشير إلى نياشين في أحمر الدم
أسماء شهداء
قريبين من الكواكب المعلقة في الكرنفال
ساهرة على صدى أصوات “لآربيجي”
ورائحة الدم
وأخبار الأهلين
في خيط السبحة
في فرمان عثماني جديد..
ملاعب الطفولة
ذاتها
الحوائج التي ودعتها على عجل
كقبلة مختصرة لأبوين
لهاث منهزم
عين شاخصة على رأرأة بعيدة
وطريق القرية الترابيّ
بين يدي البرد
لايزال في حوجلة الاضطراب
الصور تأتي تترى
الأصدقاءُ
رسائلُهم الأخيرة المتبادلة
صفحة “البروفايل” المفتوحة
على الذُّهول البري
وأطفال يستيقظون صباح غد
على صورة  أب في إطار مطعون بالسواد
الأطفال أنفسهم
كلّ باسمه الذهبيِّ
كل بالقبلة الأخيرة لبابا
قبالة مواعد ليلة رأس السنة
يجرجرون قطارات الذّهول وراءهم
لكأن zevi
كانت اليوم
تماماً
لكأن سيارة “الكيا” البيضاء
تقف أمام بيوت أصدقائك
تودعهم واحداً واحداً
على أمل أن تلقي ظلالاً طويلة رافقتك
في نهر الإلبه
تدفن في “ساعة يدك”
سنوات باهظة
من الترقب
وقطرات “السيروم”
وأسماء المستشفيات
باللغات الغريبة
بين مسفط رأسك
وقامشلي
والرياض
وبرد المكان الجديد
يحيلك إلى كراريسك
ودفء الحلم…
-لقداقترب الموعد….!
تبرق بيوت الطين
فجاءة
الأخبار تتواتر
وقع أقدام الغرباء
الباردود
الشواء الآدميُّ
المشاهد السريعة
في قطارات صباح الأسبوع الأخير
من تشرين الثاني
وصيتك
في شكل قصيدة أخيرة..أخيرة…
عينا الطبيب الألماني
تنثران رذاذ الأمل
تستحثُّ شاشة الرائي
تأتيك بأسماء الأصدقاء
يعبرون الحدود إلى الجهة الثانية
يعبرون..كي يعودوا
يعودوا كي يتعرفوا على ملامحهم من جديد
لتضلك التلويحة المنكسرة
في قرية
تجلس القرفصاء
منذ أول جرس هاتف الموبايل
تحتفظ لك بأثر خطواتك
للمرة الأخيرة….
تستعيد صوتك
أخضر
راكضاً
بأقراص مدمَّجة
وكتب قليلة
ودفاتر
ورائحة
وتراب يعود في تابوت بارد
في انتظار
جهة
لاتزال تسير إليها
بلهفة جريحة….!
 
25-11-2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…