الحرباء

غسان جان كير

حدثنا العطال البطال قال: لما اشتد علينا الحصار والكل في اسبابه محتار , أهي عصابات سلفية , أم جيش النظام والمنحبكجية , فانقطعت عنّا الامدادات , وعانينا البرد والجوع فرادى و جماعات , وتضاعفت اسعار المواصلات , انعدمت بيننا والعالم الاتصالات , وكثُر الضغط على الجمعيات الخيرية , وبقيت الاراضي غير مفلوحة في البرية , وأخذت المحال تتفرّغ من البضاعة , والأطفال يتوسلون الحليب بضراعة , والكهرباء باستحياء لا تزورنا من النهار سوى ساعة . ولزِم الناس بيوتهم , لا يعرفون لِمن يشكون همهم , وفرغت الشوارع من المارة في الاماسي , وانطبعت المدينة بالمآسي.
و إزاء هذا الوضع المزري , و مما خبرناه من جولات الكر والفرِ , اهتدينا الى سلاح التكيف مع الحال , ودوام الحال من المُحال , فقُمنا بضبط إيقاع الحياة مع لمحة الكهرباء , نستغل وصولها دونما إبطاء , واعتمدنا على الكهرباء في الطعام , فتبدّلت أوقات الغداء مع الايام , وصار بالأمر المألوف , أن ترى طاهية على البيوت تطوف , بعد مُنتصف الليل , و في يدها بيل , تسأل جارتها بعض الكزبرة , أو ملحا او ملعقة من المحمرة , فإذا ما تبدلت أوقات التقنين , فخُطط مُجابهة الحالة لا تخلو من المرونة و اللين.
ولمّا تبدّل التقنين , وصارت الكهرباء تصلنا في الصباح , أيقظتني زوجتي يوما بكل إلحاح , مُنبّهة إياي بان التقاعس غير مباح , أن علي شراء الخضار على عَجَل , و أُفاصل في الاسعار دونما خجل , وأن ارجع الى البيت على وجه السرعة , قبل أن تنقطع الكهرباء فتجفّ في مآقينا الدمعة , فقلت : شبيك لبيكِ , خادمك بين يديكِ , وبينا أغذُّ الخُطى , وإذ ب (بعثيكو قربانو) يتهادى في مشيته كما القطا , فاستوقفني بوجهه المُتجهّم , بدى لي وكأنه لبعض الاخبار مُستفهم , وأخذ بالحديث حيث الطول والاتساع , مُحللا – وفق رؤيته العفنة – الاوضاع , مُتّهما المعارضة بالعمالة للنظام , فأدركتُ انه يعاني حالة انفصام , فسألته وقد ايقنت من توبيخٍ سيطالني من زوجتي , وأردت بالسؤال إفراغ كربتي , فقلت : الويل لك , لا ابا لك , فكيف كُنت ترتشي , وبالهدايا الفخمة تنتشي !!!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…